بقلم: علي جابر الفتلاوي
تحرير الفلوجة هو الطريق لتحرير الانبار، وتحرير الفلوجة والانبار إعلان شهادة وفاة داعش في العراق، تعد الانبار من أكبر المحافظات العراقية مساحة، وازدادت مساحتها بعد أن ضمّ نظام صدام إليها منطقة النخيب التي اقتطعها من محافظة كربلاء المجاورة، على قاعدة ( وهب الأمير ما لا يملك )، هذه المحافظة الكبيرة يسكنها عدد من العشائر العربية، وقسم من هذه العشائر لها امتدادات داخل محافظات الوسط والجنوب، مما يؤسف له أن بعض القادة السياسيين في هذه المحافظة، وبعض شيوخ العشائر وقعوا أسرى الدولار الخليجي، فباعوا أنفسهم للحكام الأعراب أصحاب دعوات الطائفية والتكفير الذين يضمرون العداء للعراق وشعبه، وأضحى هؤلاء المرتزقة يستلمون الأوامر من السعودية وقطر وتركيا الأردوغانية، وهذه الدول هي التي تدعم وترعى الإرهاب في المنطقة، إضافة إلى دول أخرى تدعم الإرهاب بعيدا عن الأضواء مثل الأمارات والبحرين التي تعيش ثورة شعبية حقيقية أقضّت مضاجع حكام الخليج الطغاة، كذلك الأردن له دور في دعم الارهاب خاصة في سوريا.
السعودية الوهابية المتطرفة التي أشاعت التكفير وأنتجت الكثير من منظمات الإرهاب في المنطقة والعالم، ولا أحد من الحكومات الغربية أو أمريكا يحملّها مسؤولية أفعالها وانحرافها، والسبب معروف ملايين من دولارات النفط الخليجي في جيوب ساسة هذه الحكومات، إضافة إلى رضا إسرائيل عن نشاط السعودية كون منهج التكفير والإرهاب موظف لخدمتها، هذه الدولة المنحرفة في الفكر والسلوك تريد فرض نفسها بالمال أو القوة زعيمة للإسلام السياسي السني، رغم رفض الغالبية من الطائفة السنية الطرح السعودي التكفيري المنتج للإرهاب والتطرف، وآخر خبر عن السعودية راعية ومنتجة الإرهاب، أن من فجّر مسجد الإمام الصادق (ع ) في الكويت هو سعودي اسمه ( فهد سلمان عبد المحسن القباع ) دخل الكويت فجر الجمعة عن طريق المطار وهو نفس اليوم الذي وقعت فيه الجريمة يوم ( 26 / 6 / 2015 )، وقد أعلنت ذلك حكومة الكويت .
السعودية اليوم تقوم بدور تفتيت المسلمين وتمزيقهم استجابة للرغبة الأمريكية الصهيونية، وكل الدلائل تشير إلى هذه الحقيقة، منها ما أكدته منظمة ( وكيليكس ) في حزيران ( 2015 ) عندما نشرت وثائق فضحت فيها دور السعودية في دعم الإرهاب، وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى خاصة العراق وسوريا ولبنان، وما عدوان السعودية الأخيرعلى اليمن إلّا دليل عملي آخر على دورها في خدمة أمريكا والصهيونية، كذلك تدخلاتها في العراق أصبحت ظاهرة لكل العالم ، إذ اشترت السعودية ومحورها بعض السياسيين المرتزقة من داخل العملية السياسية في العراق، وبدأ هؤلاء يعملون وفق التوجيهات السعودية وبقية دول الخليج وتركيا، وهذه الشلة السياسية المرتبطة بالدولار الخليجي تضم بعثيين وزعماء عشائر ورجال دين وسياسيين مشاركين في الحكومة، فشكّلوا بمجموعهم رتلا معاديا مرتبطا بأجندات خارجية، مهمته إفشال العملية السياسية في العراق، ومحاربة الشخصيات السياسية الوطنية التي تعمل لمصلحة الشعب ووحدة العراق سنية كانت أو شيعية، وبسبب هذه المجاميع الخائنة تحولت الأنبار إلى حاضنة مهمة وكبيرة للإرهاب، والفلوجة عاصمة لهذا الإرهاب .
