نشرت صحيفة الصباح الحكومية والمقربة من السيد رئيس الوزراء امس (11/6/2013 ) مقالا افتتاحيا تحت عنوان 17 بالمئة بقلم رئيس تحريرها السيد الشبوط، حيث تناول فيها بعد عودته الى بغداد الوضع الاقتصادي والخدمي في مدينة السليمانية التي كان في زيارة لها مؤخرا. ويبدو ان السيد الشبوط قد صدمه واقع المدينة الكردية التي كانت وغيرها من المدن والبلدات الكردية في الاقليم عبارة عن مدن وبلدات مهملة لا تعرف الخدمات اليها طريقا ناهيك عن واقعها الصناعي والزراعي البائس خصوصا في عهد الديكتاتورية البعثية. ما حدا به وهو على حق طبعا في طرح تساؤلات منطقية جدا مقارنا من خلالها بتطور المدينة “السليمانية” مع بقية مدن العراق في الوسط والجنوب والغرب على حد قوله، من حيث توفر الطاقة الكهربائية ونظافة المدينة ومجالات الاستثمار الاجنبي والتي لاحظها في المشاريع العملاقة ومنها مجمعات سكنية على احدث طراز، وكان عليه لايضاح الصورة لنا نحن العراقيون خارج الاقليم وخارج البلد ان يتناول الواقع الصحي والتعليمي والسياحي والزراعي ومنه احياء الغابات وغيرها الكثير وفي المقدمة منها استتباب الامن في مقالته الانفة الذكر، كي نكون قريبين جدا مما يريد السيد الشبوط الوصول اليه ونحن معه بكل تأكيد. لقد كتب السيد الشبوط في نهاية مقالته بعد ان تناول واقع الخدمات مثلما ذكرنا بشكل سريع متسائلا (المقارنة بين الاقليم وبين بقية مناطق العراق مشروعة، مثلها في المشروعية التساؤل عما حققته الـ83 بالمئة من الميزانية، وهي حصة الوسط والجنوب والغرب، في هذه المناطق. لماذا لم تحقق هذه النسبة نفس ما حققته الـ17 بالمئة في كردستان؟ اين يكمن الخلل؟ البحث عن اجابات علمية وموضوعية لهذه الاسئلة وما شابهها ليس ترفا فكريا ولا ينطوي على مضيعة للوقت. لا بد ان تتم الاجابة بالشكل الذي يساعد على جعل سكان مناطق الـ83 بالمئة ينعمون بنفس مستوى الحياة الذي يتمتع به سكان مناطق الـ17 بالمئة. فهم ليسوا من جنس اخر!). يبدو من خلال اسئلة الشبوط المشروعة هو بحثه عن اجابات علمية وموضوعية لتساهم في ان يكون العراق “العربي” – دون الاقليم – والذي يتمتع بنسبة 83 بالمئة من ميزانية البلد التي وصلت الى ما يقارب المئة وثمانية عشر مليار دولار وهي الاضخم في تاريخ العراق لليوم، كما الاقليم من حيث الخدمات المقدمة لابنائه والتي جعلت السيد الشبوط ان يكتب من اجلها مقالته. ولان السيد الشبوط كاتب محترف ويرأس مؤسسة اعلامية ضخمة ممولة من السلطة فانني اتعجب من سؤاله حول الاجابات العلمية والموضوعية لاسئلته. لان المعروف ان الاجابات العلمية يجب ان تكون لنظريات علمية او احداث تاريخية وسياسية كبيرة وغيرها العديد مما يتعلق بالاقتصاد وفروعه والزراعة والصناعة والفلك والطب وبقية العلوم على سبيل المثال، اما طلب اجابات علمية عن بديهيات تشاهد بالعين المجردة فانه امر غير منطقي بالمرّة، ولكي اقرب الامر للسيد الشبوط اقول، ان سؤال شخصا ما عند الساعة الثانية عشر ليلا والقمر يتوسط السماء الذي تنيره الالاف من النجوم حول حالة اليوم ان