بالفترة الاخيرة لاحظت تحمس الرأي العام العربي نحو المرشحة لمنصب الرئاسة الامريكية هيلاري كلينتون، حتى دخل المال العربي كعادته على الخط و بات يروج لها داخل الولايات المتحدة، و لكن دعونى انجز لكم فى سطور بسيطة تداعيات تولى واحدة من أكثر الشخصيات غموضا فى تاريخ الولايات المتحدة على منطقة الشرق الاوسط، و هذا ليس دفاعا عن الموتور نفسيا دونالد ترامب .

 

ليبيا التى قالت كلينتون على شعبها ” ان الشعب الليبي أغبى من أن يحكم بلاده بنفسه ”  ستعود للمربع صفر مجددا فى ظل أعتماد زعماء دول حلف شمال الأطلسي يوم 8 يوليو الجاري قرار التمركز بمنطقة وسط البحر المتوسط في إشارة للمنطقة الواقعة قبالة السواحل الليبية، و ياتى ذلك فى ظل احتمالية عودة ساركوزي للاليزيه مرة اخرى و رغبته الواضحة فى استكمال ما بدأه بليبيا عام 2011م، بجانب أطماع المستعمر القديم تجاه ليبيا بعد أن جمعت روما قيادات التنظيمات الارهابية بليبيا و فى مقدمتهم عبد الحكيم بلحاج و مهدي الحاراتى و خالد الشريف و غيرهم لتحييد الجيش الوطني الليبي .

 

فى تصدر كلينتون المشهد السياسي الامريكي ستشهد جماعة الاخوان المسلمون صحوة جديدة، و ستكون مصر و الاردن و الكويت و الجزائر فى المقدمة فى ظل تواجد هما عابدين و اخواتها باعلى دائرة فى واشنطن، و للعلم قصة هما محمود عابدين مساعدة كلينتون و نائبة رئيس الموظفين لوزيرة الخارجية و الابنة الثانية لكلينتون كما تلقب هى صفحة واحدة من كتاب هيلاري كلينتون الغامض الذى لم تفصح عن حقيقته شئ سوى بعض التمويهات بمسمى مذكراتها .

 

تنظيم الدولة الاسلامية داعش التى شاركت كلينتون فى صناعته واعداده بشكل مباشر بالمراحل الاولى من عمره سيكون امام مسارين لا ثالث لهم، فقد يكمل مسيرته تحت مسمى جديد، او قد ينقل داعش برمته الى مسرح أخر غير الشام، و قد تكون شمال افريقيا هي الاقرب لظهور داعش بالمرحلة الجديدة فى ظل عودة واشنطن لتسليط الضوء على ليبيا بالفترة الاخيرة .

 

تمدد نفوذ جناح الذئاب بتركيا و على رأسهم مدير الاستخبارات التركية هاكان فيدان الذى قالت عنه هيلاري كلينتون انها ترى فيه الرجل الاقوى بالشرق الاوسط (حسب تعبيرها بأحد وثائق ويكيليكس المسربة)، و هو الرجل الذى قد يلحق بأوغلو حسب رغبة اردوغان بعد ان تم عملية جس نبض للشارع التركي بطرح اشاعة تفيد باقالة هاكان و سنيرلي اوغلو .

 

منح الضوء الاخضر لاسرائيل تجاه جنوب لبنان، و هو قد يكون التوقيت الافضل للقيادة العسكرية الاسرائيلية الحالية لتنفيذ خطتها فى الانهاء على حزب الله بعد ان خاض الموساد ضد قيادات و عناصر حزب الله حرب أستنزاف غاية الشراسة بالساحة السورية .

 

عودة الدور الحيوي لدولة قطر تجاه ملفات المنطقة الساخنة على غرار دور قطر ببداية ثورات الربيع العربي بعام 2011م، فما تحمله أجندة كلينتون يتطلب عودة قطر مجددا التى قد تكون تنحت جانبا ببعض ملفات الاقليم لدخول المملكة العربية السعودية على الخط خاصة بسوريا .

 

سيكون التنسيق الامريكي الروسي فى سوريا فى مهب الريح، فكانت هيلاري كلينتون منذ اليوم الاول فى مقدمة الفريق الغاضب من سياسية باراك اوباما لعدم التدخل العسكري الحاسم ضد بشار الاسد، و يأتى خلفها بذلك الفريق ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي الاسبق و روبرت فور السفير الامريكي الاسبق بسوريا و أكثر من خمسون دبلوماسيا بالخارجية الامريكية قدمو مؤخرا طلب للرئيس اوباما بالتدخل العسكري للاطاحة بالرئيس الاسد، و لذلك لا نتعجب التنسيق العسكري الحالي بين موسكو و واشنطن تجاه الملف السوري و رغبة بوتين فى استغلال اخر الفرص بسوريا، و استجابة كلا من جون كيري و سيرغيه لافروف لكثير من الخطوات التى تبدو أنها متناقضة بين خصمين، فكلينتون التى لم تكن يوما شخصية عسكرية تفتخر بما ارتكبته القوات الامريكية فى ليبيا عام 2011م و ترى ضرورة تكرار نفس التجربة فى سوريا، على عكس باراك اوباما الذى صرح أكثر من مرة ان التدخل العسكري فى ليبيا كان أكبر أخطائه . 

 

حقيقة الامر لن يتعجب أحد مما ذكرته عندما يتذكر هيلاري كلينتون وقت أن كانت سيناتور بمجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك عام 2001م و كيف كانت أكثر المتحمسين للتدخل العسكري فى العراق و تأييدها للغزو الامريكي للعراق بحجة امتلاك العراق صواريخ نووية بعد كوارث أرتكبتها الجيوش الامريكية ببلاد الرافدين لا حصر لها ظلت تدافع عنها كلينتون بلا اي توقف .

و أن كنا قد سلطنا الضوء على تداعيات فوز هيلاري كلينتون على الملفات الاقليمية و العربية، فما سيدور بكواليس الانتخابات الامريكية بين المرشحين هيلاري ديان رودهام كلينتون و دونالد ترامب حتى أن نرى من فيهم سيعقب باراك أوباما قد يكون حسم بأجتماعات الحكومة العالمية بمدينة دريسدن الألمانية بمنتصف يونيو المنصرم .