للتاريخ شواهد واثار لايمكن ان يتجاهلها المؤرخون في عملية التدوين مهما كانت تأثيراتها رغم أن بعض الامور في مجال الحديث والشعر والقصة قد اهملت وجرى عليها تعتيم لكي تطوى وتنعزل خوفا من حكام الجور الا أن الحقيقة لاتزيف ولاتسوف مهما اشتدَ غبار الزمن عليها , فدول الشيعة وحكامها اينما وجدوا في المعمورة كانت لديهم بصمات في البناء والحضارة يشار اليها بالبنان ونقشت مآثرهم في سفر التاريخ بجدارة اعمالهم وتضحياتهم واضافة الى منجزات الحضارة الاسلامية ارث تتفاخر فيها اجيال الامة ,وواحدة من تلك الشعائرالمعمورة والخالدة لهذا اليوم هو جامع الازهر شيعي الاصل والمولد , أنشأه جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي سنة 359 هـ , وأقتصر التدريس فيه على المذهب الفاطمي في الفقه , وعلى تعاليم الشيعة في الدين والتوحيد والفلسفة, وكان القضاء والفتوى والتدريس في مصرعلى مذهب آل البيت, وأول كتاب قريء في الازهر كتاب( الاقتصاد) في فقه آل الرسول ثم كتاب ( دعائم الاسلام في الحلال والحرام والقضايا والاحكام من اهل بيت الرسول عليه وعليهم الصلاة والسلام(, وهكذا كان الازهرالشريف قبلة ومناراستطاع ان ينشرعلوم وفكر اهل البيت الى بلاد الشام والمغرب واستمر حكم الفاطميين من سنة 296هـ الى 756هـ وعدد خلفائهم 14 وكثر التشيع في ايامهم , ويعتبر صلاح الدين الايوبي كردي الاصل الذي قربه العاضد اخر خلفاء الفاطميين وقلده الوزارة بعد شهرين من وفاة عمه نور الدين شيركوه الذي كان مخلصا الى الفاطميين وحقق انتصارات على الافرنج , استغل صلاح الدين الايوبي مكره وخداعه وبدلا من أن يكافىء العاضد على أحسانه اخذ يكيد له, ويضايقه واخير انتزع منه السلطة وصادر جميع امواله حتى الفرس الذي كان يركبه واصبح العاضد معتقلا تحت يده , وبعث صلاح الدين الى ابيه واخوته واهله , فقدموا اليه من الشام , فأخذ دورالامراء الفاطميين واقطاعاتهم ووهبها لهم ولاصحابه , ثم قام بعزل القضاة الشيعة,واستناب عنهم بقضاة شافعية والاكثر من ذلك أبطل من الأذان حي على خير العمل واختفى مذهب التشيع الى ان نسي في مصر,أما سياسته مع الاسرة المالكة الفاطمية , فقد كانت سياسة القمع والنذالة والخسة بابشع صورها, وقام بحبس بقايا العلويين في مصر واخرجهم من دورهم , ولم يكتفي صلاح الدين عن سفك الدم فقط ونهب الاموال بل تعد الى العلم والتراث , فقد اشتهر عن الفاطميين انهم يحبون العلم ويهتمون بالترجمة والتأليف وكانت لديهم مدارس علمية وحرية الفكر ويسمحون لاي شخص ان يؤلف وينتقد حتى لو كان مخالفا لفكرهم , واتصور ان هذه السياسة هي مبدأ الديمقراطية وفسح المجال للتعبير عن الرأي التي فقدت في زمن صلاح الدين ومن بعده , فقد كانت لدى الفاطميين مكاتب ازهرت الدنيا بمختلف العلوم في مجال الفقة والتاريخ والفلسفة والطب والمكاتب متعددة واهمها كانت مكتبه بالقصرالفاطمي يفيض المؤرخون من وصفها وحسن ترتيبها ونوعية علومها وهي كانت تراث ومفخرة للعالم الاسلامي حتى قدرت بمئتين الف مجلد على مختلف سائرالعلوم ,,كما توجد اثار ومطبوعات في دار الحكمة للفاطمين وكان يحتوي جامع الازهرايضا الى جانب القصر الفاطمي مكتبة خاصة