عبد الحمزة سلمان

    الحكومة هي الهيئة التي تمتلك القوة الشرعية, لفرض الأحكام والقوانين اللازمة, للحفاظ على أمن البلد, وتنظم الحياة في المجتمع, والحفاظ على حقوق وواجبات الشعب, وتنقسم الحكومات إلى ثلاث أقسام هي :

القسم الأول :الحكومة الملكية وهي التي يكون الحكم فيها لشخص واحد, وتنقل بالوراثة لمن يتبعه, من نفس العائلة .

القسم الثاني : الحكومة الأرستقراطية وهي نظام سياسي طبقي إستبدادي, يتولى فيه الحكم طبقة من النبلاء والأشراف, دون عامة الشعب .

القسم الثالث : الحكومة الديمقراطية وهي شكل من أشكال الحكم, يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين, أما مباشرة, أو عن طريق ممثلين لهم منتخبين, وهي تعني حكم الشعب لنفسه .

    العراق خلال الفترات الزمنية السابقة, عاش أقسام الحكومات الثلاثة, وشاء الباري التخلص من القسم الأول والقسم الثاني, وأستبشر خيرا في الحكم الديمقراطي الجديد, بعد سقوط النظام السابق, و إبتداء الحياة الجديدة, وإتجاه أبناء البلد لصناديق الإقتراع, للمشاركة في الحكومة, أو إختيار ممثلين لهم, حسب ما يؤهلهم للقدوم, لهذه المرحلة الجديدة .

    تم  إختيار ممثلي الشعب عن طريق صناديق الإقتراع, التي كانت ترتعش من ما محشو بداخلها من مفاجئات, بعد تربع ممثلي الشعب على كراسي الحكم, وسط حالات الفرح والهتافات, كان الشعب العراقي يضع أحلامه بين كفيه, يتوقع أن الحلم أصبح حقيقة, لينال مبتغاه, لضمان مستقبله ومستقبل عوائله وأطفاله, ويتحول من ضنك الحياة السابقة, إلى حياة تغمرها الرفاهية .

    حلما لم يطل كثيرا .. فاق الشعب منه, وتلاشت أحلامه, وهو يطبق أسنانه على سبابته ندما, وشعر أنه ينتقل من حاله السيئ ,إلى حال أسوأ منه, مذعورا يلتفت يمينا ويسارا, يضع أصابعه على أذنيه, لتخفيف دوي الأصوات والكوابيس, التي تراوده ليلا, تطرق مسامعه أصوات, ومصطلحات جديدة, وخيبة أمل بالكثير من تعلق آماله بهم .

    إرهاب, دوي إنفجارات, فقدنا خلالها أعز الناس, وأكثرهم حكمة, كانوا يحملون هموم الشعب, ومشاريع لبناء دولة عصرية, وفق أسس ومبادئ إسلامية, غدر بهم أعداء الإنسانية, ولكل فترة مصطلح جديد, له دوي يشتت الأذهان, منها المتشبثين بالمنصب, الذين جعلوا من المنصب مصدر يدر عليهم ريعا, تعالى دويها لفترة, كذلك الفاسدين والفاشلين, الذين لم يشخصوا رغم نداء المرجعية, والمطالبة لتقديمهم للعدالة .

    خيانة لا يسامح الشعب مرتكبيها, ألا وهي تسليم أرض البلاد, لما يسمى بعصابات الكفر والإرهاب (داعش), التي مارست أبشع الجرائم بحق المواطنين, لتجردها من كل معاني الإنسانية, وأعادت للأذهان مظلومية آل بيت الرسول(عليهم السلام), على يد حرملة وشمرا  .

    حكومة منتخبة, مطالب الشعب لا تنفذ, تمارس عمليات القمع ضد المواطنين, يحاول البعض تكميم الأفواه, والإعلام المأجور يتلو محامد المسيئين والفاشلين, المنصب والمكاسب الخاصة, غاية الكثير من الذين بيدهم دفة الحكم .

    العراق مكان العلماء والأطباء, وغني بما يملك من خيرات, وبعد ما كان يصرحون بالميزانيات الإنفجارية, أصبح اليوم فقيرا من جميع النواحي, لا تستطيع الدولة تسديد مستحقات رواتب موظفيها, وفي الوقت نفسه يتم صرف مبالغ, بتبويب مخصصات تفوق ثلاثة أضعاف الرواتب, ماذا يعني هذا التناقض ؟ .

    هل أصدرت الحكومة قرارات وقوانين تخدم الناس ؟ بلد يفتقر لجميع الخدمات, والمواطن يعيش واقع مرير, ويعاني من الحرب النفسية, التي يروج لها من الداخل والخارج, تسعى للتفرقة وتفكيك الصفوف, مؤثرة على العادات والتقاليد, والأعراف ومبادئ العقيدة .

    طالبت المرجعية بالتغيير, ولم تتم الإستجابة, لا من الحكومة ولا من الشعب, إستمر الحال كما هو عليه, وإستمرت معه المعاناة .

    هل الشعب العراقي مسحور, يقف مكتوف الأيدي ويعاني من واقع مرير, ولا يحرك ساكنا ؟ لهيب الإنفجارات يعم الشوارع, وأثاره الكرادة, والمناطق الأخرى, بدايته النجف, عندما دنس عصفه جدار مرقد أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام), سلسلة من الأحداث تتدافع بالأذهان .

    غليان الشعب, تنطلق المظاهرات بين حين وآخر, تحصل تجاوزات على القوانين, ما الذي تم تحقيقه ؟ رغم التضحيات المادية والبشرية, لماذا لا تتم الإستجابة لمطالبهم ؟ ما نوع الحكومة التي تدير البلد, لا ديمقراطية ولا أرستقراطية, قد يطغي عليها نوع من الميكافيلية .  

    ستتكرر المأساة في الإنتخابات القادمة, أو تنقذنا المرجعية من الهاوية .