من الصعب توقع نتائج ذات قيمة تسفر عن مفاوضات ماراثونية تستمر لأيام بين وفدي المعارضة والحكومة السورية في محاولة لحلحلة الأزمة المتفاقمة والتي أدت الى خراب بلد عاصمته الأولى في التاريخ بين مختلف أطراف مؤتمر جنيف الذي بدأ أعماله أمس الأربعاء في مونترو السويسرية بعد نقله الى هذه المدينة لصعوبة توفر حجوزات في فنادق جنيف لعدد كبير من الوفود والطواقم السياسية وعناصر الأمن والمرافقين والفرق الإعلامية. والحقيقة إن المؤتمر سينتهي الى الفشل لأنه سيضع الجميع في مواجهة الحقيقة على الأرض، وسيوفر فرصا للخصوم في الداخل وللأفرقاء الإقليميين والدوليين لوضع خارطة طريق جديدة لنوع من التنخدق غير مسبوق، ومع توفر مجموعات قتالية مارقة لاتعترف بسلطة المجتمع الدولي، ولعدم الثقة المفرط بين الخصوم السوريين.
مازاد الطين بلة سحب الدعوة الموجهة لإيران لحضور المؤتمر! وشكل القرار الأممي ضربة حقيقية لجهود حل الأزمة، ويبدو إن إسراع بان كي مون لسحبها يشير الى إن الرجل لاهم له سوى عقد المؤتمر بغض النظر عن نتائجه خاصة وإن أغلب النزاعات المريرة بين دول أو مجموعات داخل دولة لم تنته بسهولة، ولم تحل بمؤتمر، بل إستغرقت الوقت والجهد والمال والرجال والخراب حتى يضطر طرفا المواجهة الى التنازل والرضوخ لفكرة حل نهائي بعد أن ينظر المتقاتلون الى البنى التحتية وقد خربت بالكامل، ولم يبق إلا أطلال لاقيمة لها سوى أنها تبعث الألم والحسرة في النفوس.
الإئتلاف السوري المعارض رفض حضور إيران، وكذلك الحليف الإستراتيجي للمعارضة المملكة العربية السعودية وعدوه شرطا للحضور وهو الضغط الذي أسفر عن سحب الدعوة. ومارحبت به واشنطن رفضته موسكو مع إن الأمريكيين وأطراف المعارضة وعواصم الخليج يدركون إن الفشل سيصيب المؤتمر، وربما رفضوا حضور طهران لأنهم متيقنون من ذلك، كما إن وفد الأسد لن يتخذ قرارات، أويعقد إتفاقات إلا بعد التشاور مع طهران ،ولن يكون للروس من قرار يبتعد عن الرؤية الإيرانية .
موسكو الحاضرة بقوة يكاد وزير خارجيتها بالإضافة الى وظيفته ورئاسته للوفد الروسيأن يكون ممثلا لإيران ومندوبا عنها، وسيمثل مصالحها، وقد يكون من لقاءات خارج قاعات المؤتمر بين الثلاثي الممقوت ( موسكو، طهران، دمشق) لاتخرج عن الإستراتيجية المتبعة في إدارة الصراع على مدى السنوات الثلاث الماضية، ماأدى الى ظهور تحالف دولي إقليمي مناهض للمشروع الأمريكي الخليجي وهو إشارة الى نوع من الصراع سيؤدي بالفعل الى وضع إقليمي مغاير للسابق، وسينعكس ذلك على طبيعة الصراع في (لبنان والعراق وسوريا واليمن) ودول عربية أخرى بليت بمايسمى (الربيع العربي) الزائف.
ستعود المعارك وبقوة الى المدن والبلدات السورية بين الفصائل الإسلامية وأطراف في المعارضة والجيش النظامي من جهة، وبين تلك الفصائل التي تريد الهيمنة على بلاد خرب معظمها ولم يبق منها سوى الطلل، وسيعود الفرقاء الدوليون ليجتمعوا، بينما السوريون سيترنمون ببيت شعر مشهور غرده (أبو نواس) العابر من جنوب إيران الى البصرة ليكون شاعرا في بلاد هارون الرشيد فيما بعد،
قل لمن يبك على رسم درس
واقفا ماضر لو كان جلس