((ردا على مقال محمد الباز …))

” الحسن مصلحا ..الحسين ثائرا ” مفهوم الصلح والثورة من مشكاة النبوة !

قال تعالى : ” قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ “.

احمد الحاج

مقال مُستفز جدا نُشر قبل عامين وتحديدا عام 2017 في جريدة الدستور المصرية بقلم رئيس تحريرها الإعلامي محمد الباز ، من دون أن يحدث زوبعة تذكر ساعة كتابة سطوره ربما ﻷن أحدا لم يهتم بالمقال ولا بالصحيفة ولم يعبأ بكاتبه ولم يقرأ سطرا واحدا من مقاله وباﻷخص أنه نشر في باكورة اﻷعداد اﻷولى للصحيفة ولما تحظ بالقراء والمتابعين بعد ، اﻻ إن المقال أعيد نشره قبل أيام فجأة وسلطت عليه اﻷضواء الكاشفة وإنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم ليقرأه الجميع هذه المرة ويطلع عليه من لم يتسن له ذلك في المرة السابقة ، والله وحده العالم بنية الجهة التي أعادت نشره على هذا النطاق الواسع قبيل موسم الحج وقرب حلول محرم الحرام واحتدام الصراع الاميركي – الايراني وإذا بالمقال يتضمن إساءات لايمكن السكوت عنها لكل محب للنبي الاكرم وآل بيته الاطهار وصحابته اﻷخيار .. إساءات ليس لشخص الحسين رضي الله عنه وأرضاه فحسب وإنما لفكره ومنهجه ايضا ، المقال الذي بدأ بعنوان شطّ بعيدا في عنجهيته هو ” الحسين ظالما ” انتهى بغطرسة سافرة قال فيها الباز ” أنصحكم وأنتم فى حربكم مع الحياة، لا تتعاملوا بمنطقه ( اي الحسين ) فمنطق يزيد هو الأجدى !!
من يقرأ المقال من الفه الى يائه يصل الى نتيجة مفادها أن خيارات المعارضة أربعة ﻻ خامس لها على وفق منظور الكاتب وله برنامج متلفز بعنوان ” 90 دقيقة ” على قناة المحور لطالما أثار في حلقاته الجدل والدجل ، إما أن تبايع السلطان ، أو أن تصعد الى الحكم تحت عباءته ، أو أن تتفرغ للدعوة وتترك مواجهته ، أو أن تركن الى السلام معه بجميع اﻷحوال ، في اﻷقوال وفي اﻷفعال ، ويادار مادخلك شر كما يقولون ، في محاولة خائبة تحاكي جانبا من أفكار الـ – مدخلية والجامية – الذي يشاع فكرهما حاليا بالتزامن مع صفقة – القرن – لضمان إسكات اﻷصوات المعارضة الصادحة بالحق في حال وصلت الصفقة المشؤومة التي تهدف الى إلحاق القدس والمسجد الاقصى المبارك بالكيان الصهيوني المسخ وإعتبار إقامة المستوطنات عمليات بناء وإعمار ليس الا ، إضافة الى ضم الجولان وبقية الاراضي المحتلة للكيان وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، وبعبارة أدق تمرير صفقة – الِكرن – بمعناها البغدادي المعروف – الدياثة – الى نهايتها على أيدي بعض أصحاب السيادة والجلالة والسمو العرب من دون أي إعتراض وﻻ إنكار يذكر ضدها أو ضدهم !
