تبصير الساجد بفضل إعمار المساجد والرد على شبهات كل تزويري وحاقد

حاوره / أحمد الحاج

قبل أيام أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي،الحرم الإبراهيمي الشريف أمام المصلين ، بذريعة اقامة الأعياد اليهودية ، علما بأن سلطات الاحتلال كانت قد منعت رفع الأذان من مآذن الحرم الإبراهيمي (633)مرة خلال عام واحد فقط ،فيما تسعى ومنذ العام 1994 للسيطرة على المسجد الإبراهيمي ، وهو ذات العام الذي ارتكب فيه أحد مستوطنيها المدعو باروخ غولدشتاين،مجزرة داخل المسجد الإبراهيمي في الخامس عشر من رمضان !
وبالتزامن مع ايقاف الصلاة في الحرم الابراهيمي، اقتحم أكثر من 300 مستوطن باحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة أمنية مشدَّدة في خامس أيام ما يسمى بـ «عيد العرش» وفقا لدائرة الأوقاف في القدس،علما أن المستوطنين نفذوا قرابة (250) اقتحاماً للمسجد الأقصى وباحاته خلال عام واحد فحسب ، بحسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية ،وعلما بأن 1200 مسجد في مناطق (48) لم يتبق منها الا القليل ، بينها 15 مسجدا حُولت إلى كنس ومعابد، و40 مسجدا هدمت أو أُغلقت أو أهملت ، و17 مسجدا حُولت إلى حظائر للأغنام والأبقار أو الى مطاعم وبارات ومتاحف أومخازن وفقا لوكالة الاناضول، فيما هدم (113) مسجداً عن سبق اصرار وترصد خارج أراضي 48 بين عامي 1948-1967!
في 21 آب / 2023 مرت علينا الذكرى الـ 54 لحريق المسجد الاقصى على يد الصهيوني الأسترالي دنيس مايكل روهان ، وقبلها في كانون الأول 2023 ، هدمت السلطات الهندية مسجد “شاهي” التاريخي الذي بني قبل خمسة قرون بولاية “أوتار براديش ” بذريعة توسعة الطريق والحبل على الجرار .
الأعجب هو أنه ووسط كل هذا الصخب الذي يصم الأذان ، والاستفزاز المتواصل الذي يحزن الانس والجان ، ويشب لهوله الولدان فإنك لا تلبث أن تسمع أصواتا نشازا تطالب تارة بمنع الاذان أو وإيقاف بث خطب الجمعة عبر مكبرات الصوت الخارجية، وتارة بالكف عن بناء المآذن والقباب بزعم أنها هدر للاموال، وأخرى بالتوقف عن بناء المساجد لكثرتها ، وهم يرددون كالببغاء المقولة التي وضعت في غير موضعها ،وصرفت الى غير مرادها “لقمة في بطن جائع ،خير من بناء ألف جامع” وفاتهم جميعا بأن الجوامع هي أكبر الصروح الداعية وأشدها دعما وإسهاما على مر التاريخ في إطعام الجياع ، وسقي الظمأى ، وكسوة العراة ، ورعاية الفقراء والمساكين والمحرومين ، والسعي على الأرامل والأيتام والمسنين ،فضلا على دعوة الناس الى ذلك كله ، وترغيبهم به ، وحضهم عليه ، مع تحذيرهم من البخل والشح ومنع الزكاة وحجب الصدقة ، كل ذلك بخلاف المتكئين على أرائكهم، الجالسين خلف كيبورداتهم ، وهم يلوكون العبارة السالفة ويتخللونها كالابقار بألسنتهم ، وما فهموا يوما مرادها ولا معناها ، وأقترح عليهم استبدالها بعبارة أخرى تناسب واقعهم ، وتنطبق على أحوالهم ، وتلبس على مقاسهم بـ” لقمة في بطن جائع ، خير من هدر المليارات والتريليونات التي يحرقها و – يكيتها – في صالات القمار وعلى موائد الروليت وفي المخدرات والخمور وعلى البغايا وتجارة الاعضاء والتهريب وغسيل الاموال والاتجار بالبشر ، وفي مراكز التاتو والبيرسينغ والتجميل والمساج والتكبير والتصغير ودور الأزياء والموضة وداخل الملاهي والكافيهات والنوادي والبارات وفي العزائم والولائم والحفلات والسهرات والسفريات وعلى السيارات الفارهة ، وأرقامها الفريدة الباهظة – أم الشدات – كل مطبع وصائع وضائع ومائع وخانع ” .
و للوقوف على فضل المساجد واعمارها وبنائها ماديا ومعنويا ، وللرد على الشبهات التي يثيرها النسويون والتزوريون والمطبعون الجدد، حاورنا أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر الدكتور حلمي الفقي، وبادرناه بالسؤال عن :

