يُصَنف العراق من خلال تقارير منظمات دولية رسمية وغير رسمية وحتى الفضائية منها من أنه أسوأ دولة بالعالم في مجالات عديدة، فهو يتذيل قائمة الدول الفاسدة لسنوات طويلة رافضا أن يتنازل عن مركزه الكبير هذا لأية دولة منافسة له كون مسؤوليه ومستشاريهم يقرأون تسلسل الدول من الأسفل الى الأعلى، لذا ترى العراق بنظرهم يحتل المركز الاول وهذا ما يبحثون عنه بالضبط. والعراق هو الأسوأ بالنظام التعليمي في جميع مراحله الدراسية من حيث المناهج التعليمية والتربوية وأبنية المدارس والمعاهد والجامعات حتّى وصل الامر بأن تكون المدارس الطينية ترفا بعد أن تفتّقت عبقرية المسؤولين عن فكرة مدارس الهواء الطلق، كما ويعتبر العراق الاسلامي من الدول المبدعة والسبّاقة في أعتماد الدور الثالث في الامتحانات النهائية لمختلف المراحل الدراسية وذلك من أجل تخريج أكبر عدد من الفاشلين وكأن بينهم وبين نجاح بلدهم عداء قديم. أما النظام الصحي فحدّث ولا حرج بعد أن أصبح أصحاب البسطيات يبيعون الأدوية على قارعة الطريق وكأنهم خريجو أرقى كليات الصيدلة في أفضل جامعات العالم، وبعد أن قُتل وهاجر خيرة أطباء البلد خوفا من الأرهاب الذي فشلت حكومات المحاصصة مجتمعة من القضاء عليه أو الحد منه على الاقل ما دفع المرضى العراقيين القادرين على تحمل نفقات علاج أنفسهم من التوجه الى دول عديدة أما الاخرون من الفقراء والبؤساء فلهم قبور أصبحت هي الأخرى ذات أثمان باهضة. أما نظام المجاري والصرف الصحي وكل ما له علاقة بنظافة المدن فأنها وصلت في عهد عبعوب وحزبه الى كوارث لوثّت حياتنا وتهدد الواقع الصحي والبيئي بالبلد لسنوات طويلة قادمة. أما الأمن وبسطه على مساحة البلد فأنه حلم قد يتحقق بعد عقود نتيجة فساد المؤسسة السياسية بكل أركانها أضافة الى فساد الجيش والامن الداخلي والذي بان أخيرا بالفضائيين الّذين يملأون جميع دوائر ومؤسسات الدولة دون أستثناء.
دعونا بعد هذه المقدّمة التي مللناها من كثرة تكرارها أن نسأل سؤالا هو الاخر مللنا من طرحه ولا يحتاج الى دور أول أو ثان أو ثالث للأجابة عليه بنجاح كونه من البديهيات التي يعرفها جميع العراقيين تقريبا وهو، من المسؤول عن كل هذه الجرائم التي لحقت وتلحق بالبلد والشعب، أليسوا هم نفس النخب السياسية الفاسدة التي تتبادل مواقع المسؤولية منذ أن وصل قطار الاحتلال الى محطته الاخيرة في المنطقة الخضراء؟ هؤلاء “المسؤولون” الذين إن تركوا موقعهم في البرلمان تحوّلوا الى وزراء ، وأن تركوا مقعد الوزارة تحوّلوا الى مدراء ورؤساء مؤسسات، وأن لم يعملوا في هذا الجانب فهناك السلك الدبلوماسي الذي إن لم يلبي طموحاتهم كونهم سيكونوا حينها بعيدين عن البلد وسوق التجارة فيه، تراهم مستشارين لرفاقهم الذي كانوا بدورهم مستشارين لهم في عملية تبادل مراكز لم يتعبوا منها مطلقا ولكن الذي تعب منها هو شعبنا ووطننا كونهما معرضّين لأبتزاز هؤلاء اللصوص حتى يومنا هذا.
