انت له في البلاد سمعة إعلامية لقلمه الساخر ورأيه الجريء، ولكنه بعد سقوط النظام وجد نفسه ووجدناه في زواج متعة مع الدكتاتور الذي نجح في تخويفه واعتقاله في حاكمية المخابرات حيث أدبته واعادته إلى جوقة الطاغية حتى أصبح مديرا لتحرير مجلة فدائي صدام التي يرأس تحريرها عميد الأمن العبيدي.

لم يكن احد يصدق ذلك بان يتحول الكاتب الساخر وصاحب الكبرياء ومقالات بلد صاعد بلد نازل ان يصل إلى هذا المصير المهين، والبعض قال ان الرجل معذور فمن دخل للقاصات الحمر في المخابرات سيصل الى أكثر من هذا الذل وحتما سيرفع الراية البيضاء ويعلن استسلامه وولاءه للقائد الضرورة .

ولكن الذي لم نجد له تفسيرا ان يغادر داود الفرحان العراق ويستقر في القاهرة، وفسر البعض ذلك ان هذه الإقامة هي تعبيرا عن حنين صاحبنا الى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والتجربة الناصرية، ولا باس بذلك فلا احد يشك بالزعامة القومية وقائدها، ولكن الغريب ان الفرحان بين ليلة وضحاها أصبح بوقا للطائفية بعد انضمامه الى جوقة غربان قناة الرافدين وعرابها شيخ المتطرفين وإمام المأجورين وكبير المرتزقة حارث الضاري .

وصار يظهر علينا الفرحان ببرنامج تلفزيوني اسمه ( دير بالك ) وهو عبارة عن تجميع لقطات صورية وأخبار ملفقة على طريقة الضاري وزميله سعد البزاز ومن سار على دربهما من سراق أموال العراق وتجار الويسكي والسكائر، وهذه الأخبار مجملها ملفقة ومدسوسة يعلق عليها الفرحان بطريقة طائفية سمجة ويحاول ان يظهر بأنه مقدم كوميدي وساخر ولكنه يفشل في ذلك ويصبح هو وتعليقاته وشيخه الضاري مصدرا للسخرية واحتقار الناس. وسقط هذا القلم الذي كان ذات يوم مهنينا وجريئا وساخرا ومتجردا عن الطائفية،

ولا ندري هل ان الطائفية كانت نائمة في عقله الباطن وايقظها الضاري، أم ان دولارات الأخير هي التي ايقظت الوحش الطائفي داخل هذا الكاتب فتحول من داود الفرحان الى داود الخرفان وأنتج ( دير بالك ) من سمومه الطائفية.