لنقف بداية دقيقة صمت حدادا على إستشهاد إمام الفقراء والأرامل والأيتام الإمام علي بن أبي طالب “ع” الذي أستشهد يوم أمس بعد أن أسقط عليه قاتلوه 100 كيلوغراما من الذهب الخالص في مدينة النجف الأشرف، بالأمس فجّر الأفّاقون طريق الفقراء والأيتام والأرامل الذي سار فيه الأمام رغم وحشته وقلّة سالكيه، بالأمس جال بن ملجم بسيف ذهبي هذه المرّة وليفلق هامة علّي وهو يسجد من أجل الفقراء المسروقين بأموالهم وأعراضهم وكرامتهم وأمنهم ووطنهم، بالأمس خنقت العمائم في النجف الأشرف علّيا محذّرة إياه من حث الفقراء على الثورة ضد الظلم لأن الظلم من صنيعتها مهددّة أياه بتهمة الشيوعية.

 

عذرا علّي أوَ لست القائل لسبطيك ” قولا الحقّ، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا”؟ ها نحن في عراق العمائم وأحزابها الظالمة ننهل من وصاياك ونرفع اليك مظلومية فقراء شعبنا ضدهم ونريد منك العون كونهم يقتلون ويسرقون وينتهكون الأعراض ويبيعون البلد بإسمك… …. آه أعذرني أيها الإمام لقد ذهب عن بالي من أنهم قد سجنوا جثّتك الطاهرة بعد قتلك في ضريح مذّهب ليجدد بين فترة وأخرى بأموال الفقراء، لقد ذهب عن بالي من أنّهم وضعوا لنا في طريقك الذي هو طريق الحقّ والثورة ضد الظلم أبالسة مسّلحين بسكاكين وعصي وكواتم صوت.

 

عذرا علي، فقتلتك لم يكتفوا بقتلك لوحدك فقط فها هو تلميذك وصديقك البار أبا ذر الغفاري يُقتل في ربذة من ربذات العراق وهو يتلو “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم” بعد أن رأى عمائم العراق وأحزابهم يريدون أن يجعلوا منك أيّها الزاهد كانزا للذهب والفّضة وأنت في لحدك بعد أن فشلوا وقتها في جعلك من حزبهم الشيطاني. أنت الذي لم تنم يوما مبطانا، أتعرف كم عمامة وكم من أحزابهم ينامون مبطانين وهناك من يمص نواة في دروب العراق المتربة؟

 

عذرا علي، أوَ لست القائل “قد أعَدّوا لكل حق باطلا، ولكل قائم مائلا، ولكل حيّ قاتلا، ولكل باب مفتاحا، ولكل ليل مصباحا”؟ فها هي العمائم ومعها أحزابها تأتينا بباطلها ذهبا لمرقدك والحق يفترش الارض ويلتحف السماء في صحارى العراق، وها هم يمتشقون مختلف أدوات القتل بإسمك أيها القديس للأسف الشديد ليقتلوننا ، وها هم عندهم لكل بنك ومصرف مفتاحا لسرقتنا نحن الفقراء، وها هم يمتلكون مصابيحا تنير لهم دروب الموت والسرقة ونعيش نحن في ديجور مستمر بعد أن حوّلوا حتّى النهار الى ديجور.

 

أيتها المرجعية في النجف الأشرف أيهما أحوج لـ 100 كيلوغراما من الذهب الخالص، علي إمام الفقراء أم ملايين المهجّرين والنازحين والفقراء؟ أيهما أقرب الى الله تعالى تذهيب قبّة أكثر الناس عدلا في الإسلام أم إشباع بطون غرثى وما أكثرها في عراقنا المسبي؟ أيّهما أكثر عدلا أن نرى قبّة أمام الثكالى مذّهبة أم نرى الثكالى طاهرات الذيل عفيفات بعيدات عن سوق المتعة؟ أيهما أكثر فائدة قبّة مذّهبة أم مدرسة لأطفال ومشفى لمرضى لا يملكون شروى نقير؟

 

لقد كان علي مخبئا للفقير وسترة للضعيف وكانت دموعه لحرارتها توقد نارا لمن لا نار له، فلماذا تريدون سرقة تاريخه وتراثه؟ لماذا تريدون سرقة وصاياه ومثله وقيمه؟ لماذا تريدونه للمال والذهب جامعا وهو القائل بالخورنق وفي يوم شتوي بارد “والله ما أرزؤكم ـ أنقصكم ـ شيئا وما إلا قطيفتي التي أخرجتها من المدينة ” .

 

إن تصريحات المسؤولين عن العتبة العلوية حول الذهب المقّدم من قبل البنك المركزي العراقي لتذهيب قبّة الإمام علي “ع” على أنّها أشترتها من البنك وليست هبة منه، هو كالعذر الذي أقبح من ذنب. فلو صدّقنا ما تقوله “كون الكذب هو ديدن حاكمي العراق” من أنها أشترت الذهب فمن أين جاءت بالأموال، من جيوب الفقراء أم هبة من الأغنياء؟ أن كانت من جيوب الفقراء فالفقراء أولى بها في أيّامهم العجاف هذه وإن كانت من جيوب الاغنياء فالفقراء أولى بها أيضا خصوصا وأن أكثر الأغنياء هم لصوص للمال العام.

 

أن المنافسة الشيعية السنّية لأستحمار الناس تجري على قدم وساق فها هو الوقف السني يبني مساجدا في مراكز أيواء النازحين بدلا من أفتتاح مدارس ومستوصفات وتوفير لوازم العيش الآدمي لهؤلاء النازحين وكأن الله لا يعبد الّا بالمساجد. والمشكلة الأكبر هي أن بيوت الله هذه ” حسينيات وجوامع” تحرق وتفجّر ويقتل فيها عباد الله. كفّوا بالله عليكم من سرقة شعبنا بأسم الدين.

 

يقال أن العدل أساس الملك وهناك من يقول أن العدل أساس الدين، ولم أرى بيتين من الشعر في التراث الشيعي أدّق في الوصف من موت العدل كما جاءت بهما “سودة بنت عمارة الهمدانية” والتي قالتها وهي عند “معاوية بن أبي سفيان” إذ قالت عن الامام علي وعدله الذي تبتعد عنه العمائم وأحزابها..

 

صلى الإله على روح تضمنها         قبر فأصبح فيه العدل مدفونــاً

قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً         فصار بالحق والإيمان مقروناً

 

لم أرى أحدا رعته المرجعية أو المؤسسة الدينية السنّية أو الأحزاب الطائفية الّا لصّا وثرّيا ويقابله جيش من الفقراء…. أفهكذا كان علي.