ماقاله – الباز – يندرج في سلسلة ملامة طويلة عريضة ﻻطائل منها تُحَمل الضحية جريرة ما إقترفه البغاة والجناة بحقها وليس العكس ، فلطالما سمعت من يقول ” لو أن الحسين رضي الله عنه ظل في مكة ولم يخرج ، لو أنه بايع يزيدا لكان عصم دمه و أهله وأصحابه ولما إنشطرت من بعده اﻷمة الى شطرين !! ” ولعل هذا ما أشار اليه الباز في مقاله بقوله ” لقد أورثنا الحسين بموقفه من يزيد شقاقًا فى الصف الإسلامى لا نزال نعانى منه حتى اليوم” على حد زعمه وكان اﻷجدى بهؤلاء جميعهم أن يقولوا ” لو ان يزيدا لم يُبَايَع ، لو لم تؤخذ له البيعة ، لو انه تنازل عن السلطة وعصم دماء آل البيت وحافظ على وحدة اﻷمة ، لو أن اﻷمر ظل شورى بينهم على منهاج النبوة ولم يتحول الى ملك عضوض ، لكان اﻷقرب للصواب والمنطق وليس العكس الذي يلوكه أمثال الباز بألسنتهم صباح مساء وباﻷخص أنها كانت بوابة الملك الجبري والحكم بالتوريث علاوة على نقض مبدأ الشورى الذي أوصى به الشارع الحكيم من ساعتها والى يومنا ليتم إستبداله تارة بالدم ..قراطية ، وأخرى بالدكتاتورية ، وثالثة باﻷوتقراطية ( حكم الفرد ) ، أو البلوتقراطية ( حكم الاغنياء ) ، او التيوقراطية (حكم رجال الدين المطلق ) وغيرها من أنظمة الحكم – المقطاطية و المخاطية – “.
وشاءت اﻷقدار أن تُقدم لنا أنموذجين واقعيين إختارت لهما خيرة رجال اﻷرض وزينتها السبطين الشهيدين السعيدين الحسن والحسين رضي الله عنهما وعن ابيهما فارس المشارق والمغارب علي بن ابي طالب ، وعن أمهما قرة عين الرسول فاطمة الزهراء البتول ، وصلى الله على جدهما رسول الحق وحبيب الخلق القائل فيهما : ” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة” ، اﻷول – الحسن – اختاره الباري عز وجل مصلحا بين فئتين عظيمتين من المسلمين مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه :” إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين “. ولقد حدث ما أخبر به الصادق المصدوق حين تنازل الحسن عن الخلافة مقابل حقن دماء المسلمين وتوحيد صفوف اﻷمة فكان الاختبار والانموذج اﻷول للمصلحين من بعده ، إنه إختبار الصلح الحذر من موقع القوة والاقتدار ، إختبار المصالحة والتنازل عن جزء من حقوقك ومستحقاتك لمصلحة أكبر من موقع العزة وليس من موقع الذلة لجلب المنافع ودرء المفاسد للمجموع ، فيما كان الإختبار الثاني حين خرج الإمام الحسين رضي الله عنه ثائرا ﻻبطرا وﻻ أشرا ليدخل في سياق الحديث النبوي الشريف : ” سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله” وإمتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم ” أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ” ، ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهما أن دعوهما فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره وقال: ((من أحبني فليحب هذين)) ، بقية العترة الطاهرة ممن قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” و أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي “.
لنأتي اﻻن الى صلب الموضوع مناط المقال ومحوره اﻻ وهو خروج الحسين عليه السلام مع أهله وقرابته ومعظمهم من النساء واﻷطفال دلالة على عدم النية للقتال البتة وذلك لحصوله على بيعة أهل الكوفة قبل أن ينكثوا عهودهم فتكون قلوبهم معه وسيوفهم ضده ، وقبل أن يعلم بمقتل ابن عمه ورسوله الى الكوفة مسلم بن عقيل ، وقبل أن تُرفض جميع خياراته بعد علمه متأخرا بنكث العهود من قبل من بايعوه بالخلافة ، وبمقتل إبن عقيل، وبتولي عبيد الله بن زياد ولاية الكوفة والبصرة معا ، يوم لم تكن هناك وسائل للتواصل والاتصال وكان المرسال يستغرق عدة أشهر قبل الوصول الى صاحبه ، خيارات تضمنت العودة الى مكة ،مناظرة يزيد ومقارعته الحجة بالحجة ، القتال في أحد الثغور ، وكلها رفضت لتنتهي بالمأساة المعروفة للجميع التي دبرت بليل والتي إنتصر فيها الدم على السيف وختمت بالمصاب الجلل الذي أصاب اﻷمة حتى يومنا بمقتل ليقضي الله أمرأ كان مفعولا !
