لا اعرف لماذا يخطف القدر ( الموت ) منا الشخصيات السياسية الوطنية النزيهة والكفؤة المؤمنة بالمبادئ والقيم الوطنية الحقة والمناضلة ضد الاضطهاد والاستعباد والظلم والاستبداد في الظروف الصعبة والتي يحتاجها الشعب لخبراتهم وتجربتهم لتجاوز تلك الظروف، ولأجل تحقيق أهداف الأمة والشعب في التحرر والتقدم والعيش الكريم ” المرحوم المناضل عادل مراد مثالا” ويترك لنا الشخصيات السياسية الفاسدة الانتهازية والخائنة العاملة لمصالح الدول على حساب المصالح الوطنية العليا للوطن والشعب والمسببة في خراب ودمار العراق.
عرفت المرحوم المناضل عادل مراد من خلال دراستي الجامعية ببغداد في منتصف الستينات من القرن الماضي، وكنت أمارس نشاطي الطلابي من خلال اتحاد الطلبة العام ( تابع للحزب الشيوعي العراقي بشقيه اللجنة المركزية والقيادة المركزية)

وكان المرحوم طالبا يدرس في جامعة بغداد ومنتميا لاتحاد طلبة كردستان ناشطا بين صفوف الطلاب ولهجته العراقية العربية الصافية بحث عندما يتكلم باللهجة العراقية لا يمكن أن تعرفه انه كردي بل عراقي عربي من مناطق بغداد،

وساهم من خلال نشاطاته وعلاقته مع ممثلي الاتحادات الطلابية الممثلة للأحزاب السياسية المتواجدة على الساحة العراقية خلال تلك الفترة التوصل مع زملائه إلى تحالف تلك الاتحادات وتأسيس الجبهة الطلابية الوطنية التقدمية والمؤلفة من الاتحاد العام لطلبة العراق واتحاد طلبة كردستان التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني التابع للبعث اليساري واتحاد الطلاب التابع للحركة الاشتراكية العربية،

وذلك لقيادة نضال الطلاب والدفاع عن حقوقهم وإقامة النشاطات الطلابية والاحتفالية في جميع الكليات والمعاهد التابعة لجامعة بغداد ومحاربة التيارات السياسية الرجعية العنصرية والفاشية ممثلة بالبعث اليميني ” جماعة صدام حسين ” والقوى الرجعية والدينية المتخلفة، وفعلا دعت وقادت الأضراب العام لجامعة بغداد في ربيع عام 1968 وحاولت جماعة صدام حسين كسر الأضراب وإنهائه بالتعاون مع الأمن التابع لحكومة عبد الرحمان عارف، ولعب المرحوم دورا بارزا من خلال نشاطه مع زملائه ومشاركة الطلاب الأخرين في قيادة الأضراب .

وانقطعت الاتصالات معه بعد تخرجي من الجامعة عام 1969 ـ 1970.
وتمر السنين وتتوالى الأحداث على الساحة العراقية من انقلاب تموز 1968 واستلام البعث للسلطة، واتفاقية 11/آذار بين البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني 1970إلى قيام الجبة الوطنية عام1973 وانهيار الثورة الكردية في عام 1975، وتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة المرحوم مام جلال في الأول من حزيران 1976 بدمشق،

وكان المرحوم المناضل عادل مراد من ضمن المؤسسين الخمسة للاتحاد الوطني الكردستاني.. هنا بدأت علافتي من جديد مع المرحوم وبقية قيادات الاتحاد من خلال العمل المشترك بين منظمة جيش التحرير الشعبي العراقي وانا عضو فيها والاتحاد الوطني الكردستاني في مختلف المجالات السياسية والعسكرية وممارسة الكفاح المسلح في كردستان وبقية مناطق العراق لأسقاط سلطة البعث الفاشية العنصرية وإقامة النظام الدمقراطي التقدمي الذي تتحقق فيه الحكم الذاتي لكردستان العراق ضمن الدولة العراقية الموحدة.
وهكذا تعمقت العلاقة الشخصية بيننا وتطورت واستمرت حتى بعد سقوط النظام البائد وقيام النظام الديمقراطي المتحد..
كان المرحوم المناضل عادل مراد شخصية سياسية وثقافية وحزبية بارزه في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني ومحبوبة بين رقاقه

وكل من تعرف عليه من العرب وبقية المكونات العراقية، دمث الأخلاق صادق ووفي في علاقاته مع الأخرين وعدم التكبر ويتمتع بالبساطة ونزيه نظيف الكفين ولم تؤثر المناصب الوظيفة التي تولاها في تغيير أخلاقه العالية في علاقاته مع الناس.
أما في مجال عمله الحزبي والسياسي فكان نشطا مقيما أوسع العلاقات مع جميع اطراف المعارضة العراقية المعارضة للنظام الفاشي المقبور وحركات التحرر العربية والعالمية ومدافعا عنيدا عن حقوق الشعب الكردي وحاملا فكرا تقدميا يساريا منفتحا على المجتمع العربي العراقي وبقية المكونات،

والذي جمع بين الفكر القومي الإنساني التقدمي والوطنية الصادقة، وبوفاته خسر الشعب الكردي والعراقي مناضلا مثقفا مدافعا عن حقوق الشعب الكري القومية والأخوة العربية الكردية والعيش المشترك في عراق ديمقراطي اتحادي تتحقق فيه حقوق الشعب الكردي في دولة العراق الموحدة.

وهكذا هي الحياة الله يأخذ الزين ويترك الشين يلعب بمقدرات الشعب والوطن
الرحمة إلى روحه الطاهرة أسأل الباري عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته والصبر والسلوان لعائلته الكريمة وذويه ورفاقه وأصدقائه ومحبيه

وانا لله وانا اليه راجعون
محمد الحسيني (سعيد العراقي)
20.05.2018