الرئيس أوباما الذي يشبهني كثيرا تحدث في برلين عن هزيمة داعش ومكاسبها قصيرة الأجل، وأكد لرئيس الحكومة العراقية دعم واشنطن المستمر لبغداد في مواجهة التنظيم الشرير، وكان ذلك على هامش مؤتمر برلين  الذي عقدته الدول السبع الكبرى في العالم، لكنه لم يغفل عن الوضع في سوريا، وماوصفه أوباما بالعدوان الروسي على أوكرانيا، وملف العراق، ومواجهة تنظيم داعش المتطرف.

رئيس حكومة العراق السيد العبادي لديه مطالب عديدة، لكنه يعرف إن إمكانية تلبيتها جميعا غير واردة في المرحلة الحالية بإستثناء إن أمريكا وبعض الحلفاء تعهدوا بتقديم المزيد من الدعم الجوي والتسليح والتدريب لقوات عراقية مرتبطة بالحكومة مباشرة، ولهذا فليس متوقعا أن تكون مكاسب العراق كبيرة من مؤتمر برلين الذي جرى التحضير له بوصفه مؤتمرا للحلفاء الكبار، لكنه يناقش قضايا العالم بطريقة أكثر جدية من بعض مؤتمرات العلاقات العامة كالذي عقد في باريس قبل أيام قليلة، وكان محوره الأساس محاربة داعش، والحقيقة إن المؤتمر كان يمثل مصلحة لباريس التي تريد بيع طائرات وأسلحة لدول تخشى داعش وأخرى تتحالف ضدها، عدا عن الدول التي تختلق الأعداء وتشتري السلاح لمحاربتهم بكل الطرق الممكنة.

ماهي المساعدة التي يمكن للدول السبع الكبرى أن تقدمها للعراق في هذه الظروف التي تدخل فيها دول أخرى أعضاء في الناتو وحليفة للغرب كشريك لداعش في حربه ضد العالم العربي والإسلامي، وتمارس دورا قاسيا في تخريب البنية الإجتماعية والتاريخية والثقافية للدول ،وتلغي هويتها الوطنية، وتعمل على تقويض جهود بناء الديمقراطية فيها كما في العراق مثلا الذي عاش تجربة مرة خلال السنوات العشر الماضية، وقدم آلاف الضحايا من مواطنيه وخربت بنيته الإقتصادية، ولم يعد من امل كبير في إصلاح ماخرب في ظل وجود تحالف غير معلن بين الجماعات الإرهابية واجهزة مخابرات إقليمية ودولية بل وحكومات حتى لم تعد تخشى كشف زيف غدعاءاتها ودورها في ما يجري من مشاكل وعمليات إرهاب في المنطقة.

الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من العراق كثيرا برغم علمها بضعف قدرات الحكومة العراقية التي تتنازعها الخصومات والحروب الداخلية والفساد، ومع وجود جماعات سياسية ودينية مرتبطة بالخارج، وتعمل على تقويض الجهود الرامية لتحقيق منجزات إقتصادية وسياسية بعد سنوات من العنف أعقبت إسقاط نظام صدام حسين، فداعش الذي يتمدد في مناطق السنة يواجه بردة فعل من المجموعات الشيعية التي ترى في الولايات المتحدة الشريك غير الموثوق به، وتعرف إن إنتظار تدخلها في الملف العسكري لن يحقق الكثير مع إستمرار الشك الأمريكي من ولاءات العراقيين، والدور الإيراني، وهذا مايفسر رفض الأمريكيين الإسراع بتجهيز العراق بقطع الغيار والأسلحة والطائرات حيث تخشى واشنطن من سقوط تلك الأسلحة والمعدات بيد حلفاء إيران الذين يحاربون مشروعا ليس بالضرورة إنه ضد المشروع الأمريكي في المنطقة.

لاتتوقعوا الكثير من واشنطن.