به وتهتم بالحديث ونشرعلوم اهل البيت وبمختلف الاختصاصات , فقد اتلفها صلاح الدين الايوبي وابعد اثارها , في الوقت الذي نحن لاننكر ان صلاح الدين الايوبي استطاع ان ينتصر في حروب الصليبين ويقدم بطولات ضد الفرنج , الا ان هذا لايعني اننا نخفي الجانب المهم والذي دمر فيها الحضارة ومزق الاف الكتب وخان ثقة الخليفة الفاطمي وقد ملىء التعصب والجهل فكره والحقد الواضح وبغضه الشديد من خلال اعماله التي يندى لها جبين الانسانية على مذهب ال الرسول , وحينما نصف ونكتب الاحداث لانكتبها بمفهوم التعصب والمبالغة والتشدد برمي الاباطيل وانما هذا التاريخ قد كتبه اعداء ال الرسول قبل ان يكتبه احبائهم , وبعد اكثر من الف سنة الا خمسين عاما , لازال اثر الحضارة والفكر تبث نسيمها من جامع الازهر وليس كما كان في السابق مرتع وفيض لكافة العلوم الانسانية والحوار وتبادل الاراء فيه مطروح ومسموح , الشيعة اينما حكموا اقامو اثارا واضحة للحضارة كما يقول الكاتب المصري الفذ والمستبصر عبد الفتاح عبد المقصود (أن في عقيدتي ان الشيعة هم واجهة الاسلام الصحيح , ومرأته الصافيه , ومن اراد ان ينظر الى الأسلام , عليه ان ينظر اليه من خلال عقائد الشيعه ومن خلال اعمالهم والتاريخ خير شاهد على ماقدمه الشيعة من الخدمات الكبيرة في ميادين الدفاع عن العقيدة الاسلامية ), وفي عام 1872 صدر اول قانون نظامي للازهر رسم كيفية الحصول على الشهادة العالمية وحدد موادها, وفي عام 1930 صدر قانون رقم 49 الذي نظم الدراسة في الازهر ومعاهده وكلياته على ان التعليم في الازهر يشمل كليات الشريعة وكلية اصول الدين وكلية اللغة العربية , وبعد عام 1961 صدر قانون بمقتضى هذا القانون رحب الازهر بكليات التجارة والطب والهندسىة والزراعة ,واليوم يترأس جامعة الازهر الشيخ احمد الطيب منذ 19/3/2010 , ومفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة الذي اشتهر بارائه العادلة وتقاربه مع مذهب اهل البيت عليهم السلام , وقد خرج الازهرعلى عبرسنيين دراسته الكثير من العلماء واغلب هولاء العلماء اسسوا حركات مخالفة ومتشددة للدين الاسلامي , وهذا القرضاوي الذي يفتخر انه احد طلاب الازهر الشريف واليوم يقود حملة عنصرية طائفية متعصبه ضد مذهب اهل البيت وتربطه علاقات مع يهود اسرائيل ويرتمي مع المصلحة التي تنخر الجدار الاسلامي , ولايختلف الامر عن العلامة عبد المجيد الزنداني وهو احد كبار علماء ومؤسسي جماعة الاخوان المسلمين يمني الاصل ودرٌس في جامعات السعودية , وكانت لديه اراء متشدة جدا واصيب بالاحباط وفصل من عمله وطرد من مصر وذهب يحارب ويدعم التيارات التكفيرية ,حتى صنفته امريكا بالارهابي والاب الروحي لزعيم تنظيم القاعدة , اما ما يصدر اليوم من بيانات من جامع الازهر وخصوصا في زمن الشيخ علي جمعة جاء نتيجة لان جامع الازهر اضافة الى انه صرح ديني شابها بعض التأثيرات السياسية وتستند في اصدار فتاواها وبيانتها على المعلومة من المؤسسات الاعلامية او رجال السياسة ذو التاثير في حياكة الخبر ولم تكلف نفسها العناء للحصول على المعلومة الصحيحة من وسط الحدث حفاظا على ارثها وتاريخها الطويل.
بقلم: صادق غانم الاسدي