عندما كنتُ في المرحلة الثالثة من كلية الفنون الجميلة ,كانت هي في مرحلتها الاولى , شدتني ولفتت انتباهي بتصرفاتها الصبيانية ولامبالاتها بمظهرها أو بأنوثتها ,فقد كانت تُكثر من الضحك والمزاح مع زملائها الشباب , ورغم ان لاشيء فيها يقول انها انثى سوى شعرها الناعم الاسود المتدلي على عينيها السوداوين ,إلا أن هناك بريقٌ غريب في عينيها يفيضُ عذوبة وحنان وتشعر بأن الرحمة الالهية قد حيزت لتوضع في قلبها .. كانت ابتسامتها مليئة بالبراءة وحب الحياة … لكم احببتها وكم اسعدتني تلك اللحظات وانا اراقبها دون ان أسال نفسي عن السبب …
لقد عرفتُ السبب في ذلك اليوم الذي ذهبتُ فيه لزيارة صديقتي العزيزة ( رحاب ) الى الجامعة المستنصرية .
فلقد رأيتُ تلك الفتاة هناك كانت تجلس بالقرب من أمرأءة في العقد الرابع من العمر خلف ( بسطية ) او ما يسمى ( جنبر) لبيع السكائر واشياء اخرى ( حب الشمس .علج . اقلام .جداحات …. الخ ) .. كانت هناك بالقرب من مدخل الجامعة المستنصرية تبيع تلك الاشياء لطلبة الجامعة . تراها تبتسم تلك الابتسامة التي عهدتها على وجهها بتلك البراءة وكأن العالم كلهُ بين يديها . كان هناك بعض ٌ من زملائها يرافقونها ويتبادلون الحديث والمزاح كما اعتدتُ رؤيتهم دوماً .. لم اتمالك نفسي حتى سألتُ عنها ….
تلك المرأءة كانت امها تكسب رزقها اليومي من افتراش تلك البسطية امام الجامعة المستنصرية . وهذهِ الطالبة هي ابنتها التي تأتي يومياً لمساعدتها بعد ان تُنهي دوامها كطالبة في كلية الفنون الجميلة …
لم اعرف حينها لو اردتُ تقبيل رأسهن بمن سأبدأ ؟ .. بألام التي علمت ابنتها هذا العطاء وهذا الايثار .. ام بالأبنة التي لم تفكر يوماً ان مهنة والدتها هذهِ قد تجعلها صغيرة بأعين زملائها .. ولم تشعر بالاهانة للحظة من هذا الواقع . بل انهُ كان مصدر فخرها امام زملاءها …
عندما تذكرتكِ اليوم كم شعرتُ بالخجل من نفسي لاني حتى لم اكلف نفسي ان اعرف اسمكِ . .. فرغم انكِ اصغر مني ولم تجمعنا الا صدفة المقاعد الدراسية الا اني ادينُ لكِ بفضل تعليمي ان أُحب واقعي مهما كان …
اتسائل اين انتي الان ؟ … هل اصبحتِ ام .؟ .. موظفة ؟ .. ام ماهو مصيركِ ؟
قررتُ نشر قصتكِ هذهِ عسى ان يستفدن منها بنات ( هااي كيييك ) او بنات ( المامي والبابي ) .فالواقع مهما كان بسيط فهو الاصدق وهو الاقرب للقلب …