أن الإمعان في القتل والتفنن في الإبادة لأسرى داعش من مقاتلين يقعون في حوزتهم والتلذذ بوسائل تعذيبهم يعبر بكل الأحوال عن ظاهرة السادية التي تعبر عن التلذذ في إيقاع الألم في الطرف الآخر والتلذذ بالتعذيب عامة. وإذا كان البحث جاري لدى داعش وغيرهم من المجرمين لإيجاد مبرر ديني وإضفاء قدسية على فعل الجريمة المرتكب بحق الأسرى, فأن الأمر هنا لا يتجاوز حالة الهستيريا المرضية التي يعاني منها تنظيم داعش والناتجة من الكبت الطويل ذو النشأة الشاذة لدى أفراد التنظيم والذي يتحول بدوره إلى إحباط حياتي مزمن والإحساس بعدم الجدوى من الوجود المقترن بالعدوان على الآخر بشتى صنوف الأذى وتقنياته اللاانسانية !!!.

لقد تفننت داعش بوسائل الرعب والإبادة الفردية والجماعية بما يندي جبين الإنسانية ويهز كرامتها, فقد استخدمت قطع الرأس, والرمي بالأشخاص من المرتفعات العالية, وتفجير الرؤوس, والرجم, والحرق بوسائل وتقنيات تثير الرعب والخوف لدى مشاهدي أفلامها الهوليودية المنشورة على ألنت, والعضة الداعشية للنساء لحد الموت’ والمقابر الجماعية للضحايا بعد استعراضهم بطريقة وحشية وكذلك الاغتصاب الجنسي للنساء والأطفال من الإناث بواجهات شرعية مزيفة مثل ” جهاد المناكحة ” وغيرها من وسائل القتل والإذلال !!!.

وبعد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في الثالث من فبراير أمام أعين العالم تستعد داعش في فلم آخر مرعب لحرق ما لا يقل عن 17 أسيرا من مقاتلي البيشمركة الأبطال, وقد تم استعراضهم في أحياء مدينة الحويجة في جنوب غرب مدينة كركوك الغنية بالنفط, مكبلين بالأقفاص الحديدية ومرتدين الملابس البرتقالية, رمز داعش في القتل, كما انتزعوا منهم اعترافات قصريه تحت وطأة التعذيب والتهديد وكما هو معروف, واستخدموا في ذلك أكرادا متواطئين مع داعش باستخدام اللغة الكردية معهم وليست الترجمة الغير مباشرة لأقوالهم, في محاولة للتأثير وزرع الرعب والاستمالة لداعش من خلال نصائح الأسرى في الكف عن محاربة داعش ولإضعاف معنويات قوات البيشمركة البطلة وتسفيه تضحياتها في مقاتلة الإرهاب وداعش بوجه خاص !!!.

أن العمليات الإرهابية لداعش وأخواتها تنسجم كثيرا مع رؤى البروفسور بروس هوفمان في قوله : ” إن الإرهاب هو الخلق المتعمد للخوف واستغلاله في تحقيق التغير السياسي , وبالتالي فهو دون شك شكل من أشكال الحرب النفسية “, ويؤكد أيضا أن الناس كثيرا ما يتعرضون للقتل والإصابات المأساوية في هجمات الإرهابيين, إلا أن الإرهاب بطبيعته يرمي لأحداث آثار نفسية بعيدة المدى بشكل يتجاوز الضحية أو الضحايا المباشرين وما استهدفه عنفهم, فالإرهاب يرمي إلى غرس الخوف في داخل النفوس وبالتالي إلى إرهاب المجموعة التي يستهدفها الإرهابيون وللتأثير على سلوكها. أن الإرهاب في العراق يجسد هذا النمط من التصور للفعل الإرهابي في محاولة لإعادة بناء التحالفات السياسية وفق أجندة خارجية وداخلية وفي ظل ظروف غياب ملموس لسلطة الدولة والقضاء العادل وضعف الممارسة الديمقراطية, وضعف المؤسسة العسكرية وانهيارها المؤقت أمام داعش, والخلافات والتوجسات بين سلطة إقليم كردستان والسلطة الاتحادية, يقابلها في الطرف الآخر مواطنا مخترق في الأمن والخدمات والعيش الكريم !!!.

أن جرائم داعش تستند إلى أرضية عراقية هشة, قوامها الصراعات الطائفية والمحاصاصاتية والفساد الاقتصادي والإداري والمالي والذي يخترق بطبيعته وطنية الفرد وانتمائه النزيه للوطن والمواطنة, وتأتي جرائم وتفنن داعش في القتل والإبادة لتزرع مزيدا من الردة النفسية وخلق حالة الرعب لدى المقاتلين من البيشمركة والجيش والحشد الشعبي والفصائل ” السنية ” المقاتلة ضدها, وحذار من نتائج حرق ال 17 او 21 من البيشمركة الأسرى أن لا يؤدي ما تتمناه داعش وتسعى أليه من إضعاف لمعنويات المقاتلين ضدها وخلق حالة تمرد وانكفاء وإحباط داخل إقليم كردستان, وفي صفوف القوى الأخرى المحاربة لداعش !!!.

وعلى ما يبدو فأن الحرب ضد داعش لا سقف زمني لنهايتها وكما توقعتها أمريكا وأوربا وبغض النظر عن أسباب إدامتها والاستفادة منها في تنفيذ أجندة داخلية وخارجية, فأن العامل الوطني الداخلي هو العامل الحاسم ويقلب كما يفشل كل الأجندة التي تختفي وراء إبقاء نهاية داعش إلى اجل غير معلوم. والنصر لكل الجهود الوطنية المخلصة للحد من تمدد داعش في التراب العراقي. فالقضاء على داعش أولا والبقية تأتي !!!!.