الفلوجة هي باب الانتصار على البعثيين المتمترسين بداعش والنقشبندبة، وهي مفتاح الدخول إلى الانبار لتطهيرها من عصاباتهم، فهي مركز ثقل الحركة النقشبندية التي كان يرأسها المقبور عزة الدوري، ومركز ثقل ضباط صدام المنخرطين في الحركة النقشبندية وداعش، تحولت الفلوجة من مدينة الجوامع إلى مدينة التفخيخ والتفجير وصناعة الموت للمسلم الآخر الذي لا يؤمن بالتكفير والإرهاب، فحفروا الانفاق وفخخوا البيوت والجوامع والبنايات العامة، وخزّنوا أنواع السلاح الذي وصل إليهم من خارج الحدود، وفق هذه المعطيات يجب أن تكون الصولة على الفلوجة قبل الإقدام على تحرير المناطق الأخرى في المحافظة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا ستتضايق إذا تحررت الفلوجة، وربما تصنع العقبات من أجل عرقلة تحريرها، لأنها تعرف أن تحرير الفلوجة هو تحرير محافظة الانبار بأجمعها، وتحرير الفلوجة والانبار سيعرقل بل سيحبط المشروع الأمريكي لتقسيم العراق، لقد حددت أمريكا سقوفا زمنية للقضاء على داعش، وهي الفترة التي قدرتها وفق ستراتيجيتها لتطبيق مشروع التقسيم تحت غطاء محاربة داعش،وأتوقع من المستشارين الأمريكيين الاعتراض على خطوة تحرير الفلوجة، وإذا أصرّ العراقيون على التحرير، ربما ستقوم أمريكا بحماقة جديدة من حماقاتها الكثيرة في العراق، إذ ربما يقصف الطيران الأمريكي بعض الأهداف العراقية بعنوان الخطأ مثل ما جرى سابقا، لعرقلة تقدم القوات العراقية خاصة قوات الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية، عليه لابد من وضع خطة متكاملة ومحكمة مع الأخذ في الحسبان، ماذا ستفعل القوات العراقية من جيش وحشد شعبي وقوات مسلحة أخرى لو تدخلت أمريكا لصالح داعش في الفلوجة ؟
على الحكومة العراقية كخطوة أولى منع طيران التحالف من الاشتراك في عمليات التحرير، وفي حالة اعتراض أمريكا على تحرير الفلوجة، أو أرادت إشراك طيرانها في المعركة رغم طلب الحكومة بعدم الاشتراك، حينئذ يجب فضح أمريكا وكشف نواياها السيئة المبيتة ضد العراق وشعبه، والطلب بشكل رسمي منع طيران التحالف من التحليق في الأجواء العراقية، في تقديري على المجاهدين العراقيين من جيش وحشد شعبي ومقاومة إسلامية وفصائل أخرى أن يضعوا في حساباتهم احتمال التدخل الأمريكي لصالح داعش في الفلوجة، وعليهم وضع الردّ المناسب لو حصل مثل هذا التدخل، وآخر فضيحة أمريكية ضد العراق سقوط طائرة أف 16 التي اشتراها العراق، واستشهاد الطيار العميد ( راصد محمد صديق ) في ظروف غامضة، وسقطت الطائرة في آخر طلعة تدريبية للطيارالعراقي، والاخبار تؤشر إلى شكوك في مقتله، وللعلم أن الطائرة وأجور التدريب مدفوعة الثمن، ولغاية هذا الحادث الذي تدور حوله الشبهات لم يستلم العراق أي طائرة من هذا النوع، وصرّح أحد ضباط القوة الجوية العراقية أن مقتل العميد الطيار الذي يعد من أكفأ الطيارين العراقيين جاء مقصودا لتأخير تسليم الطائرات أف 16 المدفوعة الثمن، لأن أمريكا تماطل في تسليمها .
الانبار من المحافظات التي تعول عليها أمريكا لتطبيق مشروع التقسيم، لوجود الحواضن المرحّبة بالتقسيم من بعض سكان الانبار ممن يرتبطون بأجندات خارجية، كذلك لوجود بعض السياسيين الذين يستوحون أفكارهم وتعليماتهم من خارج الحدود، وهم الذين يروجون لفكرة الإقليم السني، أما سكان الانبار الأصلاء الملتزمين بوطنهم وعراقيتهم فقد تعرضوا إلى الظلم والتهجير وهدم البيوت وحتى القتل للبعض منهم، قسم من هؤلاء المظلومين انتفضوا واصطفوا مع القوات المسلحة لطرد داعش من محافظتهم، وعلى الجماهير السنية الشريفة خاصة المتضررة منها أن تقف مع هؤلاء الذين وقفوا بوجه داعش، وعلى هذه الجماهير الشريفة الوفية للعراق، أن تنتفض على السياسيين الذين أوصلوهم إلى هذا الدمار، وعليهم البحث عن قادة سياسيين جدد يمتلكون الوطنية والوفاء والإخلاص للعراق وشعبه ولأبناء جلدتهم، لا أن يذهبوا بهم إلى الموت والدمار والضياع، هؤلاء السياسيون الذين جلبوا الدمار لمحافظاتهم، تراهم وعوائلهم قد فرّوا إلى أربيل أو الأردن أو الأمارات أوقطر، ومنهم مازالوا يمارسون دورهم ضد جماهيرهم في بغداد، ومن داخل مواقع مهمة في الدولة العراقية، وعوائلهم تنعم بالأمن والأمان، وجماهير الانبار ما بين نازح أو أسير تحت ظلم داعش، لقد تكشفت أوراق هؤلاء السياسيين، ولابد لجماهيرالمناطق الغربية أن تتخذ قرارا بطردهم من الساحة السياسية، وإلّا سيجلبون لهم المزيد من الكوارث، هؤلاء السياسيون قد خانوا الأمانة، وخانوا جماهيرهم التي انتخبتهم سيما بعد التأكيد الذي نشرته وثائق ( وكيليكس ) عن قسم من هؤلاء السياسين، لابد من إيجاد قيادات وطنية بديلة تؤمن بالوطن والشعب الواحد، وتشعر بالمسؤولية أمام جماهيرها .