يتداول العراقيون هذه الأيام بكثرة مصطلحا شعبيا، بعد أن استخدمه احد قادة التيارات الإسلامية مهددا به الحكومة العراقية وملحقاتها بالاقتلاع والطرد من المجمع الحكومي والبرلماني في العاصمة بغداد ( المنطقة الخضراء )، أو بمعنى أصح إسقاطهما بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، محملا إياهم سبب هذا التردي، رغم إن هذا التيار يجلس على أربعين كرسيا في البرلمان وعدة وزارات ونيابة رئاسة الحكومة ومواقع متنفذة في الدولة عموما، وشارك منذ البداية في كل نشاطات الحكومة والبرلمان، ومن ضمنها كل الفوائد من مرتبات وامتيازات وصفقات، ووافق أيضا على كل التشريعات والقوانين التي أصدرها البرلمان بما فيها القوانين التي حفظت رواتب وامتيازات أعضاء البرلمان والحكومة وملحقاتهما.  

 

     وفي نفس السياق لكنه يختلف في الأساسيات تم طرد نائبين من البرلمان العراقي في احد مسارح بغداد من قبل الجمهور، حيث كانا يحضران عرضا مسرحيا هناك، وقبل ذلك حصلت العشرات من المواقف لأعضاء في مجلس النواب أو الحكومة، تعكس حالة التردي الكبير في سمعة المؤسستين لدى قطاعات واسعة من الأهالي، ورغم إن البعض من هذه المواقف ربما نراها في كثير من الديمقراطيات العريقة، إلا أن ما يحصل الآن في العراق وخاصة لدى الأهالي فيما يتعلق بتوصيفهم لأعضاء البرلمان أو الحكومة، يدلل على إنهما فقدا فعلا مصداقيتهما وسمعتهما كمؤسستين منتخبتين من الشعب، حيث صدى هتافات الأهالي تتطابق مع ما يحصل لأعضاء المؤسستين في الشارع الراقي.

 

     لا نقول إن 100% من الأهالي غير راضون عن أعضاء الحكومة والبرلمان، لسبب بسيط هو ربما إن أهالي أولئك الأعضاء وبعض من عشيرتهم يمتدحونهم لأسباب معروفة، إلا إن أي مراقب بإمكانه أن يستشف من خلال سؤال بسيط لأي مواطن في أي زاوية من البلاد ومن أي شريحة كانت، وحينها سيسمع جوابا صادما ينم عن تصور متراكم في ذاكرة الأغلبية الساحقة من الأهالي عن أعضاء البرلمان والحكومة، حيث يختصرون تقييمهم وتعريفهم لهم بكلمتين ( كلهم حرامية )، والمثير عدم اختلاف اثنين من الأهالي حول هذا الموضوع، وحينما تطالبهم أي الأهالي عن وثائق تؤكد لصوصية هؤلاء يقولون لا نحتاج إلى وثائق فضخامة رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم تؤكد أنهم إن لم يكونو لصوصا فأنهم متسترون على اكبر عملية سرقة للبلاد باستحواذهم على مبالغ خيالية في المرتبات لا نظير لها في العالم، وشرعنة تلك العملية بقوانين!

 

     وبمتابعة أولية لمعظم أعضاء البرلمان والحكومة ومقارنة أوضاعهم المالية قبل الدخول إلى ( عالم الحرامية ) من خلال بيئتهم ومصادر رزقهم وسلوكياتهم سندرك حقائق لا تحتاج إلى وثائق بقدر حاجتها إلى قضاء نزيه وعادل يضع النقاط المسروقة من حروف ( من أين لك هذا!؟ ) وحينها سنعرف إن سبب انهيار ووصول العراق إلى مرتبة افشل دولة في العالم، إنما هو وجود هذه الطواقم من اللصوص الذين يحكمون البلاد تحت مختلف التسميات من كل المكونات والطوائف، حيث يختلفون في منابرهم وصراخاتهم لكنهم يتفقون تماما على اقتسام لحم البعير الجريح!

 

     وأعود إلى طرد النائبين من احد مسارح بغداد على خلفية السمعة المخزية لمؤسستهم بين الأهالي، حيث يبدو أنها مربط الفرس كما يقولون، وما الحكومة إلا نتاج تلك المؤسسة الفاشلة التي اسمها مجلس النواب، والتي وباستثناءات نادرة جدا في أعضائها، فإنها ضمت مجاميع من المرتزقة والجوعية كما يصفهم الشارع العراقي، ووقفت طيلة أكثر من عشر سنوات خلف كل أسباب فشل العراق في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية، وتسببت في وقوع البلاد بين أنياب منظمات الإرهاب ومافيا الفساد، وانهيار منظومتها الاقتصادية والإنتاجية وتمزيق الأمن والسلم الاجتماعيين.

 

     حكومة التكنوقراط لن تحصد أكثر مما حصده الشعب طيلة العشر سنوات الماضية، مهما كانت نقاوة البذور التي ستزرعها، لان البيئة قد تلوثت والأرض قد بارت!؟