رسالة وفاء إلى شهداء الدنيا والأخرة
بقلم : عبود مزهر الكرخي

اكتب هذه الرسالة وكلماتها تعجز أن تخرج من فمي او تكتب بقلمي لأني عندما اكتبها تصيبني الرعشة والحيرة فيما اسطره من كلمات وعبارات يعجز القلم عن كتابتي والحروف تخرج من سنان قلمي العاجز والذي ينكسر في البوح عن أحاسيس تختلج في نفس وضيعة تكتب أمام هذين الجبليين والطودين الشامخين الشهيدين السعيدين الحاج(أبو مهدي المهندس) والحاج(قاسم سليماني) والذي مهما كتبت عنه الأقلام الشريفة المخلصة بحق هذين الرموز المخلصة والوفية وبكل معانيها السامية ، لا يعطوا حق ما قدموه من بذل وعطاء وجود بالنفس من أجل الإسلام والجهاد في قيم الإنسانية والعدالة والشرف ، مع احترامي الشديد لكل تلك الأقلام الواعية والشريفة والتي أقف لها احتراماً وتقديراً.
وأن المجاهدين المهندس وسليماني هم ما قدموه من كفاح وجهاد يعجز القلم عن وصفه وتحار العبارات في وصف القيم العظيمة والسامية التي قدمها في تاريخ النضال الإنساني وبناء الإنسان المؤمن بقيم الحق والعدالة والانسانية ، وكانت الرسالة التي قدموها للعالم والبشرية جمعاء هي امتداد للرسالة المحمدية العلوية الحسينية العباسية واهل بيت النبوة(صلوات الله عليهم أجمعين) ، فكانوا بحق خير الجنود المخلصين والأوفياء لهذه الرسالات العظيمة ، فكانوا خير أحفاد إلى مالك الأشتر وحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وميثم التمار(عليهم السلام) وهم يمثلون الامتداد التاريخي والنقي والمخلص لكل الشخصيات السامية التي ذكرناها وكل من على شاكلتهم.
وهم يمثلون الحلقة المكملة للركب الحسيني الذي سار مع الإمام الحسين(عليه السلام)بكل وعي وعرفان بأنهم أنما يدافعون عن أمامهم وعن الرسالة المحمدية وعن بيضة الإسلام ، فكان هذين الشهيدين السعيدين هم الحلقة المكملة لهذا النور في التاريخ الماضي ولياتي هذا النور المكمل لهم. وقد صدق حديث سيدي ومولاي أمير المؤمنين(عليه السلام) عندما ولما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم (قال عليه السلام) كلا والله إنهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء (1). كلما نجم منهم قرن قطع حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين ) (2).
في المقابل يقول النبي الأكرم محد(صل الله عليه وآله) فيقول في حديثه الشريف { عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه و آله و سلّم ذَاتَ يَوْمٍ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ { اللَّهُمَّ لَقِّنِي إِخْوَانِي مَرَّتَيْنِ فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أمَا نَحْنُ إِخْوَانُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا إِنَّكُمْ أَصْحَابِي وَ إِخْوَانِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ آمَنُوا وَ لَمْ يَرَوْنِي لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللَّهُ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَ أَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِيَّةً عَلَي دِينِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ أَوْ كَالْقَابِضِ عَلَي جَمْرِ الْغَضَا أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَي يُنْجِيهِمُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَة } (3).
ومن المؤكد أن المهندس وسليماني هم من تلك الأقوام ، وهم يصفهم رسول الله(صل الله عليه وآله) اخوانه ، وهم سيكونون المدافعين عن الدين المحمدي وأهل بيت النبوة وهم جنود مخلصين لا يقبلون بمداهنة الباطل والظلم وهم متخذين سيرة الأئمة المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين) خير دليل ومنهج في عملهم وهم يعملون بشعار الإمام الحسين(عليه السلام) (هيهات…هيهات منا الذلة) ، وهم شهداء في الدنيا والأخرة لأنهم حملوا دمائهم براحة أيديهم ، وحاملين اكفانهم تحت ملابسهم ومعهم ، لأنهم يتأسون بقول أمامهم( القوم يسيرون، والمنايا تسير إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا ).
فكان الموت بل والأحق يقال الشهادة تسير معهم ومع حياتهم الذين عاشوها ، وكانوا يعرفون ذلك حق المعرفة ، وكانوا مستعدين لذلك الى لقاء الشهادة السعيدة بنفس مطمئنة.
وليلقوا ربهم سعداء فرحين بما اتاهم من فضله وليجودوا بأرواحهم ولتكون ارواحهم مرفوعة عند رب كريم لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وقد صدق قول الشاعر بقوله :
يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها***والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ.
وفي الختام أقول للشهيدين السعيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني وبكل مهابة ولا أرفع نظري اليكم أقول لكما ” بوركت شهادتكما فهي ارتقت إلى اعلى مراتب الإنسانية ورفعت إلى رب العزة والجلال ، ولتكتب الدماء التي سالت في أرض المطار تكتب بأحرف من نور ولتسجل في سفر التاريخ الخالد بأعلى قيم البطولة والشموخ وبأعلى قيمها السامية “.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ قرارات النساء كناية عن الأرحام، وكلما نجا منهم قرن: أي كلما ظهر وطلع منهم ، س قتل حتى ينتهي أمرهم إلى أن يكونوا لصوصا سلابين لا يقومون بملك ولا ينتصرون إلى مذهب ولا يدعون إلى عقيدة شأن الأشرار الصعاليك الجهلة.
2 ـ نهج البلاغة – خطب الإمام علي (ع) – ج ١ – الصفحة ١٠٨. منشورات المكتبة الشيعية.
3 ـ بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 52 ، ص 124.