بعد أن وصلت طلائع جيوش العراقيين والسوريين الى أوربا هربا من فشل نظامي بلديهما السياسيين في معالجة مشاكل شعبيهما، ومن جحيم الحروب والإرهاب التي تمولها دول الخليج وعلى رأسهما السعودية وقطر لعصابات داعش و جيش النصرة وقبلهما القاعدة وغيرهم من المنظمات الارهابية الاخرى. كتب الصحافي البريطاني ” روبرت فيسك ” مقالا في صحيفة ” الاندبندنت “البريطانية تحت عنوان ” هل وصلت الرسالة يا رئيس الوزراء ” تساءل فيه عن اسباب حرص الفارّين من جنان الاسلام السياسي الى جهنم الكفر في اوربا وعدم فرارهم الى حيث دول الخليج الثرية ومنها السعودية حيث بيت الله الحرام ليتساءل وعن حق عن سبب حرص المهاجرين على “التوجه إلينا، الكفار، طلبا للمساعدة” بدلا من الذهاب إلى دول الخليج الثرية مثل السعودية.
بعد نشر المقالة في الرابع من أيلول الجاري كتب الصحفي والاعلامي السعودي “داوود الشريان” مقالا بتاريخ السابع من ايلول على صفحات صحيفة الحياة اللندنية ردأ على مقالة “فيسك” تحت عنوان ” أضعف الإيمان رسالة الى روبرت فيسك”، وبدلا من أن يتناول الشريان مشكلة اللاجئين واسبابها ويقترح حلول معالجتها على الأقل من الناحية الإنسانية بإعتبار ان اللاجئين من العرب المسلمين بغالبيتهم العظمى وهو عربي مسلم، رأيناه يتعامل مع مقال “فيسك” بأسلوب ردّ الفعل ما جعله يتخبط في عرض ردوده عليه علما إن ردوده كانت ساذجة وفيها الكثير من الكذب الذي لا يليق بصحفي مرموق في بلده على ذكرها خصوصا وإن العالم لم يعد قرية صغيرة بل غرفة صغيرة نتيجة التقدم العلمي والذي لا دور فيه لبلد الشريان وبقية الدول العربية والاسلامية.
لقد ترك السيد “الشريان” الكثير مما جاء في مقالة “فيسك” وإعتمد في ردّه على جملتين إثنين من تقرير “فيسك” ، وهاتان الجملتان هما “التوجه إلينا، الكفار، طلباً للمساعدة بدلاً من الذهاب إلى دول الخليج الثرية مثل السعودية” و “اللاجئون لا يقتحمون شواطئ مدينة جدة على البحر الأحمر مطالبين باللجوء والحرية”. متجاهلا أمورا أخرى كتبها الصحفي البريطاني وخصوصا تلك التي تتعلق بمفهوم الإنسانية، كما قام الشريان ” بقص بعض ما جاء به الصحفي البريطاني متوقعا إن القرّاء أغبياء ولا يتابعون ما كتبه من يقوم بالرد عليه. وقبل الخوض في المقالة ردّا على ترهات الشريان أطلب منه أن يكون أمينا وهو ينقل حديثا عن صحفي مثله. فالسيد الشريان قال في مقالته إن فيسك كتب قائلا في معرض كتابته عن اللاجئين إنهم قرروا ” التوجه إلينا، الكفار، طلباً للمساعدة بدلاً من الذهاب إلى دول الخليج الثرية مثل السعودية” وفي الحقيقة إن فيسك كتب قائلا ” “اللاجئون لا يقتحمون شواطئ مدينة جدة على البحر الأحمر، مطالبين باللجوء والحرية في البلد الذي دعم طالبان وخرج منها أسامة بن لادن.” في إشارة منه واضحة الى رعاية السعودية للإرهاب في المنطقة والعالم .
يؤكد الشريان في مقالته من أن بلاده أستقبلت مئات الالاف من السوريين يكتب ” وإذا كان بعض الدول الأوروبية يتحدث عن بضعة آلاف، فإن السعودية استقبلت منذ بدء الأزمة السورية أكثر من مليون لاجئ سوري، وهذا الرقم لا يشمل عدد المقيمين السوريين قبل الأزمة” ليضيف قائلا أن ” السعودية لم تضع السوريين في مخيمات للاجئين وتتاجر بهذه القضية، بل منحتهم حق الإقامة، واستضافتهم بطريقة كريمة تعد سابقة في التعامل مع الفارين من ويلات الحروب”.