*ماهو فضل بناء المساجد وتأثيثها وتأهيلها وصيانة أجهزتها وسد احتياجاتها وهي من أطهر بقاع الأرض وأحبها الى الله تعالى ؟

– أقول وبالله التوفيق بأن المساجد هي أطهر البقاع في الأرض وأشرفها وأحبها إلى الله عز وجل ولا عجب في ذلك فبيوت الله في الأرض هي المساجد وتعد من أبرز معالم الإسلام ومكونات المجتمع الإسلامي، ومن أبرز المؤسسات التي تحفظ للأمة الإسلامية هويتها ودينها وحضارتها وتاريخها، ولكن المسجد في الإسلام ليس مقتصرا على البناء المعروف فالأرض كلها في نظر الإسلام هي مسجد ، وقد أمر الإسلام ببناء المساجد فى كل مكان حتى في البيوت التي نعيش فيها،وقد أمر رسول الله ﷺ بـ” بناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب” وأما عن فضل بناء المساجد فقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها :
قول رسول الله ﷺ «من بنى لله مسجدا يبتغي به وجه الله ،بنى الله له بيتا في الجنة» ، وفي رواية: «بنى الله له في الجنة مثله» . متفق عليه
وورد عن النبي ﷺأحاديث كثيرة في فضل بناء المساجد وعمارتها معظمها قريب من المعنى الذي ذكرناه ،وإذا كانت المساجد هي بيوت الله في الارض وهى أشرف البقاع وأحبها إلى الله عز وجل فإن صيانتها وتنظيفها هو عمل من أحب الأعمال إلى الله عز وجل حيث كان هناك امرأة سوداء تقوم بخدمة المسجد ففقدها رسول الله ﷺ وسأل عنها فقالوا ماتت ، فقال ” أفلا كنتم آذنتموني ” فكأنما صغروا أمرها ، فقال” دلوني على قبرها ” فدلوه فصلى عليها ثم قال إن” هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم ” .
وفي لفظ ” فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت ، فقال هلا آذنتموني فأتى قبرها وصلى عليها ” وفي رواية ” إن امرأة كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ” فبسبب تنظيفها للمسجد نالت كل هذه المنزلة الرفيعة ، وهي صلاة خير البرية وأستاذ الإنسانية محمد ﷺ عليها وهي في قبرها ، وفي الحديث لفتة إنسانية نبيلة ورفيعة القدر وهي اهتمام أعلى مقام ، وأجل سلطة ، وعنايته بالفقراء والمعوزين والمحتاجين ، وتفقده لهم في حياتهم وبعد مماتهم.

* تحدثنا عن فضل بناء وإعمار المساجد ماديا ، ترى ما هو فضل بنائها واعمارها معنويا بكثرة الصلاة فيها ،ولزوم السعي إليها ،والمواظبة على جمعتها وجماعاتها وحضور مجالس العلم وحلق الذكر ودورات القرآن فيها ؟
– المساجد بيوت الله في الأرض لها مهام جليلة وكبيرة وكثيرة من أجلها عبادة الخالق سبحانه وتعالى وتسبيحه وتنزيهه وتعمير بيوت الله فى الأرض بالذكر والعبادة هي مهمة الرجال الذين لايلهيهم حطام هذه الدنيا عن المهمة الباقية لهم في الاخرة ، قال تبارك وتعالي { في بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ،رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ } [النور:36، 37]
فذكر الله عز وجل بمختلف أنواع الذكر المعروفة ، عبادة مندوبة ومستحبة ، فى كل الاوقات والازمان ، وهي في بيت الله أشد استحبابا ، بل من صفات الرجال أنهم يذكرون الله في بيت الله ولا يشغلهم عن هذا الذكر حطام الدنيا الزائل، وقد جعل الإسلام السعي إلي المساجد وانتظار الصلاة كالجهاد في سبيل الله وهو ذروة سنام الإسلام ففي الحديث الشريف أن رسول الله : “ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ‌فذلكم ‌الرباط، ‌فذلكم ‌الرباط، ‌فذلكم ‌الرباط”رواه مسلم والترمذي والنسائي
وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ : “من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين؛ كانت له كأجر ‌حجة ‌وعمرة”، قال: قال رسول الله ﷺ : “‌تامة ‌تامة ‌تامة” رواه الترمذي
و قال رسول ﷺ : «من اغتسل يوم الجمعة، وغسل»، ‌وبكر، ‌وابتكر ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة: صيامها وقيامها” حديث صحيح
وأما عن فضل حلق الذكر ودروس العلم في المساجد فقد روي مرفوعا عن النبي ﷺ قال : { ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله عز وجل يتلون كتاب الله عز وجل ويتدارسونه بينهم، إلا ‌نزلت ‌عليهم ‌السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده } رواه أحمد ومسلم وابوداوود وغيرهم.

