💥تجربتي في جمهورية رواندا ..
بقلم / د. نبيل احمد الأمير

💥3 شهور في حياة دولة مسيحية كانت كافية لقلب ديانة الدولة من مسيحية إلى دولة إسلامية .

من خلال تجربتي الخاصة في أحد الدول الأفريقية كممثل للأمين العام للأمم المتحدة ومسؤول برامج الإغاثة للنازحين والمهجرين فيها ، قررت كتابة هذه القصة القصيرة عسى أن تكون درساً لأمة أقرأ التي أصبحت للأسف لا تقرأ لتعرف عظمة الإسلام وتاريخهم .

ففي جمهورية رواندا (المسيحية) في قارة افريقيا هاجمت قبيلة مسيحية إسمها (الهوتو) وهي الأغلبية المسيحية الحاكمة في رواندا على أقلية قبيلة مسيحية أخرى إسمها ( التوتسي ) ودارت أكبر مجزرة بشرية عرفها التاريخ الحديث بل وربما هي اكبر مذبحة شهدتها البشرية .

المسيحيين الهوتو لم يتركوا مسيحياً توتسياً إلا وقطعوه او ذبحوه اوأشعلوا فيه النار ، في ذلك الوقت كان المسلمون قلة في هذا البلد ، ولم يكن الاسلام طرفاً في هذا النزاع الدائر بين القبيلتين المسيحيتين ، وما حدث أن الألاف والألاف من المسيحيين المستضعفين من التوتسي إنطلقوا مسرعين صوب أبواب الكنائس طلباً للحماية ففتح لهم قس (الهوتو) باب كنيسته للدخول ، ثم أخبر مليشيات الهوتو لتأتي وتقتلهم ، ووصفهم القس حينها بالصراصير ، بل أفتى قس الهوتو بقتل التوتسي ، فشهدت ساحات الكنائس عمليات إبادة موثقة دولياً حتى في الفاتيكان ، ووصفت هذه المجازر بدقة على ألسنة الضحايا فيما بعد عندما وُضعت الدولة تحت الوصاية الأممية الدولية ، ولك ان تتخيل أن خلال 3 شهور فقط كانت حصيلة القتلى فيها قد بلغ 800 ألف مسيحي على يد مسيحي آخر بواقع 6666 قتيل كل يوم .

فقد قتل الجيران جيرانهم لانهم توتسي ، كما قتل الأزواج زوجاتهم المنتميات للتوتسي ، واحتُجزت الآلاف من نساء التوتسي لإغتصابهن .

وفي ظل هذا النزاع الدموي كان للإسلام في رواندا كلمة اخرى ورأي أخر ، حيث علت مكبرات الصوت في مساجد المسلمين الأقلية لتقول إن الدم حرام وأفتى مشايخ المسلمين بحرمة الدماء . وبحُرمة مساندة المسلمين على قتل المسيحيين التوتسي ، ووجب على كل مسلم من الهوتو حماية أي توتسي يستنجد به سواء كان مسلماً او مسيحياً .

صرخ مشايخ المسلمين ( العصبية للقبيلة جاهلية وأن المسلم أخ للإنسانية )
فرفض أئمة مساجد المسلمين تسليم أي توتسي مسيحي يستنجد بهم ، ومنع أي مسلم تسليم أي مسيحي توتسي يستنجد به .

بعد إنتهاء الحرب الاهلية أصبحت دولة رواندا مدمرة ، وتحولت البنية التحتية للبلد إلى أنقاض ، وخلفت مئات الآلاف من الناجين الذين يعانون من الصدمات النفسية ، والشكوك العقائدية والرغبة في معرفة هذا الدين (الإسلام) الذي حرم الدماء وكان ملاذاً أمناً للبعض منهم ..

ملايين المسيحيين مصدومون من إجرام القساوسة ، ومصدمون في عقيدتهم نفسها ، فتحولوا بالملايين إلى دين الإسلام بشكل يصعب وصفه مما دفع كل وسائل إعلام في العالم لتغطية هذا الإنتشار الكبير للإسلام في رواندا .

الشيخ “صالح هابيمانا” ـ مفتي المسلمين في رواندا يقول ـ إن الإسلام اليوم أصبح منتشرا في كل مكان في رواندا .

وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقول إن مقتل نحو 800 ألف رواندي في عمليات الإبادة الجماعية لم يؤدي فقط لفقدان ثقة المواطنين في حكومتهم ، بل في ديانتهم أيضا ، إذ تهيمن المسيحية الكاثوليكية في هذا البلد الذي بات الإسلام فيه هو أسرع الأديان انتشارا .

البي بي سي البريطانية تقول : قد كان للملاذ الآمن الذي وفره المسلمون للتوتسي وحمايتهم من الهوتو أبلغ الأثر في تحول الكثيرين للإسلام في ذلك البلد .

هذه هي القصة الإسلام الذي عبر عن نفسه وجسده واقعاً لملايين المسيحيين حرفياً في دولة رواندا التي تحولت من المسيحية إلى الإسلام .

لقد كان عدد المسلمين قبل الإبادة الجماعية 650 ألف مسلم ، واليوم أصبح المسلمون في رواندا 5 مليون في دولة عدد سكانها 11مليون .

سجلنا في الأمم المتحدة ان جمهورية رواند هي أكثر دولة في العالم ينتشر فيها الإسلام ، وهذا ثابت وموثق ومعلوم ومنشور ، لكن المشكلة فقط أن أمة إقرأ لا تقرأ لتعرف حكاية رواندا مع الاسلام ، وهي أعظم حكاية يمكن ان تُنشر ، وهي ليست قديمة ولا غارقة في سنوات التاريخ بل حدثت في عصرنا وفي حياتنا وفي وجود الإنترنت والعولمة والقرية الصغيرة الواحدة .

فتح الله رواندا بالاسلام ثم صالحهم ثم هداهم ثم اكرمهم ثم أغناهم ، فأصبحت رواندا الدولة الافريقية النموذج الاقتصادي الانجح في إفريقيا على الإطلاق ، وتحولت من دولة مجاعات وحروب إلى دولة صناعات ونهوض .

وأخيراً اُعانت مدينة كيجالي عاصمة رواندا عام 2020 ، كأفضل وأكثر 10 عواصم بالعالم أمناً وجاذبية .

أيها العراقيون مسؤولون وعامة ، ياأصحاب الحضارة والتاريخ .. لتكن رواندا لكم نموذجاً لتبنوا فيه وطننا العراق ، ولتتصالحوا بنية وحب السلام والإسلام العظيم .