صلاح بابان
أثار فتوىلاتحاد العلماء المسلمين في اقليم كردستان بشأن ركوب المرأة في سيارة الأجرة “التاكسي”بدون محرم معها، حفظية نساء الاقليم لاسيما الناشطات والعاملات في مجال الاعلام،واصفات اياه بـ”استصغار وانتقاص من مكانة وشأن المرأة”.
وأفتى الاتحاد بعدمجواز خروج المرأة في الليل والصعود في سيارة التاكسي بدون محرم معها “ما لميكن لحالة طارئة وضرورية”، وعدم جواز الخروج في سيارة أجرة “بدون محرمالى خارج المدينة”.
وأصدر اتحادالعلماء المسلمين في الاقليم بيان حول ركوب المرأة لسيارة الأجرة لوحدها جاء فيه:”بعد زيادة الحالات المحرمة والجرائم والمشاكل الاجتماعية، وورود العديد منالأسئلة والاستفسارات حول ركوب المرأة لوحدها في سيارة التكسي، فضلاً عن المبلغالذي يحصل عليه سائق سيارة الأجرة فيما اذا كان حلالاً أم حراماً، اجتمع المجلسالأعلى للفتوى في الاقليم حول هذا الأمر، ليبين موقفه الشرعي من الأسئلة والمسائلالمطروحة”.
وأضاف الاتحاد فيفتواه، انه “لامشكلة لخروج المرأة مع محرم معها في أي وقت كان ولأي مكان، وهوالأصل الشرعي الصحيح، وان خروج امرأتين أو أكثر لا مخالفة شرعية فيه سواء كان الىالدوام او الى أي مكان آخر، لان الأمر لايحدث فيه خلوة شرعية، واذا كانت السائقامرأة يفضّل أن تصعد معها امرأة لكن لايجوز أن يصعد معها رجل، وعلى المرأة انتطمئن من نفسها عند صعودها السيارة وان يضبط السائق نفسه، وان من الأفضل ان تصعدالمرأة الى المقاعد الخلفية للسيارة”.

الخروج ليلا
ويضيف البيان:انه “في حال كانت المرأة غير مطمئنة من نفسها وكذلك الحال مع الرجل، علىالمرأة ان تنزل من السيارة على الفور، وان امتنعت المرأة عن ذلك على الرجل انيبادر بالنزول مباشرةً دون تردد خوفاً من الوقوع في الحرام”.
وتشدد الفتوىعلى ضرورة “عدم خروج المرأة في الليل والصعود في سيارة التاكسي بدون محرممعها ما لم يكن لحالة طارئة وضرورية ومتأكدة من نفسها، وكذلك أن لا تخرج في سيارةأجرة بدون محرم الى خارج المدينة”.
وفيما يخص المبلغالمستحصل من أجرة التنقل، ترى الفتوى أن المبلغ سيكون “حلالاً ما لم يقع سائقسيارة الأجرة في الحرام، أو لم يستغل عمله للعمل المحرم”.
وازدادت ظاهرةعمل المرأة كـ”سائق تاكسي” في الاقليم خلال السنوات الخمس الأخيرة، ممااثار انتباه العديد من وسائل الاعلام ورجال الدين.

ينتقص من حقوقالمرأة
من جانبه ردالمجلس الأعلى لشؤون المرأة في اقليم كردستان على بيان اتحاد علماء المسلمين فيالاقليم حول سياقة المرأة لسيارة التاكسي أو الركوب فيها بدون محرم، قائلاً ان”اصدار فتوى لعمل سائق أجرة بالنسبة للنساء في هذا التوقيت لايخدم المساواةوالعدالة والسلم الاجتماعي وحقوق الانسان أبداً، وان هذا الفتوى تقلل من شأنالمرأة والرجل لاسيما سائقي سيارات الأجرة”.
وقال المجلس فيبيان ترجمته “صباح كوردستان”: انه “تزامناً مع انطلاق حملة لمكافحةالعنف ضد النساء في الاقليم، أصدر المجلس الأعلى للافتاء في اتحاد العلماءالمسلمين في كردستان بياناً بالرقم 144 في 4-12-2019 حول عمل المرأة كسائقة سيارةأجرة دون مراعاة حقوق ومكانة المرأة”.

الفتوى مخالفةلعمل المؤسسات
وعدّ بيان المجلسالأعلى لشؤون المرأة، فتوى المجلس الأعلى للافتاء في الاقليم بـ”مخالفلعملالمؤسسات والدوائر الرسمية والقوانين وأسس المساواة وهو أحد التوجهات العامةلبرنامج حكومة الاقليم الحالية”.
ودعا البيان، المجلس الأعلىللافتاء الى “التعامل بمنطقية ومن مكان المسؤولية مع المسائل الاجتماعية الحساسةومنها ما يتعلق بسياقة المرأة وركوبها سيارة الاجرة”.
وشدد المجلس الأعلى لشؤون للنساء في الاقليم على ضرورة أن “يوظف اتحادالعلماء المسلمين في كردستان مكانته الدينية للمسائل الاجتماعية والسلم الاجتماعيوالمساواة وان يبتعد عن اثارة هكذا مسائل”.

