يسألني أستاذ جامعي في التخصصات الفنية عبر الخاص، فيقول.. إلى أين تتجه المنظومة التربوية ؟.
أجيبه على الفور.. أصابها ما أصاب غيرها من المؤسسات دون استثناء.. إحباط وهدر للطاقات، وتفنن في غرس اليأس والقنوط.
يسأل من جديد.. لابد لأصحاب الأقلام أن يقولوا كلمتهم؟.
أجيب.. أصحاب الأقلام غرقوا في السياسة، فأصبحوا يكتبون بالطلب، وحسب الطلب.، وكما يحب رب الطلب. لكن يبقى الأمل قائما في هذه الأحرف، وفي بقايا الأقلام وأصحاب الرأي السديد. جزائرنا أعظم من أن تركع لعابث ، يعبث بمصير الملائكة الأطهار.
الغش ظاهرة عالمية ولا يبدو أنها ستتوقف غدا، لكن الافتخار بها والتغني بها، جريمة وتخلف. وتحدثنا كتب التاريخ أن الفساد كان محصورا في السلاطين والوزراء وقادة الجند، بينما المجتمع الخارج عن أسوار القصر، ظلّ على فطرته وصفائه. وخطورة فساد اليوم أنه أصاب أساس البيت وسقفه.
والمطلوب من الجميع، أن يرفض الغش من جانبه، ويعلم أبناءه أن ممتهن الغش سيكون أول ضحايا الغش. وإذا أبتلي المرء بالغش فليستتر، فإن تعميمه والافتخار به جريمة تفوق مصيبة الغش والفساد.
والمشكلة أن النسبة الكبيرة تعشق الغش.. الأستاذ، والإمام، والإداري، والطبيب، والمسؤول، والوالدين، والقائمة طويلة. وحين يبلغ الغش هذا المستوى، يصعب إجتثاثه ويكلف الكثير.
وحين يكون الغش في أقدس الأماكن كالجامع والجامعة، فتلك أعظم جريمة يواجهها المجتمع. مصيبتنا في أن الكبار يغشون، و “النقي الطاهر ” يغش، فأتبعه الصغير واتخذه قدوة ومثالا.
لنبدأ في محاربة الغش من الأماكن التي تتظاهر بعدم الغش، كالجامعة، والمساجد، وطريقة منح الحج والعمرة. حينها يستحي الغش في أماكن أخرى. وبالذين يتظاهرون بعدم الغش في أنفسهم ومؤسساتهم. وفي نفس الوقت نحسن الظن، ونشجع النظيف، لكن يحارب الغش ويحارب أهله وأصحابه ولو تشبثوا بأستار الكعبة. والمكان المقدس لا يحمي الغش ولا يرعى الغش، والشخص المقدس يخضع للتحقيق كغيره من أبناء جلدته. فلا داعي أن يتستر المرء أو المؤسسة خلف المقدس، فإن ذلك غش باسم المقدس.
من الغش أن يزاح نظيف. ومن الغش أن يضيّق على نظيف. ومنذ البارحة وأنا أدعو عقب الصلاة.. اللهم احفظ أبناءنا من الغش، وأبعد عنهم الغش والغشاسين.
وأودعه قائلا.. أتركك أستاذ، فقد سمحت للصدر أن يطلق آهات لم يعدها سلفا، وليلة سعيدة.. وسلامي للأهل والأولاد، وحفظ الله جزائرنا الحبيبة، مما يراد لها من سوء.. والسلام.