بقلم: د.عامر صالح
تجتاح مدن العراق مظاهرات سلمية للمطالبة بتوفير خدمات الحد الادنى من شروط العيش الانساني الكريم, من كهرباء وماء وخدمات اخرى. واذا كانت الشعارات الاساسية لهذه التظاهرات المطلبية تتمحور حول توفير التيار الكهربائي, لكونها اقترنت بتصاعد موجات الحر الشديد والمهلك في ظروف التدهور الكامل لخدمات الكهرباء, ولكنها تعكس حزمة واسعة من المطاليب الحياتية الاساسية: من كهرباء, وماء, وتحسين الظروف الصحية العامة والمتدهورة اصلا, حيث انتشار الامراض والاوبئة وضعف الخدمات الطبية, الى جانب انتشار ظاهرة البطالة وانعدام فرص العمل في اوساط شرائح اجتماعية مختلفة, والانتشار الشرس للفساد الاداري والمالي الذي يضع العراق على عتبة الافلاس الشامل والتام دون أفق للحل يذكر !!!.
أن الدولة العراقية تعاني اليوم أكثر من أي وقت مضى من تدهور شامل في كل مفاصلها, وفي مختلف المجالات الحياتية, مما ينذر ويهدد المجتمع العراقي بتوقف عصب الحياة كاملا في ظروف صعبة واستثنائية يواجه فيه شعبنا ومجتمعنا عدوا شرسا متمثلا بالارهاب الدموي الذي تجسده على ارض الواقع القوى التكفيرية والمتمثلة ” بدولة الخلافة الاسلامية ـ داعش ” بنسحتها العراقية الخاصة والمتحالفة مع البعث الساقط !!!.
أن خدمات الحد الادنى من كهرباء وماء وصحة وتعليم وأمن هي شروط لازمة للوقوف بوجه الارهاب, فلا يمكن وليست من المعقول ان شعب جائع وعطشان ومريض وغير آمن وبدون كهرباء ان يقارع ” داعش ” الى النهاية, والفاسدون يسرحون ويمرحون وينعمون بالمال السحت الحرام. ان شعبنا يعاني الأمرين من سوء الخدمات والفساد والارهاب !!!. .
أن سياسات الإقصاء والتهميش والمحاصصات وما يرافقها من تدهور مستمر لحياة المواطنين قادرة على حرف حالات المساهمة السياسية من أجل تثبيت النظام” الديمقراطي” إلى حالات عداء سياسي للنظام وأركانه,باعتباره يجسد حالة الاغتراب السياسي بينه وبين المواطن,وهي نتاج طبيعي لحالة عدم الثقة والشك في القيادات السياسية ونواياها,متزامنا ذلك مع اتساع وتعمق دائرة الفئات الاجتماعية المهمشة والتي تقدر بالملايين جراء ظروف العراق التاريخية والحالية,ومن شأن ذلك أن يخلق ما يسمى ” بالفجوات النفسية المدمرة “,حيث تنشأ هذه الفجوات على خلفية الشعور بالإحباط الناتج من التدهور المستديم لظروف العيش الحر والآمن,وهي شروط مواتية ولازمة لخلق وإعادة توليد سلوك العنف والعدوان باعتباره نتيجة للشعور الشديد بالإحباط ,وعلى خلفية اتساع الهوة بين النظام والشعب وتعزيز حالة عدم الاكتراث تجري الاستفادة الكاملة من قبل المجاميع السياسية وفلول الإجرام والمرتزقة الغير مؤمنة أصلا بالعملية السياسية لدك النظام السياسي والتأثير على قراراته السياسية,وعلى عدم استقراره,مستغلة الفساد والعبث بالمال العام وسرقته وانعدام الخدمات العامة كوسائل سهلة في الإغراء والتمويل وشراء الذمم !!!.
ولذا فأن احتجاجات ومظاهرات شعبنا المطلبية ذات المشروعية الدستورية يجب ان تلقي آذانا صاغية من المسؤولين وصدقا في الاستماع لهم والاستجابة في تحقيقها, انطلاقا من حق شعبنا في العيش الكريم الآمن, وتفاديا لمزيدا من التدهور القادم الذي ينذر بمزيدا من حالات الاستياء الشعبي العام والذي ستكون عواقبه مفنوحة لمختلف الاحتمالات, الحميدة منها والخبيثة, وعلى الاسلام السياسي بمحتلف توجهاته والذي يقود السلطة أن يؤكد شئ من النوايا الصادقة لشعبنا الذي اكتوى بنار النظام المحاصصاتي الطائفي والاثني !!!.
ان مطاليب شعبنا اليوم تحمل في طياتها كل النزاهة والصبر من المتظاهرين, وهو يعكس حالة من الوعي وتأثيرا واضحا لقوى الاعتدال فيها بعيدا عن استغلالها من قبل قوى الاسلام السياسي لعقد مزيدا من صفقات الاستغلال والمساومات لحرف نظالات شعبنا المطلبية !!!.
لقد اعتاد الاسلام السياسي سابقا بافراغ التظاهرات المطلبية من خلال سلوكه المنافق بقيامه بقيادة المظاهرات وهو موجود في السلطة ويقودها, وهو سبب الفساد والخراب كله, في محاولة منه لاستجداء الدعم من شعبنا المنتفض ولتثبيت مواقعه في السلطة من جديد !!!.
اليوم يزداد شعبنا جوعا واحتراقا وارتهانا للقمة العيش وهو يصارع الارهاب والقوى الظلامية والتكفيرية والبعثية من داخل البرلمان وخارجه, وعليه ان يكون شديد اليقضة لمنع احتواء مطاليبه بمزيدا من التنازلات عن حقوقه المشروعه, وعدم السماح للاسلام السياسي باستخدام زخم الاحتجاجات لمصلحة تشبثه بالسلطة وعقد صفقات تهدئة مشوهة مع المواطنين المحتجين. فمطالب الشعب خط احمر وتسقط من اجلها حكومات بعد جكومات. والى مزيدا من تشديد الخناق على رقاب الفاسدين لتوفير افضل الظروف لمحاربة الارهاب وتطمين مستلزمات العيش الكريم !!!.