التقليل من شأن المرأة
ووصفت الصحفيةالكردية شيني عثمان صدور هكذا فتوى، في وقت أصبحت المرأة ضحية المشاكل الاقتصاديةوالسياسية والاجتماعية، بأنها تأتي “للتقليل من شأنها ومكانتهاالاجتماعية”.
وأكدت في حديثٍخاص مع “صباح كوردستان”: ان “الاقليم أطلق حملة توعوية للتقليل منحالات العنف ضد النساء لـ16 يوماً، لذا فان نشر هذا البيان في هذه الفترة تحديداًما هو إلا صورة من صور العنف ضد المرأة”.
وتقول عثمان انالنقاط التي ذكرت في فتوى المجلس الأعلى للافتاء في الاقليم تدل وبشكل واضح وصريح علىان “اتحاد العلماء لايؤمن أو يعترف بالمساواة بين الرجل والمرأة كون النقاطجميعها تقلل وتصغّر من شأن المرأة ومكانتها من خلال السماح للرجل بقيادة السيارةسواء كانت أجرة أو خاصة والذهاب لأي مكان يفكر فيه إلا أن الحالة غير مقبولةبالنسبة للمرأة”.

بيان اتحادالعلماء خدش المرأة
وترى الصحفيةالكردية ان ركوب المرأة في سيارة أجرة ليس بـ”ظاهرة جديدة في كردستان، كونالمجتمع الكردستاني يشهد انفتاحاً عصرياً منذ عقود وتتمتع المرأة فيه بنسبة عاليةمن الحرية ولها حقوقها ومكانتها مقارنةً مع الرجل إلا أن نشر البيان في هذاالتوقيت كان غير مناسب وأصاب المرأة بخدش حاد”.
وتضيف عثمان، انوصف المرأة لفتوى اتحاد علماء المسلمين في الاقليم بحالة من حالات العنف ضدهالايعني بالضرورة أنها “ضد الدين أو الفتاوى الدينية، بل بالعكس، كل ما نريدان نقوله اننا نرفض رفضاً قاطعاً أن يتم التقليل أو التصغير من شأننا كمرأة تحت أيفتوى أو توجه كان، لكن ما حصل في بيان اتحاد علماء المسلمين هو بحد ذاته تقليلوتصغير من شأن المرأة ومكانتها، في وقتٍ تعتبر المرأة عنصراً فعالاً وايجابياً فيالمجتمع وعلى كافة الأصعدة والمستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”.
ودعت عثماناتحاد علماء المسلمين في كردستان الى اصدار فتوى ضد الأشخاص الذين يعرضون المرأة”لحالات عنف والذين يصغرون من شأنها ومكانتها ومن يقومون بقتل موهبتها وعنالأشخاص الذين يقومون بالتحرش بالنساء في الاماكن العامة واضعاف دورها، لا أن يقومباصدار فتوى ضد المرأة نفسها”.

تفسير الفتوىبشكل خاطئ
بدوره يقولمسؤول الاعلام والعلاقات في اتحاد العلماء المسلمين بالاقليم حسن قادياني ان”اصدار هذا الفتوى جاء بعد ورورد آلاف الاسئلة حول هذ الموضوع”، معبراًعن اسفه في حديث خاص مع “صباح كوردستان” لأخذ الموضوع أكثر من “حجمهالطبيعي وفسّر بطريقة غير صحيحة وبعيداً عن المنطق”.
وأكد قادياني ان”اصدار الفتوى لم يكن اعتباطاً وانما جاء وفق رؤية الشريعة الاسلامية”،متسائلاً: “لو سألنا قس مسيحي عن موقفه الشرعي من صعود امراة لوحدها في سيارةأجرة هناك شكوك حول من يقودها، كيف سيكون رده، ولو سألنا أي رجل آخر، ألن يكونجوابهم نفس جواب الفتوى الصادر عن اتحاد علماء المسلمين..؟”.

3800 سؤال حولركوب المرأة للسيارة
وأشار الى أناللجنة الخاصة بالافتاء تلقت خلال المدة الماضية أكثر من “3800 سؤالاً حولركوب المرأة لوحدها في سيارة تاكسي دون وجود محرم معها وعلى هذا الأساس نحن أصدرناهذا الفتوى”، نافياً في الوقت نفسه ان يكون البيان للانتقاص من “حقوقومكانة المرأة والتقليل من كرامتها”.
من جانبها تعلقعضو المجلس الأعلى لشؤون المرأة في كردستان أمل جلال على بيان اتحاد علماءالمسلمين في الاقليم قائلةً، انه “للأسف لم نكن ان نتوقع هكذا بيان من طبقةدينية مثقفة في الاقليم وهي اتحاد العلماء المسلمين”، مضيفةً في حديثٍ خاص مع”صباح كوردستان” ان البيان جاء “مخيباً للآمال بالنسبة للنساء فيالاقليم”.
وأشارت إلى أنالبيان لم يكن “فتوى وانما تنبيه للمرأة على أساس أنه يقلل من حالات العنفإلا أن البيان في مضمونه جاء انتهاكاً لحقوق المرأة وقلل من شأنها وكرامتها”.
وأكدت جلال ان”المرأة الكردية أكبر بكثير من أن تنبّه بهكذا بيان بعد التضحيات الكبيرةالتي قدمتها سواء كان في النضال المسلح أو الانخراط بالعمل السياسي وسوق العملجنباً الى جنب مع الرجل”.