لا دخان من دون نار، والخشية التي أعرب عنها النائب أمير الكناني (كتلة الاحرار) من حدوث انتكاسة في عملية التداول السلمي للسلطة لا بد انها تستند الى أساس، ما يفرض التحوّط لهذا الأمر منذ الآن، إذ لم يتبق من الوقت الى الانتخابات البرلمانية المقبلة سوى سبعة أشهر.
النائب الكناني تحدث في تصريح صحفي أمس عما وصفه “تفرّد” رئيس مجلس االوزراء نوري المالكي في اتخاذ القرارات وتحديد السياسات داخل مجلس الوزراء في غياب نظام داخلي للمجلس ينظم عمله وعملية اتخاذ القرارات الحكومية. وعبّر النائب أيضاً عن الخوف من الا يتحقق التداول السلمي للسلطة “اذا كانت نتائج الانتخابات المقبلة مغايرة لما يطمح له المالكي”.
تصريح كهذا يتعين أن يرفع درجة الحذر الى مستوى عال، فأن تأتي الانتخابات المقبلة بنتائج لا تتطابق مع طموحات المالكي وائتلافه الحاكم أمر واقعي للغاية. وانتخابات مجالس المحافظات الأخيرة جعلت من هذا الأمر مرجحاً تماماً، فقد مُني ائتلاف دولة القانون بخسارة كبيرة، وكانت خسارة حزب الدعوة الاسلامية بالذات أكثر جسامة. كان ذلك عقوبة من الناخبين للائتلاف والحزب الحاكمين على عدم وفائهما بتعهداتهما وفشلهما في تطبيق برنامجهما الانتخابي وعجزهما عن تحقيق أي منجز يستحقان عليه ان يمنحهما الناخبون أصواتهم مجدداً. وفي الاشهر الأخيرة تبدى فشل دولة القانون وحكومته على نحو أكبر، خصوصاً على الصعيدين الامني والاقتصادي، واذا استمرت الأحوال على هذا المنوال فان دولة القانون وحزب الدعوة سيفقدان في الانتخابات القادمة الكثير مما تبقى لهما من رصيد شعبي.
ماذا في وسع المالكي أن يفعل ليجعل من مخاوف النائب الكناني التي يتعين ان تكون مخاوفنا أيضاً، واقعاً؟ انه كثير للغاية .. يمكنه الحؤول دون اجراء الانتخابات في موعدها. التردي المتفاقم للاوضاع الأمنية سيكون حجة قوية، ولن تُعدم الحكومة القدرة على التذرع بمؤامرات داخلية وأجندات خارجية لتبرير قرار التأجيل، والخط البياني للتدهور الأمني يمكن أن يظل في تصاعد حاد الى درجة تقرر فيها الحكومة ان وضع البلاد غير مؤات للانتخابات، ومفوضية الانتخابات، شأن سائر الهيئات “المستقلة” في الجيب دائماً. ويمكن النظر الى ما حصل مع انتخابات مجالس المحافظات في الانبار ونينوى بوصفة بروفة.
وحتى اذا لم يحصل هذا، فان الاعتراض على نتائج الانتخابات والطعن فيها لن تكون سابقة. دولة القانون فعلها في الانتخابات البرلمانية السابقة وثنّاها في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة. وما المانع من التكرار؟
هذه العمليات كلفتنا من الوقت في الانتخابات السابقة سبعة أشهر. والكلفة الأكبر كانت في تشكيل حكومة لم تحقق شيئاً.. بل جعلت من أحوالنا عشية الانتخابات القادمة أسوأ مما كانت عليه وقت الانتخابات السابقة.
النائب امير الكناني أطلق امس الدخان.. علينا أن نفتش عن النار.