كان نهارا ام ليلا ساعتها ومكانها علاوة على انه لا يحتاج الى اثبات علمي لانه بديهي، فانه يحمل نوعا من السذاجة الفكرية مع جلّ احترامي للسيد الشبوط ووجهة نظره هذه. ولان السيد الشبوط قد تناول في مقالته ويتفق معه الكثيرون المشاكل العديدة والكثيرة التي في الاقليم خصوصا السياسية منها، ونستطيع ان نضيف اليها واقع حقوق الانسان والعنف ضد النساء والرشاوى والفساد وغيرها مما هو موجود في بقية انحاء العراق لحدود معينة لن تتجاوز ما هو في المركز مطلقا، فاننا سنتجاوز مشاكل الاقليم العديدة هنا لنبحث مع السيد الشبوط وبعيدا عن اي ترف فكري عن اسباب تقدم العراق “الكردي” ان جاز التعبير عن نظيره “العربي” الذي لم يقر فيه لليوم قانون النفط وقانون الاحزاب وقانون انتخابات منصف للجميع وغير لصوصي وغيرها من القوانين التي نحن بأمس الحاجة اليها للنهوض بواقع البلد والوصول به الى واقع الاقليم الكوردي ذو السبعة عشر بالمئة. السبب ايها السيد الشبوط ومن دون الدخول في متاهات النظريات العلمية والتجارب المخبرية ولا حتى قراءة معمقة ولا بسيطة للتاريخ والحركات الاجتماعية وبعيدا عن نظريات الاقتصاد والفلسفة وبعيدا حتى عن “الخيرة” و”الفال” و” التخته رمل”، السبب هو العشائرية التي تغذي طائفية مقيتة تبنتها احزاب “اسلامية” طائفية تعتمد في حل مشاكل البلد على طبقة رجال الدين الذين يسعون الى بناء مجتمع وفق مقاسات محددة بعيدة كل البعد حتى عن الاسلام قريبة كل القرب من الطائفة والمذهب، وما لهذا البعد والقرب من خطرعلى البلد وعلى النسيج الاجتماعي العراقي نتيجة احترابها المستمر بأعتمادها على ميليشيات مرئية وغير مرئية وتوظيف المال العام وهو جزء من الثلاثة وثمانون بالمئة التي تتحدث عنها لنشاط هذه المليشيات، اضافة الى توظيفها “اموال الشعب” في مشاريع وهمية تسرقها الحيتان الطائفية لتتقاسم حتى “الفضلات الباقية” كمنح وقروض ميسرة وقرطاسية نعم ايها السيد الشبوط نواب برلماننا شبه الاميين تخصص لهم اموال لشراء القرطاسية!!! السيد الشبوط انت تعلم ان البلدان تتقدم بالعمل الذي قال عنه النبي محمد (ص) انه عبادة فكم هي عدد الساعات التي تهدر في مناسبات طائفية كل عام؟ وبالامس القريب وفي طقس طائفي تباهت الاحزاب الطائفية بتعداد زائريه الذي وصل وفق الاعلام الى سبعة ملايين انسان، ولو فرضنا ان كل واحد منهم قد خلّف كيلوغراما واحدا من الازبال في المدينة لكانوا قد تركوا سبعة آلاف طن من الزبالة وهنا اعرف تحديدا حجم دهشتك بنظافة مدينة السليمانية مقارنة ببقية مدن العراق “العربي”. السيد الشبوط اعمل والاخرين من اجل حظر ومنع تأسيس احزاب على اساس ديني وطائفي عندها ترى بلدنا اكثر جمالا واكثر بهاءا من مدن الخليج وغيرها. السيد الشبوط صدقني لو اعطيت حكومة المنطقة الخضراء اليوم ميزانية العراق كاملة ولو ضاعفتها حتى فان الوضع سيبقى على ما هو عليه، لان – وهذه بديهية ايضا – شهية لصوص المنطقة الخضراء كبيرة جدا. “ايها الناس، انما انا واحد منكم، لي ما لكم وعليّ ما عليكم، والحق لا يبطله شيء” … الامام علي.