* وما هو حكم بناء المنائر والمآذن ،علما بأن المآذن سميت بذلك نسبة الى رفع الأذان في أعلاها وأول مئذنة في الإسلام على القول الراجح هي مئذنة مسجد عمر بن الخطاب ، شمال الجزيرة العربية،وقيل أن أولاها بنيت في مصر، وقيل في البصرة ،ولعل مرد التباين يعود الى طراز البناء وهيئته ،أما المنائر فسميت بذلك نسبة الى اضاءتها بالمصابيح ،وقديما بالسرج وذلك لإرشاد المسافرين والمصلين، وقد تكون المئذنة منارة في حال اضاءتها وقد لاتكون كذلك ؟
– المسجد محور مهم وركيزة من ركائز الدين الإسلامي ، ومعلم من أهم معالم الإسلام ، والمئذنة إذا كانت قد بنيت في الأصل لرفع الآذان في أعلاها فإن للمئذنة مهام أخرى مهمة غير ما ورد في السؤال ، فالمئذنة علامة تهدي الضال ، وترشد الحيران ، فهي تهدي الضال الذي ضل الطريق ، وترشد ابن السبيل الذي لا يعلم من أين المسير ، وتهدي الغريب الذي يبحث عن مسجد ويريد الصلاة فيه ، ولا يعلم مكانه ، والمئذنة علامة تدل على وجود المسجد ، وفي وسط البنايات الشاهقة والأبراج المرتفعة لا يليق أن يكون المسجد عبارة عن بناية صغيرة أو ضئيلة ، لنبخل على المسجد بمئذنة تعلم الناس بوجود المسجد ، فلا حرج شرعا من بناء المآذن والمنابر ، بل ذلك أمر مندوب ومستحب يحث عليه ديننا الحنيف ، ولاعبرة لما يتفوه به أدعياء التنوير ممن يحاربون الفضيلة ، ويشجعون الرذيلة ، وديدنهم هو اثارة الشبهات بين حين وآخر زاعمين بأن بناء المآذن هدر للمال في غير مواضعه .

* وماذا عن حكم بناء قباب المساجد التي صارت سمة من سمات العمارة الاسلامية ،وعلامة فارقة من علاماتها الجمالية ،بوجود كلام مماثل لما سبقه يطفو الى السطح بين الفينة والأخرى بشأنها،وانها اهدار للاموال وإسراف فيها ،علما بأن أول قبة مسجد بنيت في الاسلام هي قبة مسجد الصخرة في القدس عام 72 هـ ،ومن ثم قبة النسر في المسجد الأموي عام 133هـ ، ولاشك أن من أجمل القباب هي القبة الخضراء التي سميت قديما بالقبة الفيحاء والزرقاء والبيضاء، والتي تزين المسجد النبوي الشريف وقد بنيت أول مرة عام 678 هـ ،وأعيد اعمارها وتجديدها مرارا ، وقد بنيت القباب بطرز مختلفة أموية ، عباسية ، سلجوقية ، مملوكية ، ايوبية ، عثمانية ،تباينت فيما بينها بين المضلعة والمخروطية والبيضاوية؟
– كل ما ورد في كلام السائل سديد وتشهد على صحته وقائع التاريخ، ولكن يبقى السؤال هاهنا هل أن بناء القباب إهدار للمال العام ؟
الحقيقة أن هذا كلام يجانب الصواب تماما ، وهو عار عن الصحة كليا ، فالمساجد يجب أن تبنى على هيئة جميلة تسر الناظرين ، وتريح المتعبين ، وتعلم الآخرين بعظمة الإسلام، ورقي المسلمين ، أضف الى ذلك بأن للقباب مهام أخرى عديدة حيث كانت القباب والى عهد قريب جدا سبق اختراع الكهرباء، وأجهزة التكييف ، ومكبرات الصوت ، تتمثل بزيادة حجم الإضاءة داخل حرم الجامع ، وتوزيع الضوء بالتساوي من خلال النوافذ الجانبية في قاعدتها ودعاماته ، فضلا على تحسين التهوية ،و ترخيم الصوت ، زيادة على منحها شعورا بالسمو والارتفاع يبهج النفس ، ويريح البصر .