وان كنت أعجب فعجبي على من يترنم من أبناء جلدتنا بالثائرين اﻷجانب ويتغنى بسيرهم وان كانوا قلة من غير ملتنا فتراهم يفاخرون بذكر المهاتما غاندي وملحمة اللاعنف ضد التاج البريطاني ، زاباتا ووقوفه بوجه ظلم الحاكم في المكسيك ، جيفارا الثائر ضد نظام باتيستا ومن خلفه الامبريالية الاميركية في كوبا ،نيلسون مانديلا ووقوفه بوجه نظام الفصل العنصري ” الأبارتهايد” الذي يريد الكيان الصهيوني اسنتساخ نظيره في فلسطين عبر – صفقة الكِرن – وﻻ أقول القرن فيما يجدون حرجا بالتغني بثورة الحسين عليه السلام ويحملون عليه خروجه بهدف الاصلاح في أمة جده متهمين اياه بأنه طالب سلطة حاشاه ، وفاتهم ان الدروس المستفادة بتسلسلها الموضوعي والمستقاة من ملحمة استشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالدة هي ليست مجرد واقعة كسائر الوقائع التأريخية وإنما بمثابة رسائل لا غبار عليها الى جميع المصلحين الصالحين والثائرين الساعين للتغيير نحو اﻷفضل في كل زمان ومكان حتى قيام الساعة بإمكاني أن ألخص جانبا يسيرا منها :
-ﻻتثق ببيعة القطيع اذا كان يقبع تحت بارقة سيوف الطغاة والجبابرة فبيعتهم حينئذ مهزوزة.
– الطغاة لايفهمون لغة الرسائل الانسانية وﻻ يتناغمون مع مشاعرها الجياشة ولا يأبهون بها فإذا خرجت مصلحا في سبيل الله فاخرج بمناصريك وجنب ضعفاء أهلك وذويك ومرضاهم ذلك ، سيقتلونهم ويسبونهم ولايرقبون فيهم الا ولا ذمة !
– الطغاة لايعيرون للاحساب والانساب ولصلة القربى مهما علا شأنها وارتفع قدرها اعتبارا قط وﻻيعيرون لأمجاد الماضي أهمية اذا ما تعارضت مع رغباتهم الجامحة ومصالحهم بالكرسي والمنصب واﻻ لكانوا اعطوا اعتبارا ﻵل البيت النبوي الشريف وهم عطشى وجياع فيهم المرضى والضعفاء وسط صحراء مترامية اﻷطراف مقفرة .
– الطغاة كالذئاب لايفاوضون وﻻيهادنون من كان بحالة حصار وضعف في العدة والعدد مع قلة اﻷتباع واﻷنصار ، انهم لايفهمون سوى لغة القوة والغلبة والاقتدار .
– ليس للطغاة عهد ولا ذمة وﻻ ميثاق ، ولابد من خطط بديلة على مستوى عال كي لايعدم المصلح بعد الغدر به ﻻمحالة وسيلة !