بعد أن أنتقد العديد من العراقيين ومن مختلف المستويات ظاهرة المستشارين في الرئاسات الثلاث وبدلا من أن تقوم هذه الرئاسات بالأستجابة لمطالب الجماهير للحد من هذه الظاهرة التي لا تقل فسادا عن ظاهرة رجال المالكي وحزبه الفضائيين خصوصا والبلد يمرّ بأزمة مالية لاسباب عدّة منها سوء أدارة المالكي للسلطة وأنهيار أسعار النفط في السوق العالمية، نرى أن مجلس رئاسة الجمهورية برئاسة “فؤاد معصوم” بصدد إعداد مقترح يتضمن “التعاقد مع الوزراء والنواب السابقين من ذوي الكفاءة والخبرة للاستفادة من تجاربهم طيلة السنوات الماضية” وقد كشف مجلس النواب العراقي نقلا عن “شفق نيوز” اليوم السادس من كانون الاول 2014 إن “رئاسة الجمهورية تعتزم تقديم مقترح قانون الى مجلس النواب يتضمن التعاقد مع الوزراء والنواب السابقين بصفة مستشارين”، مشيرا الى ان “التعاقد يشمل الوزراء والنواب من ذوي الشهادات والخبرة والكفاءة”. وأوضح مقرر مجلس النواب “عماد يوحنّا” قائلا إنّ “بعض المتعاقدين حاليا مع مجلس النواب من النواب السابقين يعملون طواعية من دون اي مبالغ مالية والبعض الاخير تم التعاقد معه براتب شهري”، لافتا الى ان “الاستفادة من خبرات الوزراء والنواب السابقين تشمل ايضا ابواب الخبرة السياسية والاكاديمية”. يُذكر أنّ رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب تعاقدت مع عدد من الوزراء والنواب السابقين خلال الفترة الماضية للاستفادة من خبراتهم بالاعتماد على قرار اصدره مجلس الوزراء السابق قضى بإمكانية التعاقد مع الوزراء السابقين!!.
الله شافو بالعين لو بالعقل…… لنأخذ هذا المثل البغدادي ونصيغه كسؤال نوّجهه الى “الريس” والى “الحجي أبو أسراء” الذي أصدر أثناء فترة حكمه الكارثية قرارا يمكن من خلاله التعاقد مع الوزراء السابقين والذي أضاف أليه “أبو جوان” النواب السابقين لغاية في نفس يعقوب وهو، إن كان الوزراء السابقون قد فشلوا في إدارة وزاراتهم بالشكل الصحيح وكانت نتائج فترة توزيرهم التي ظهرت بعد رحيلهم عنها كارثية بكل المعاني فما قيمة أستشاراتهم؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر ما قيمة إستشارات “عدنان الاسدي” الامنية وهو الذي كان مسؤولا فاشلا بأمتياز عن وزارة الداخلية لما يقارب الاحد عشرة عاما، وما قيمة أستشارات “جوان معصوم” في مجال الاتصالات وهل وفّرت أثناء توزيرها قاعدة بيانات معلوماتية لتستفاد منها الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها في رسم سياسة البلد وحصر الارهاب؟ وهل أنجزت أو وضعت اللبنات الاولى للحكومة الألكترونية التي كانت ستسهل أمور الناس؟ هل من فشل في إدارة وزارة قادر على تقديم إستشارة من أجل نجاحها لاحقا؟ وهل من لم يتحدث وهو عضو برلمان الأ لدقائق خلال أربع سنوات قادر على تقديم أستشارة من أي نوع؟ وماذا عن البرلمانيين الذي لم يؤدوا سوى القسم في دورة برلمانية كاملة؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه والأمثلة التي جئنا على ذكرهما ومعها المئات من الامثلة الاخرى التي تعمل رئاسة الجمهورية على التعاقد معهم، لا يملكون شيئا ليقدموه للبلد الا سرقاتهم. إن نسبة كبيرة جدا من مسؤولي البلد الطائفيين والقوميين هم من ذوي الشهادات المزورة والفاسدين، وأمامكم أيها السادة عقول عراقية أكاديمية داخل وخارج الوطن ممن لم يتلوثوا بأمراضكم المعدية من الذّين تستطيعون التعاقد معهم لهذا الغرض على أن يكون عددهم معقولا وبقوائم واضحة لا مجال فيها لمستشارين فضائيين.
إن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا تعرف إن الله “شافوه بالعقل مو بالعين” ولكنكم لكثرة سرقاتكم أيتها السيدات والسادة ولكثرة فسادكم لم تشاهدوا الله “لا بالعين ولا بالعقل” لانكم وبكل بساطة “صدگ ما تستحون”.
الدنيا حمقاء لا تميل الّا إلى أشباهها …. “الامام علّي”