سارقة الحلوى
بقلم :ذكرى البياتي
هذه كلماتي بحروفها بحلوها ومرها هي أجمل أيام حياتي أهديها لك أحكي بها
أشواقي لك والتي عاد بها حنيني لماضي التقينا فيه فهل ياترى هي مجرد ذكرى ،أم قصه استيقظت من جديد لتعيش في روحي ؟
في صباحها كالمعتاد لم تكن لها وجهة تقصدها حيث مضى بها القدر الى مكتب الشؤون الادارية التي كانت شقيقتها تعمل فيه
هكذا أرادت خطواتها ان تدفعها لا بل هي رغبة قلبية لاعلم لها بها في ذلك اليوم ،حتى دقات قلبها كانت كغير عادتها ،سارت بهدوء تحفها نسمات كأعاصير من كل جانب تشع عليها
شمس تختبئ خلف الغيوم وتبث خيوطا رقيقة من أشعتها الدافئة في شتاء روحها وكل شيء بدا حين دخلت كعادتها بضحكة يتلهف لها كل من في المكتب ،بجمال روحها صاحبة البشرة الحنطيه والجسم النحيل والشعرالطويل الذي يلفت أنظار كل من حولها ترتسم على شفتيها
ابتسامه مشرقة مع “صباح الخير” الذي يحول هدوء المكان كله الى صخب توشح بالهجة والسرور بقدومها بينما لم تكن لها سوى خطوات اصابتها بالشلل والبكم و كانت تتكلم بكلمات لايسمعها الاقلبها الكل نطق بصوت واحد ” ماذا حل بك عندها” كانت نظراتها ودقات قلبها المتسارعة نحوه، من هو ؟ سبحان الله كم هو شبيه ،لا بل هو، لا كيف يكون هو ،صرخت اختي من الشخص الذي يجلس في المكتب الجديد ؟ اجابتها ، أنه مدير الرقابه الماليه من مصر !
اختي :أنه شبيه الرئيس جمال عبد الناصر.
الكل أجابها بهدوء ، نعم لم يكن في الوجه فحسب بل بكل شيء فيه ، شبه لم تكن تعلم انها لفتت انتباهه فنظراتها التي راحت ترقبه بها لم تلفت انظاره لها ..رن جرس هاتفه فقام من مكتبه يتأبط حزمة من الأوراق التي اخذها من مكتبه مسرعا بالخروج .. سار بخطوات واثقة هزت قلبها فقد صدقت السيدة في أغنية “الاطلال “يوم قالت” واثق الخطوتي يمشي ملكا “أنه ملاك يمشي على الارض ، قامت مسرعة الى مكتبه لترى وتتعرف عليه اكثر ،وعندما وصلت وجدت عليه استماره بها كل المعلومات عنه والذي لفت انتباهها هو فارق العمر بينهما وكان سبعة عشر عاما، كانت على مكتبه علبة حلوى من النوع الذي تعشقه “حلوى الكاكاو”
فتحتها وأخذت قطعة وبدأت كعادتها بالضحك ولكن فرحها كان مختلفا وهي تاكل قطعة الحلوى الكل بدأ يرسل لها إشارات الا ان الحلوى وصورة الرئيس جمال رحمه الله كان قد شغل قلبها قبل عقلها والحنين الذي شدها فأذا بصوت كصوت امير هز وجدانها “مرحبا ياافندم ” التفتت فأذا هو ولم يكن لها سوى الهرب كطفل من عقاب والديه ،خرجت مسرعة وذهبت إلى مكتبها وأغلقت بابه عليها فكانت بين زحمة الأفكار التي تراودها وبين ضحكة ودمعة فرح كان لها في قلبها دولة اشتياق ،دستورها الحنين والشوق ليعلن ثورة اشتياقها للقائه في صباح غد
كانت متلهفة في صباحها أنيقة كعارضة ازياء، بطلة لفتت إنتباه الجميع فالكثير من ينتظر قدومها كل صباح ليرى صحكتها واناقتها التي تأسر القلوب ، قدمت وبيدها حزمة ورد من القرنفل الذي تعشق رائحته ، الجميع انبهر يومها بجمالها واناقتها وتسابقت دقات قلبها المتسارعة مع خطواتها لدخول مكتب الشؤون الادارية، ألقت تحية الصباح كالعادة بابتسامتها الجميله ، وجلست في زاوية تسمح لها بان تراه اكثر مما يراها ، كان كملك تربع على عرش قلبها قبل مكتبه ، لم يرد تحية الصباح وفي لحظة شعرت كأن قلبها وروحها حدث بهما زلزال حينما قام من مكتبه وبيده علبة الحلوى واقترب منها قال بنبرة ملك بها كل مشاعرها ” صباح الخير ” وقدم لها الحلوى التي تحبها ومن دون شعور قدمت له ورد القرنفل الذي تحمله بيدها انحنى لها شاكرا كأمير ،انحنى الى سندريلا فإنبهر الجميع منه مبدين استغرابهم ممايحصل اما هي فخرجت فرحة تتراقص روحها كطفلة ، ومرت الايام تلو الايام وزاد القرب والمودة بينهما ومضت الايام والشهور تعلن عن بدء اعاصير الشوق بينهما يحتضنها كل الصدق والاحترام وجاء صباح يوم جديد تدق فيه اجراس الفراق كعادتها دخلت بابتسامتها المعهودة ولكن لماذا كل الوجوه كانت متجهمة وحزينه هذه المرة ، كان المقعد يخلو منه ويبكي لفراقه لم تسأل ايا منهم عنه ، رمقت علبة حلوى جديدة على مكتبه ،تقدمت لتلقي نظرة عليها فوجدتها
مغلفه وكتب عليها بخطه اهداءا لها ، فتحت العلبو وجدت فيها رساله أبلغها اضطررت للسفر الى مصر للمساهمة بخبرتي المالية في مكان اخر من بلدي ولكن اعلمي بأنك ستبقين الحب الذي لاانساه ، سابقى اعيش بأمل يجمعني بكيوما ، اعذريني لم استطع أن اودعك، لا احتمل الموقف بدأت تدندن بكلمات أنه رحل إلى مصر من دون رجعة معلنا لها حبه وأنها ستبقى خالده في قلبه مدى الحياة.