– اذا ما وفقت في مسعاك ونجحت ووصلت الى ما تصبو اليه بنية الاصلاح فعليك ان تتجنب ما فعله الطغاة من قبلك ، فلاتسرق كما سرقوا ، ﻻ تظلم كما ظلموا ، ﻻ تكذب كما كذبوا ، لاتَفجُر كما فجروا ، ﻻتغدر كما غدروا ، واﻻ فما حاجة الناس لثورتك واصلاحك اذا كنت ستسير على خطى من سبقك من الطغاة والجبابرة حذو النعل بالنعل لتسكن مصداقا لقوله تعالى في مساكنهم وتسير على نهجهم ” وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ” وعليهم ان يتذكروا ويضعوا نصب اعينهم في كل شاردة وواردة بأن الحسين الشهيد لم يخرج لا اشرا ولا بطرا وانما بغية الاصلاح ، ﻷن البطر واﻷشر يتعارضان مع دعوة الاصلاح قبل الوصول اليه، فيما يعملان على هدمها بعد تحققها ويصرفان المناصرين عنها بمرور الوقت ويفضون جموع المحبين من حولها ليضحكوا الحاقدين عليها ويشمتوا الحاسدين بها من جراء مخالفتهم عقب الحصول على المنصب كل ماكانوا يدعون اليه من ذي قبل ويعلمون الناس إياه كليا ..ساسة العراق الحالي اﻻ ما رحم ربك أنموذجا !
واضيف للباز كاتب المقال ولغيره بأن الصحابة الثلاثة الذين لم يخرجوا من المدينة المنورة بعد ان حُذِر يزيد منهم أثناء أخذ البيعة له وهم إضافة الى الحسين عليه السلام كل من عبد الله بن عمر ، عبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ،قد ضاقوا اﻷمرين فأما آخرهم فقال عند محاولة اخذ البيعة منه ” و الله ما الخيار أردتم لأمة محمد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل”ثم غادر المدينة الى مكة ومات في الطريق قبل الوصول اليها ، واما عبد الله بن الزبير فقد رفض المبايعة وبعد وفاة يزيد قتله الحجاج في مكة ، واما عبد الله بن عمر فقد آثر الزهد وترك الدنيا ومافيها وهو القائل ” من قال حي على الصلاة أجبته، ومن قال حي على الفلاح أجبته، ومن قال حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت لا” ويروى انه اصيب بحربة في رجله وهو شيخ كبير جاوز السبعين مات على اثرها بأيام كل ذلك بعد اعتراضه على قتل الحسين و ابن الزبير ونصب المنجنيق واستهداف الكعبة ، وقال الحجاج لما جاءه اليه يعوده من اصابته تلك ” لَوْ نَعْلَمُ مَنْ أَصَابَكَ؟ ” فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَنْتَ أَصَبْتَنِي» قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: «حَمَلْتَ السِّلاَحَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَكُنْ يُحْمَلُ فِيهِ- يوم العيد – وَأَدْخَلْتَ السِّلاَحَ الحَرَمَ وَلَمْ يَكُنِ السِّلاَحُ يُدْخَلُ الحَرَمَ – المكي – !
والذي أود قوله هو أن الحسين عليه السلام لو لم يخرج من المدينة المنورة الى الكوفة لكان قتل أو طورد أو ضًيق عليه في ارض الحجاز تماما كما حدث لإبن الزبير ولإبن عمر ولإبن ابي بكر وكلهم رضي الله عنهم اجمعين من صغار الصحابة ومن المعارضين لخلافة يزيد ولعل هذا هو الدرس اﻵخر المستنبط من الواقعة وخلاصته ” عدم خروجك لطلب الاصلاح لايعني سلامتك من غدر الغادرين خلسة أو جهرة ومضايقتهم إياك حيث تقيم إن لم تكن من الموالين لهم مولاة ذلة وتبعية ﻻ موالاة الند للند ، أو كنت من المعارضين ضدهم معارضة تغيير وإصلاح ﻻتساوم في إحقاق الحق وﻻتهادن لتحقيق العدالة الاجتماعية ” ، فأمض