* من الشبهات المثارة هنا وهناك بين الحين والآخر تدور حول حكم بناء المحراب داخل المسجد ، وهل تجوز صلاة الامام داخله بإتساع المكان من خلفه ووجود متسع لمزيد من الصفوف أم لا ..كيف تردون على ذلك ؟

-لا حرج شرعا من اتخاذ محراب في المسجد ، وقد درج على ذلك المسلمون منذ القدم عبر كر العصور ، ومر الدهور بلا نكير ، وللمحراب فوائد عدة فهو يعلمنا بمقدمة المسجد من مؤخرته ، وبها يعلم اتجاه القبلة لمن دخل المسجد في غير وقت الصلاة ، وقد يصلي فيه الإمام عند ضيق المكان ، حتى صار المحراب علما على المسجد فلا يصح تضييع معالمه.
أما ما روي بأن اتخاذ هذه المحاريب بدعة ، منهى عنها ، واستدلوا بما رواه الطبراني والبيهقي في سننه أن رسول الله ﷺقال : ( اتقوا هذه المذابح ) . يعني : المحاريب . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع ، فيجاب عن هذا الاستدلال بأن المحاريب في هذا الحديث ليست هي المحاريب التي في المساجد ، وإنما المراد بذلك صدور المجالس ، فهذا نهي من النبي ﷺعن التصدر في المجلس ، لما يُخشى منه من حصول الرياء أو شيء من العجب في نفس صاحبه ، قال الهيثمي في “مجمع الزوائد” : قلت : المحاريب صدور المجالس .
وقال ابن الأثير في “النهاية” :المحْرابُ : المَوْضع العَالي المُشْرِفُ ، وهُو صَدْر المَجْلس أيضاً ، ومنه سُمّي محْراب المسْجد ، وهو صَدْرُه وأشْرَف مَوْضِع فيه ، وبناء على ذلك فلا يوجد نهي صحيح ولا صريح عن اتخاذ المحراب في المسجد ، وأما صلاة الإمام فى المحراب أو داخل المحراب فلا حرج فيها شرعا ، وقد تكون مندوبا إليه إذا ضاق المكان.

* من الشبهات المثارة شبهة المنبر وقد كان ثلاث درجات على عهد رسول الله ﷺ، ومن ثم زيد فيه في العصر الأموي ليصير ست درجات، ومن ثم زيد فيه ليصبح تسع درجات ، ومرد تلكم الزيادات فى درجاته الى كثرة الناس وتزاحمهم وحاجتهم إلى سماع الخطبة التي يستعان بها بارتفاع مكان الخطيب ، الا أن مكبرات الصوت قد أوجدت حلا لذلك من دون الحاجة الى الارتفاع المكاني للخطيب بغية إسماع الناس صوته ، ودق صار كل من في داخل المسجد وخارجه وإلى بضعة كيلومترات يسمع الخطبة جيدا ..ماهو ردكم على ذلك علما بأن العبرة هي فيما يلقى من فوق المنابر من خطب لوعظ الناس وتوجيههم وإرشادهم وليس بعدد درجات تلكم المنابر زادت أو نقصت ؟

– جاء في الصحيحين أن نفرا جاءوا إلى سهل بن سعد قد تماروا في المنبر من أي عود هو، فقال أما والله إني لأعرف من أي عود هو ومن عمله ورأيت رسول الله ﷺ أول يوم جلس عليه، قال: فقلت له يا أبا عباس فحدثنا، قال أرسل رسول الله ﷺإلى امرأة -قال أبو حازم إنه ليسمها يومئذ- انظري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أكلم الناس عليها فعمل هذه الثلاث درجات ثم أمر بها رسول ﷺ فوضعت هذا الموضع فهي من طرفاء الغابة، ولقد رأيت رسول الله ﷺ قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
ولا حرج في صنع منبر له أكثر من ثلاث درجات، لأن المقصود من المنبر هو الظهور أمام الناس لمخاطبتهم وتعليمهم، ولو اقتصر على ثلاث درجات تأسياً بمنبر النبي ﷺ فهو أفضل ، ولو خطب في مقصورة أو أي شيء مرتفع فلا حرج أيضا لأن السنة أن يخطب المتكلم على شرف أي مرتفع ، ولا يشترط فيه ثلاث درجات أو أقل أو أكثر.

*من الشبهات المثارة حول المنبر كذلك شبهة موضع المنبر عن يمين المحراب – القبلة – أم عن شمالها ،اضافة الى المبالغة في تزيين المنبر وما حكم الصلاة في مسجد ليس فيه منبر للخطبة اساسا ؟
– جرت العادة بوضع المنبر عن يمين القبلة ، فإذا وضع عن يسار القبلة فهو خلاف الأولى ، ولا يستحب المبالغة في تزيين المنبر وترخيمه وتفخيمه وتضخيمه ، حتى لا ينشغل المصلون بزخارف المنبر عن المقصد الأساس وهو سماع العلم والعظات التى تلقى على مسامعهم من فوق المنبر ، فينبغي أن ننشغل بالجوهر عن المظهر ، وأما الصلاة في مسجد لا منبر فيه فهي جائزة بلا أدني خلاف يعلم بين العلماء ،وأما الخطابة واقفا في مستوى الجماهير فهي جائزة وقد فعلها المصطفى كثيرا قبل صناعة المنبر وبعد صناعته ، وقد فعل عليه الصلاة والسلام ذلك فى مواطن مختلفة …..يتبع