حتمية انهيار النظام السياسي في العراق
ادهم ابراهيم
على وفق قانون الاستمرارية لنيوتن
عندما نقوم بركل الكرة بقوة تستمر بالتحرك بسرعة ثم تأخذ بالتناقص حتى تنخفض سرعتها الى الصفر أخيراً .
وهكذا قام الامريكان بدفع نظام الحكم في العراق بقوة ، وبقي مستمرا بالتناقص مع الزمن ، حتى وصل بعد تسعة عشر عاما الى نقطة الصفر .
وهذه حقيقة لاتخفى على كل مراقب للعملية السياسية في العراق فهي الان في مرحلة الاحتضار فلا الحوار ولا مجلس النواب ولا الميليشيات ولا الجارة الشرقية قادرين على ايقاف التدهور الى حد الصفر .
حيث ان الشعب قد اصيب بخيبة امل كبرى بنظام الحكم الديموقراطي الذي كان يصبوا اليه ، عندما تم تفريغه من محتواه نتيجة حرف الدستور ، وتشريع القوانين التي تخدم سلطة الاحزاب الفاسدة . ونهب خيرات البلد .
فبعد تقاسم موارد العراق الضخمة تم القضاء على الصناعة ثم التعليم والصحة .
واضعفوا الدولة الى حد تمكين دول الجوار من التدخل في الشؤون الداخلية حتى فقد العراق استقلاله وسيادته .
انها عملية ممنهجة لتدمير الدولة والبنى التحتية لها ، مما جعل قطاعات واسعة من الشعب تحت خط الفقر ، مع تفشي الامية والبطالة ، ومارافقها من تعاطي المخدرات وانتشار العصابات المنظمة والقضاء على الثقافة والعلوم والفنون .
وكذلك اهمال مصادر الثروة المائية حتى تجاسرت دول الجوار على قطع الانهار والجداول .
وعمت الفوضى بعد تكريس الحس الطائفي . واتباع سياسة تكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير ، واغتيال المعارضين وقمع الاحتجاجات، مع عجز القضاء عن توفير العدالة .
لقد أصبح الفساد جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي في ظاهرة غير مسبوقة ، مما جعل العراق من بين أكثر دول العالم فسادًا وتخلفا .
فالطبقة السياسية تحولت الى مجاميع من المافيات تحرسها ميليشيات خاصة تتولى عمليات النهب المنظم .
اما الخلافات الحزبية فقد وصلت الى حد كسر العظم واصبح النظام على حافة الهاوية ، بعد ان انهارت كل محاولات اصلاح النظام من الداخل وانتهت الترقيعات والفتاوى والقرارات القضائية ، وانكشفت الاعيب قادة الاحزاب فأخذوا يدورون في حلقة مفرغة لانهاية لها ، ولم نجد فيهم رجل رشيد لتدارك الوضع وانتشال الوطن من بؤر الفساد والتخلف والعمالة .
لقد تسلط على حكم العراق منذ عام 2003 شخصيات مغمورة تافهة جلبها المحتل الامريكي من مايسمى بالمعارضة ، وماهم سوى لصوص وقتلة هاربين من الوطن تحت شعارات دينية ، سرعان ما انكشفت وظهر للعيان زيف الادعاءات .
فعملوا على تخريب كل المظاهر الحضارية لهذا البلد الاصيل . وعارضوا كل محاولة لاعادة تشكيل الدولة او بناء نظام سياسي رصين . تحت شعارات قدسية زائفة لسلب حق الشعب في الحياة الحرة الكريمة .
وهكذا تم تشويه الديموقراطية وحكم الشعب ، حتى وصلوا الى نقطة الصفر واللاعودة . وهم في كل مرة يعيدون تدوير نفس الوجوه ، ويكررون نفس الاطروحات القديمة التي عفى عنها الزمن في محاولات رخيصة لكسب تأييد الناس البسطاء ، ولكن دون جدوى .
ومع كل ذلك فمازالوا يحاولون بشتى الوسائل والطرق ايقاف الانهيار الشامل لمنظومتهم السياسية الفاسدة المتخلفة .
ومع ادراكهم لنهايتهم القريبة ، فهم مازالوا يسعون حتى النفس الاخير للبقاء في سلطة لم تكن في اي يوم من الايام على مقاسهم .
فقد لبسوا لبوس الديمقراطية والورع والحديث باسم الاغلبية . ولكنهم خانوا الشعب وسرقوه واضطهدوه ، وانقلبت الاغلبية التي ادعوا تمثيلها عليهم بعدما تكشفت اوراقهم وتدينهم الزائف وادعاءاتهم الكاذبة .
وبعد ازمات الحكم المتكررة نتيجة المحاصصة وتقاسم الثروات ، كان اخرها فشل الاحزاب والكتل الحاكمة من الاتفاق على تشكيل الحكومة لمعارضتهم اي بادرة اصلاح للخروج من نظام تقاسم قوت الشعب ، فاصبح النظام السياسي مشلولا” تمامًا .
ولم يعد بالامكان انقاذ هذا النظام المتهرئ باي وسيلة كانت ، ووصل الى نهايته المحتومة .
وهكذا فان الركلة الامريكية التي اوصلت سياسي الصدفة الى سدة الحكم ، واستمرارهم لتسعة عشر عاما قد توقفت لفشلهم في حكم البلد ، او تطوير انفسهم مع عجزهم عن تحقيق اية مكاسب للشعب تمكنهم من الاستمرار لفترة اطول .
والان يقع على عاتق الجماهير مهمة اطلاق رصاصة الرحمة على رأس النظام ، وازاحة الفاسدين عن السلطة نهائيا ، والمباشرة في بناء الدولة على انقاض عبثهم وفسادهم .
دولة تليق بالعراق واهله ، وليس ذلك ببعيد .
ادهم ابراهيم