بطريق الحق ﻻ تخش فيه لومة لائم ، ولا تستوحشه لقلة سالكيه وعند الله العادل غدا تجتمع الخصوم ، وأمامك خياران إما خيار الصلح من موقع الاقتدار والقوة على طريقة الإمام الحسن رضي الله عنه والتي تساوي ( الموالاة الواعية الضاغطة الناصحة وشعارها ” لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق” ) ، وإما الثورة الاصلاحية الكبرى الشاملة على طريقة الامام الحسين رضي الله عنه وأرضاه وتساوي ( المعارضة الرسالية الانسانية الهادفة وشعارها ” والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ”) إما موالاة وصلح بعز وشرف من غير إقصاء وﻻ إستعباد وﻻ تهميش ، وإما معارضة بحق وصبر وشرف وشموخ ..هذا ما علمتنا إياه سيرة الريحانتين العطرة الحسن والحسين عليهما السلام والتي أختيرت إختيارا لتكون بمثابة إختبار يفضي الى دروس وعبر ﻻتنتهي لم يفهمها الباز وأمثاله كما ينبغي لها أن تفهم وتناولوا قشورها من دون لبها لخداع القطيع ﻷن بريق الشهرة والتطبيل للحكام على طريقة ” سيدي نحن معك حتى على الخطأ وحاشاك من الخطأ ” كما قالها اﻷحيمر يوما ومايزال المقطع على اليوتيوب ، أو على طريقة ” هل انتم موافقون ؟” فيأتيه الجواب المسلفن بلسان القطيع المدجن…مااااااع ، قد أعمى بصيرتهم وأبصارهم في مختلف العصور ، ولهؤلاء وأمثالهم وعلى رأسهم محمد الباز أقول ماقاله الشاعر قديما :
فقل لمن يدّعي في العلمِ فلسفةٍ ..حَفِظْتَ شيئاً وَغابَتْ عَنْكَ أشيَاءُ
أما للمحبين فأقول أن الحب إتباع لا ابتداع ، وإن المحب لمن أحب مطيع ، أيقتل الحسين عليه السلام مظلوما في سبيل الإصلاح ليأتي بعض من يدعي حبه واتباع منهجه فيسير – رونك سايد – على غير هداه فيما يأتي بعضهم في كل يوم بمحدثة ما انزل الله بها من سلطان لا في كتاب ولا في سنة ولا في إجماع ، لعمري انهم بهذا الصنيع المخالف لنهج النبوة إنما يجهضون الثورة الحسينية ويسطحون الصلح الحسني ويعبثون بكل ما ضحوا وكابدوا من اجله ، إنه دين وليس طينا وبالتالي فإن إستحداث ما ليس فيه مما ﻻ أصل له وﻻ فصل لا قيمة ترتجى منه البتة لنصرة الحق وإزهاق الباطل ، كما ان المطلوب الكف عن نبش التأريخ لإثارة النعرات والضغائن ، والكف عن التعرض بسوء لصحابة رسول الله اﻷخيار الذين إتبعوه ونصروه وعزروه وآمنو به رضي الله عنهم أجمعين ، والكف عن التعرض ﻷزواج النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات من الدنس واﻷرجاس ، حب اﻵل اﻷطهار وإتباعهم ليس ثأرا وتشنجا ونحيبا متواصلا ، بل اصلاح وتقوى وعفو وعطاء وورع وعمل متواصل تماما كما وصفهم الإمام علي عليه السلام في خطبة طويلة عن صفات المؤمنين كما في نهج البلاغة جاء في بعض منها ” تَرَاه قَرِيباً أَمَلُه قَلِيلًا زَلَلُه خَاشِعاً قَلْبُه قَانِعَةً نَفْسُه مَنْزُوراً أَكْلُه سَهْلًا أَمْرُه حَرِيزاً دِينُه مَيِّتَةً شَهْوَتُه مَكْظُوماً غَيْظُه الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَه ويُعْطِي مَنْ حَرَمَه ويَصِلُ مَنْ قَطَعَه بَعِيداً فُحْشُه لَيِّناً قَوْلُه غَائِباً مُنْكَرُه حَاضِراً مَعْرُوفُه مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً شَرُّه” فكن منهم وإستقم كما أمرت ..اللهم هل بلغت ..اللهم إشهد .اودعناكم اغاتي