دعونا نناقش هذه النقطة مع السيد الشريان قبل الانتقال الى النقاط الاخرى، أن قوله أن سلطات بلاده لم تضع السوريين المليون في المخيمات وإنها تستضيفهم بطريقة كريمة، يُفهَم منها أن السوريين المليون هؤلاء يعيشون في مساكن وفّرتها سلطات بلاده لهم، والإستضافة الكريمة تعني من انها وفّرت لهم سبل التعليم والطبابة ورواتب الاعانة أو فرص عمل، فهل ما كتبه الشريان فيه ولو جزء من الحقيقة؟
في تقرير كتبه “خالد الشايع من الرياض ” بتاريخ 18/1/2015 وتحت عنوان ” عجز حكومي أمام أزمة السكن في السعودية يكتب قائلا ” يرى محللون ومختصون في السعودية، أن وزارة الإسكان باتت عاجزة عن حل أزمة السكن في المملكة، معتبرين أن قرارها الأخير بالتوقف عن بناء المساكن الجاهزة، والاتجاه إلى تخطيط الأراضي ومنحها للمواطنين، مع قروض للبناء، يؤشر إلى فشلها في أداء الدور المنوط بها، واستمرار سياستها المتخبطة التي لم تفرز أية نتائج ملموسة على الأرض” وأضاف الكاتب في نفس التقرير قائلا ” ويعاني السعوديون من أزمة سكن منذ عقود، وتؤكد إحصاءات شبه رسمية أن 60% من السعوديين لا يملكون مسكناً خاصا، وأن نحو 30% من المُلاّك يقطنون مساكن غير لائقة”!!! أمّا وزير الإسكان السعودي السيد” شويش الضويحي” كان قد صرح قبل كتابة التقرير ” إن الوزارة ستتوقف عن بناء الوحدات السكنية، على أن تتولى تخطيط الأراضي وتنفيذ البنى التحتية لها، ثم تقوم بإعطائها للمواطنين، مع قروض سكنية للبناء عليها، حسب آلية الإستحقاق والأولية” وكان السيد “عبد الله المغلوث” عضو اللجنة العقارية في مجلس الغرف التجارية السعودية قد قال ” إن قرار وزارة الإسكان يؤكد مدى تخبط الوزارة، وعدم قدرتها على أداء دورها المطلوب منها كما يجب، معتبرا القرار يُدخل المواطن في دوامة من الأزمات لم يكن لها داع” ليضيف قائلا ” ما نشاهده حالياً من مشروعات لا يتناسب مع حجم المطلوب بأي حال. الوزارة تبني 13 ألف وحدة من أصل 500 ألف تم حجز ميزانيتها فعليا”.
والآن أيها السيد الشريان إن لم تكن سلطات بلادك قد أسكنت المليون سوري الذي قلت عنهم من أنهم معززين مكرمين في مخيمّات كما ذكرت، فأين أسكنتهم وبلادك تعاني من أزمة سكن خانقة!!؟؟ هل أسكنتم السوريين المليون في الفضاء مثلا؟.
يضيف الشريان في مقالته آنفة الذكر ليكتب إن العاهل السعودي أمر أمرا ملكيا” بقبول 100 ألف طالب من أبناء اللاجئين السوريين في الجامعات السعودية”!! ، ألا تعتقد معي أيها السيد الشريان من أن لا دولة هناك في هذا العالم وإن كانت ذات أمكانيات علمية ومادية هائلة كالولايات المتحدة الامريكية واليابان والمملكة المتحدة قادرة على أستيعاب مثل هذا العدد الضخم من الطلبة في جامعاتها ومعاهدها العلمية المختلفة؟ وهل تريد أن تقول أن نسبة عشرة بالمئة من اللاجئين هم طلبة جامعيين!!؟؟
كما وأرى أن السيد الشريان قد فضل عدم الرد على قول “فيسك ” من أنه لا يعتقد “أن الدافع وراء ذلك هو أن المهاجرين لديهم معرفة كافية بأوروبا وتاريخها، إنهم يعرفون أن على الرغم من ماديتنا وضعف تديننا، لا تزال فكرة “الإنسانية حية في أوروبا”. ولو كنت مكانه لألتزمت الصمت مثله خصوصا وإن بلدي مصدرا رئيسيا للإرهاب ويمتلك كبرى مؤسسات بث الكراهية الدينية والطائفية في العالم، وهو الاول مع قطر في إنتهاج سياسة إعلامية لا تعرف الّا الكذب وزرع الفتن بين دول المنطقة. ولصمتّ صمت أبي الهول كون اكبر عدد من القتلى الارهابيين في بلدان الجوار هم من بلاد الحرمين ، التي هتكت حرمات اليمن وسوريا والعراق وافغانستان وغيرها.
نعم ايها السيد الشريان لازالت اوربا تحمل افكارا إنسانية ومن خلال هذه الافكار تحترم الطفولة التي تنتنهك حريتها بزواج القاصرات عندكم، لازالت اوربا تحترم المرأة التي تستعبدونها في دوركم بشكل فظ وغير إنساني مستغلّين فقرها للعمل عندكم “كخادمات”، لازالت اوربا تحترم الاديان والمذاهب المختلفة في حين لا تسمحون في بلادكم من ان يمارس غير المسلمون الوهّابيون طقوسهم بسلام، واليك بتفجير مساجد اتباع المذاهب الاخرى مثالا.
في مستنقع الأكاذيب لا تسبح سوى الأسماك الميتة “مثل روسي “.