بقلم: حميدة مكي السعيدي

الفن قضية وهدف وشعور بما يعاني الاخرون وتجسيد هذه المعاناة في دراما هادفه, او في عرض مسرحي , والهدف من وقوف الفنان على خشبة المسرح او تمثيلة مشهد تلفزيوني او سينمائي هو لطرح قضية او مشكلة يعاني منها المجتمع الذي يعيش فيه او قضية تعاني منها امة بأسرها .
الفن العراقي والذي جسده الرواد في العقود السابقة خاصة في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي كان فنآ راقيآ طرح قضايا مجتمع بأسلوب درامي او سينمائي او مسرحي عالي الجودة , لذلك عندما نتابع كل ما هو قديم يتولد لدينا احساس بأن هؤلاء الاشخاص فعلآ يعيشون في جوهر المشكلة يتقمصون الشخصيات بشكل غير طبيعي , لذلك تركت الدراما والمسرح العراقي والسينما العراقية اثر كبير في العراق وفي عموم الدول العربية وغير العربية لان الابداع يبقى متميزآ ومستمرآ , في عقد الثمانينات كرست اغلب النتاجات المسرحية والدراما التلفزيونية الى صدام وبعثة , في عقد التسعينات وبسبب الحصار انحسرت الاعمال الدرامية اما المسرح فتحور الى مسرح تجاري الهدف منه الحصول على المال لان ما يطرح كان سخيفآ لا يتلاءم مع ذوق المواطن العراقي ولا مع عاداته وتقاليده ,علاوة على ذلك دخلت عناصر لا تنتمي الى الفن اصلآ واغلبها من العجر او ممن يعملن في الملاهي الليلية , اما بعد سقوط الطاغية فأصبحت مسلسلات العراق بعيدة كل البعد عن الواقع الا ما ندر , اصبحت مسلسلات العراق كمسلسلات الخليج مجرد ديكورات وملابس , (كالطبيخ البايت) على قول الفنان المصري نور الشريف , لم نرى مسلسل واحد طرح قضية تهم المجتمع العراقي , كالإرهاب مثلآ , الفقر , البطالة , فساد المسؤولين , سرقة اموال الشعب , وغيرها من مشاكل الشعب العراقي التي لا تعد ولا تحصى , الدراما العراقية اصبحت اسقاط فرض ليس الا , انفاق الملايين دون نتيجة تذكر . وهذا العام كالأعوام السابقة لم تعطي الدراما العراقية ثمارها رغم ان الشعب العراقي ينتظر ماذا سيقدم فنانوا العراق القدماء والجدد من نتاجات على ارض الواقع , اعمال هادفة تعمل على جذب المشاهد العراقي بما تحتويه من قضايا تهم الشارع العراقي , لكن مع الاسف هذا العام كغيره من الاعوام لا شيء يذكر , لذلك اخذ المشاهد العراق يتابع ما تطرحه الفضائيات من برامج ودراما عربية , وقد استهوت المشاهد العراقي هذا العام مجموعة من البرامج والمسلسلات والتي افتقرت اليها فضائيات العراق التي تزداد يومآ بعد يوم بفضل دعم سياسيوا العراق (كل واحد سوالة فضائية) , وهنا نتطرق الى( سيلفي ) والذي حمل عدة مواضيع وقضايا تهم الشارع السعودي بوجه خاص والشارع العربي بوجه عام ومنها قضايا الارهاب والتكفير وطرق استدراج الشباب وانتمائهم الى داعش , والصراع بين المذهبين الاكثر انتشارآ بين المسلمين (السني , والشيعي) , وتحريض رجال الدين من المدعين بالدين والتدين على الفتنة الطائفية , ومشاكل مجتمعية عديدة , لذلك تابعت الملايين سيلفي , وهدد الممثل ناصر القصبي من قبل السلفية وداعش , وبدأت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة موقع الفنان ناصر القصبي منها ما هو مؤيد لما طرح ومنها ما هو معارض ومهدد بالقصاص من ناصر القصبي , لأنه قام بعمل جريء , ارسل رسالة الى كل الزمر الارهابية مفادها انكم على خطأ وان ما تفعلونه هو كفر والحاد فالابن الذي يقتل ابية وهو من ذهب ليبحث عنه متحملآ كل المخاطر , هو ابن عاق وهذا عكس ما ذكر في كتاب الله (البر والاحسان بالولدين) , ان تلك الزمر اثرت على علاقة الابناء بأهلهم وانكرت كل ما ذكر في كتاب الله من فضل الابوين على ابنائهم , وكذلك برزت قضية مهمه وهي الصراع بين المذهب السني والمذهب الشيعي والعداء المتجذر منذ اكثر من الف واربعمائة عام وعقول البشر المتحجرة التي لا زالت تبث الفتنة والعداء بين المسلمين لتعيد الماضي بدل من نشر روح التسامح والحب واحترام الغير , القيم التي اكد عليها ديننا ورسولنا الكريم (ص) وال بيته الاطهار (ع) , هذه هي الدراما التي تحضي بالاحترام والتقدير وتكسب اكبر عدد من المشاهدين , فمتى يكون هنالك سيلفي عراق يطرح كل ذلك واكثر ؟؟؟
حميدة السعيدي