منطقة الشرق الأوسط تتشكل من جديد، وتخضع لتقسيمٍ آخر، سيكون بالتأكيد مختلفاً عن سايكس بيكو، فما فاتهما قديماً سيستدركونه في هذه المرة، وما كان كبيراً سيصغر، وما كان واسعاً سيضيق، وما كان مخيفاً سيكون آمناً، وما كان مقلقاً سيغدو مطمئناً.

ربما كان للعرب قديماً صوتٌ ورأي، وقد أبدوا رفضاً للتقسيم، واعتراضاً على الانتداب، وثورةً على الاستعمار والاحتلال، ولكن التقسيم هذه المرة سيكون بالتراضي والتفاهم، وبالاتفاق وفق المصالح، ولن يتمكن أحدٌ من الاعتراض أو الرفض، إذ لا قوة لمعترض، ولا إرادة لرافض، فضلاً عن الاشتراك في التآمر والتخطيط.

لربما لا يحق لنا أن نبكي أو نحزن، ولا أن نلتفت بعيوننا كالتفاتة أبي عبد الله آخر ملوك غرناطة مودعاً بلاده، الذي بكى عليها بكاء النساء، في وقتٍ لم يدافع عنها دفاع الرجال، فنحن مثله، لا يحق لنا البكاء ولا الحزن، ولا الثورة أو الغضب، إذ رضينا لسكين الغرب أن تعمل فينا، فتمزق وتجزئ وتقسم، وفق ما ترى وتحب وترغب، لكن إن شئنا فإنه يحق لنا الهجرة والهرب، والرحيل والضياع، فذاك حلٌ ممكن، وخيارٌ وارد.