ولن ينقطع الامل لديهابالله بأنه سيجمعهم القدر في يوم ما كيف لحياتها أصبحت بدونه كمدينة تخلو من الحياة وهاتف لا يسمعها صوته وشوق لا يأتيها به وغرفة باردة الأجواء والمشاعر ومقعد يخلو منه وحياةلاطعم لها
فبين الفوضى التي اصبحت بداخلها وكآبة العالم الخارجي تذهب أنت ويبقى أثرك يملأ أنفاسها المتلهفه عليه وتغرق في حنين ليس له قرار بالله ،اخبرني أي الوجوه تعوض عنك أيها الغائب
ومضت الأيام والسنين تجر السنين وشوقها وحنينها له مازال هو الملك الذي يتربع على عرش قلبها وروحها ، ظلت اسيره لذكراه التي لاتفارقها فذكراه الجميلة التي تركها وكلماته الشيء الوحيد الذي يمنعها من الإنهيار فكلها شوق لسماء تجمعها للقياه ولم تكن الايام والسنين تعبر من امامها في طرقات من العمر التي يقصدها الناس للتأمل فهي ليست بغابة أو شاطئ ولا مساحات خضراء ممتدة فقط كانت له منها الاستعانه بذكرياتها طلبا لراحة فكرها وروحها المتعبه بعد رحيله.
وهكذا أصبحت حياتها كشوارع مقفرة بجدران متصدعة تسلب الروح من الجسد فتنظر إليها وتبتسم لمجرد مرور ذكراه التي لم تنسها ابدا
وربما مخيلتها قد جعلت منها طيرا يحتضن السحب أو نجمة ستظهر حين يسدل الليل ستاره على ذاكرتها لتسامر القمر ،كانت تبتسم ابتسامة مترعة بالراحة كما لو أن الخيال استحال فجأة إلى حقيقة وعادت بها الايام له .
وهكذا خطوة وراء خطوة كانت تتوارى السنين والأيام شيئا فشيئا و كانت قد تعلقت بها على مر الأيام حتى أثقلتها من جديد بالحنين له ولكنها استطاعت أن تتحرر من كل تلك الأشياء ا

الأشياء الثقيلة المبهمة فلم تعد إلا بقلب يملؤه الدفء والشوق من جديد
ومضى العمر والسنين نالت منها فأصبح اهتمامها بأولادها وبيتها الشيء الوحيد في حياتها وحدث مالايتوقع حدوثه بقدوم الربيع العربي الذي نال العديد من الدول والذي غير من واقعنا الكثير ونال الربيع منها ورحلت مع اولادها الى مصر فكانت امنياتها هي واولادها قد القت في بئر يوسف راجيه الله ان تمر قافلة العزيز لنجدتها فالوحدة اكلت منها كما اكل الغدر والخوف من ملامحها.
أصبحت تشعر بالوحدة فكل من حولها لا وجود لهم عندها وكأن الأيام تحكم عليها بموت الاحاسيس وكأنت الدموع تأسرها للقاء يعيد البسمة لها وارض حلمت بها منذ زمن بعيد بزيارتها لتطوي صفحات من عمرها وتبدأ بعمر من جديد فمازالت ذكرياتها
للماضي الجميل فهي لم تعد تعرف اين ستمكث بداخلها أم أن سفرها حلم ستستفيق به على عهد وزمن من اجمل ايام عمرها ولكن مازال لديها الخوف من المجهول الذي يسكن صفحات عمرها وبدأ الصباح يتنفس بنسمات تداعب قطرات ندى اوراق الازهار لتستفيق على حكاية حبها التي جمعتها في يوم وأخفتها في صندوق ذكرى محكم الإغلاق ،عادت لفتح ذلكم الصندوق من جديد بدأت تجول شوارع القاهرة تفتش في كل الوجوه والأماكن عنه لعلها تلمح وجهه أو مايدلها عليه وهذه اشواقها التي سرت له عندما كان بينهما بلاد وجبال وقلاع مأسور بحنيني
فاصبحت الان مثل مملكة عشق معظم قصورها مهدمه فيا من أنت وسط الروح ولا خبر لروحي عنك صورتك في خيالي ولانصيب للخيال منك وعنك ،الدنيا مملوءة بك ولا خبر للدنيا عنك ،إسمك على اللسان ولا خبر للسان عنك!
لدى الخلق خبر عنك بالاسم والإشارة وبرغم ذلك لا خبر عنك ليس لك في ذكرياتي إلا كلها فإذا نسيت بعض ذكرياتي ذكرتني صورتك التي تشغل قلبي منذ الصبا ، هوحلم يراودني من زمن بعيد و‏ها أنا و أنت تحت سمـاء واحده سماء القاهره نرى الغيوم
نفسهـا و ها نحن لا نلتقي أبدا…