قال الله تعالى في كتابه العزيز ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم).
يختلف علماء الشريعة والمفسرون الذين إشتغلوا على مافي كتاب الله سبحانه من آيات عظيمة وجليلة يعجز عنها من حاول فيها فهي ظاهرة للعيان لكن معانيها لاتدرك إلا لمن إمتحن الله قلبه ففهم دلائلها وعاش معها سنين طوال يحاول ويحاول عله أن يصل الى ما يسر النفس من معان مبشرات او مايدل على حكمة الله في خلقه وعجائب صنعه ووصفه للآخرة وجليل وقوع المكاره فيها ونعمه التي أسبغ على عباده ومنها الظاهر ومنها المخفي فلايعلمه إلا هو سبحانه.ٌ
يختلف هولاء في تفسير الآيات فمنهم من يعتمد الظاهر ولا يسبر أعماق دلالاتها ويكتفي بتفسير بسيط لايقنع كما في تفسير الآية الشريفة حيث يتحدثون عن أهمية الزيتون وزيته وأماكن زراعته وطول عمر الشجرة وساقها ولون أوراقها والجغرافيا التي تشغلها والبلاد التي تتصدر في زراعتها وعصر الزيت منها وبيعه في أسواق العالم،وكأن الله تعالى منشغل بتعليم الناس ماجعله بين أيديهم ولايحتاجون معه فهما لطبيعته من الخارج بل هم يهتمون به ويرعونه ثم ينتفعون به لانه تعالى منحهم الفهم والدراية بذلك كله.
فليس من المعقول أن تتنزل هذه الآية العظيمة بماورد فيها من كلمات الله التامات لتتحدث عن شجرة زيتون ! بل الأمر أجل وأعظم وأبلغ من هذا بكثير وكثير جدا إذ إن الآية المباركة تحتوي من الإشارات مايعجز عنه المفسرون وكأنها تتحدث عن سر مكنون وعن حدث جلل يأتي في وقت لايعلمه إلا الله ولايجوز وضعها في إطار محدود بمحدودية عقول الذين يشتغلون في فنون العلم المختلفة ومنها البحث في أسرار عجائب ماخلق تعالى من مخلوقات نباتية وحيوانية ومن ريح وجبال وشمس وقمر ونور وظلمة وسر وعلن .
أطرف تفسير سرني به عراقي يعيش في مكان خارج العاصمة بغداد تحيط به الأزبال من كل جانب وتطوقه المعاناة ويشكو أهله من شحة الماء وإنقطاع الكهرباء أنه قال لي في تفسير الآية المباركة ومن باب الحنق والضيق بأحوال الناس المعذبين ومعاناتهم ،ياسيدي العزيز إن الآية في معنى من معانيها تشير الى الحكم الرشيد والحكومة الراشدة التي تقوم بشؤون الناس دون ظلم وطغيان وهي تلبي حاجات العباد وتوفر لهم أسباب العيش الىمن والكريم دون أن تذلهم أو تهينهم أو تسلط عليهم الحرامية والمنتفعين وشذاذ الآفاق .فقد جرب الناس حكم الشرق والغرب وعنت وجور السلاطين الذين لايحكمون بهدي الله ورحمته وعدله وإتخذوا من الملك سبيلا للتسلط والجور والكسب والتمتع بالدنيا بينما الملايين يعانون الجوع والعطش ويقتلهم البرد في أصقاع الأرض كما حصل ويحصل حين حكمت وتحكم إمبراطوريات الشرق والغرب بغير العدل.

وأنهى تفسيره الظريف بالعروج على حال العراق فقال،لقد حكمنا أهل الغرب العراقي لعقود فلم نحصل من حكمهم على شئ سوى الظلم والفساد والحروب وقد حكمنا أهل الشرقية منذ سنوات ثمان فلم نجد في حكمهم ماينسينا عذابات ذلك النظام سوى إننا نعاني ومازلنا ونعيش الحرمان وقد أبتلينا بالأرهاب والطائفية  وسواها من آفات. ثم قال ،نحن بحاجة الى هذه الزيتونة لتنسينا حكم العسكر والطوائف والقوميات فهي تضئ ولو لم تمسسها نار.والحليم تكفيه الإشارة.