بقلم: نبيل عودة
خبر عاجل من البي البي سي
(ساتيرا)
كانت أخبار الصحافة السوفيتية في اغلب الأحيان متخلفة، يتأخر نشر الأخبار بسبب الرقابة القوية على الصحافة وأحيانا لا يخلو النشر من تزييف للحقائق. أصبح لدي المواطن السوفييتي شكا كبيرا بكل المعطيات الرسمية التي تنشر. صحافة الاتحاد السوفييتي (حين كان في قمة مجده) لها صوت واحد ولون واحد، مجندة تثير امتعاض القارئ السوفييتي وسخريته. هذا ساهم في وقته بخلق الطرائف التي تسخر من واقع الصحافة.. من أجمل تلك الطرائف التي حدثني بها أستاذ الاقتصاد السياسي ونحن نسير في الشارع،وكان الشارع افضل مكان للقاء والحديث الصريح بيننا، “لأن الحيطان لها آذان” كما كان يهمس لي، مشيرا الى ان المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي قلق جدا لأن “البي بي سي” وصوت أمريكا والوكالات الأجنبية تنشر عن الأحداث السوفييتية قبل ان تُقر صيغتها ونشرها بواسطة دوائر الإعلام الحزبية الرسمية. الرفيق بريجينيف (كان الأمين العام للحزب الشيوعي ، عمليا أعلى سلطة في الدولة ، يمكن القول ” آية الله الرفيق بريجينيف”) دعا إلى اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب الشيوعي أعلن فيه ان “احد أعضاء المكتب السياسي يتجسس لحساب البي بي سي وسائر وكالات الاستعمار وينقل أخبارنا قبل ان تنشرها صحافتنا”.
قال: علينا كشف الجاسوس يا رفاق .
كان الصمت شاملا. قال: لن نغادر الاجتماع قبل ان نكتشف من هو!!
حاول بعض الرفاق التلميح بأن الجاسوس يمكن ان يكون من صفوف هيئات حزبية أدنى درجة؟ رفض بريجينيف الأمر. سوسولوف (فيلسوف الحزب كما كان يعرف) شعر بأن مثانته لم تعد تتحمل الضغط. طلب الإذن للخروج إلى الحمام. فورا اتهموه ان هناك حدث جديد ستذهب يا سوسولوف لتبليغ الغرب والإذاعة البريطانية به . فتشوا الحمامات. لم توجد وسيلة اتصال بالامبريالية، عملها سوسولوف ببنطاله. عجوز آخر من قادة الحزب شعر أيضا ان الوضع بات حرجا، لم يجرؤ على طلب الإذن.. أفلتها ببنطاله “حبة حبة” ، هكذا مضى الوقت والرفاق “العواجيز” أعضاء المكتب السياسي يرطبون بناطيلهم… خوفا من اتهامهم بالعلاقة مع الإعلام الامبريالي !!
بريجينيف شعر ان المسالة لدية أيضا أصبحت غير محمولة، بل حرجة جدا وليس من اللائق للأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي العظيم ان يعملها في بنطاله. قال لهم: لننهي الاجتماع، يبدو ان الجاسوس ليس من المكتب السياسي.
رد سوسولوف بغضب:هل ستذهب لإبلاغ الغرب عن آخر أخبارنا؟
طبعا الأكثرية مع سوسولوف بسبب البنطلونات التي رطبتها مثاناتهم. بريجينيف حاول ان يقنعهم ان الجاسوس قد يكون حقا من هيئة أدنى. وكان يتلوى بسبب ضغط البول في مثانته!!
أصروا: أبدا يجب ان ننتظر..!!
الضيق وصل أقصاه لدى الرفيق بريجينيف.. فجأة حضرت مساعدته الليلية تحمل له وعاء لتفريغ البول.
سألها باستغراب، كيف عرفت اني بحاجة للتبويل؟!
ردت المساعدة: أيها الرفيق بريجينيف قبل قليل سمعت خبرا عاجلا من “البي بي سي” يقول ان الرفيق بريجينيف في اجتماع مغلق وانه بحاجة ماسة ليبول!!
nabiloudeh@gmail.com