الحزن وحده لايكفي ليشغل المتعاطفين مع اليمنيين عن شعورهم بالخيبة من التحرك العربي المدعوم إقليميا ودوليا ضد صنعاء بعد التطورات العاصفة في هذا البلد، والفرح لوحده لايكفي ليشغل السعداء بذلك التدخل عن حقيقة ماستؤول إليه الأمور في قابل الأيام، فمنطقتنا مصنع المفاجآت والتغيرات التي لايمكن التنبؤ بها بسهولة، أو التعاطي معها بوصفها حدثا عابرا، أو حركة يمكن أن يخبو البريق الذي تفتعله وتثير ضجة ما.
فالأحداث الجسيمة في هذا البلد والتي بدأت منذ العام 2011 مع محاولات التخلص من نظام الرئيس علي عبد الله صالح شكلت نقطة تحول في شكل الصراع السياسي في المنطقة حيث شعرت بعض الدول المطلة على البحر الأحمر بخطر داهم وعلى مستويات عدة، فالتحول الخطير في هذا البلد وصعود قوة سياسية وعسكرية جديدة مشابهة للحالة اللبنانية وقريبة من الإستراتيجية الإيرانية شكلا عامل ضغط مضاف على السعودية التي تجد إن خاصرتها الجنوبية تتعرض الى الوكز بقسوة من جهة متقاطعة معها على الدوام ومستعدة لتغيير كبير في اليمن والمنطقة لو تمكنت من ذلك خاصة وإنها تنهج نهجا مغايرا للنهج التقليدي السائد في جزيرة العرب ووجدت الفرصة مواتية بعد تفكك الدولة اليمنية وإنهيار منظومتها السياسية لتلعب دورا لم تتوقعه، أو تنتظره الرياض التي تجد فجأة إن البحر الأحمر لم يعد تحت السيطرة، وهو الخطر الذي تحسسته مصر أيضا التي تمثل نقطة إلتقاء مغرب الأرض بمشرقها من خلال قناة السويس وتشرع من أشهر في فتح قناة ثانية لتزيد قدرتها على إستيعاب السفن المارة من القناة الأولى ولكنها تصطدم بمخاطر جمة بعد سيطرة الحوثيين على أجزاء من اليمن بما فيها موانئ على البحر الأحمر وتهديد مضيق باب المندب البوابة الشرقية للبحر الأحمر والذي يسبب إغلاقه، أو تهديده إغلاقا وتهديدا لقناة السويس التي تفقد أهميتها تلقائيا في حال إغلاق هذا المضيق، وهي كما السعودية ودول أخرى في الخليج تخشى من النفوذ والتمدد الإيراني الذي رأت إنه يتجسد في الحراك الحوثي.
ذلك كله لايلغي المخاوف من تمدد وإتساع رقعة الصراع في منطقة متوترة تتصاعد فيها حدة الطائفية وتضربها تهديدات التنظيمات المتشددة التي سيطرت على المنطقة خلال الأشهر الماضية وأدخلت المجموعة العربية في حال من الرعب والخشية من صراع يمكن أن يقود مجتمعاتها الى مزيد من الفرقة والشتات، وضياع فرص المستقبل في ظل تخبط سياسي وإنعدام للخطط وإرتفاع نسب الجهل والأمية فيها ووجود أنظمة أكثر تخلفا لاتملك خططا ولاإستراتيجيات للمستقبل على الإطلاق، وكان معظمها ضحية لفضيحة الربيع العربي، ومع إستمرار النزاع السياسي والإقتصادي ووجود اللاعب الصهيوني الخطير وتحالفه مع الولايات المتحدة ومحاولته تضييع القضية الفلسطينية فإن شكل التدخلات سيأخذ لونا قاتما خلال الفترة المقبلة وماعلينا إلا إنتظار النتائج.
قريبا جدا سيبدو من هو المخدوع ومن هو الذي سيدفع الثمن، ومن هو المخادع والمستفيد بوجود أمة يحكمها الأغبياء.