الى خطباء مساجدنا ..مع التحية !
احمد الحاج
بداية أحذر ومن خلال نصيحة أخوية ومجانية الى من يهمه اﻷمر” من مغبة التسطيح والتقنيط والتفريق في جميع خطبك شيخنا الفاضل ، سواء كنت خطيبا سنيا أم شيعيا “وأشير الى ، أن ” إعداد موضوع مؤثر لخطبة الجمعة ﻻ يتم بطريقة – شراح نطبخ باجر ، أو شمسوين على الغدا اليوم ؟” اذ إن الموضوع في تصوري القاصر ككتابة المقالات ، إجراء الحوارات ، إعداد التقارير الصحفية والتحقيقات ، يجب أن تسبقه وتتزامن معه قراءة فاحصة وشاملة للمجتمع بجميع طوائفه ككل وأبرز ما يواجهه من مشاكل ومآس ومخالفات شرعية وقانونية ليتم إستعراض وتناول بعضها في الخطبة اﻷولى أو الثانية ، كما إن خطبة الجمعة ليس غايتها إدخال أبناء المنطقة أو بقية الطوائف والاقليات كلهم في نار جهنم وبئس المصير بضمنهم المصلين والمزكين والصائمين والحجاج والمعتمرين والمؤمنين وإشعارهم بالذنب والتقصير والتفريط المتواصل بجنب الله ﻷن ذلك تيئيس من روح الله وتقنيط من رحمته ودعوة صريحة الى الركون والكراهية اضافة الى إيغار الصدور بما لاتحمد عقباه = إفراط ، أو سوقهم كلهم الى الجنة يستوي في ذلك العاصي والطائع ، الصالح والطالح ، وعلى طريقة “أتريد أن تدخل الجنة ؟ .. أبسط منها ماكو ..إقرأ اذكار الصباح والمساء وإتبع فلان أو علان وستحقق حلمك بالفردوس اﻷعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين سواء أسرت على منهجهم وإتبعت أوامرهم ونواهيهم ، أم لا !! ” ﻷن ذلك تسطيح للشريعة الغراء برمتها وتجاوز لمراد الله تعالى في خلقه وأرضه التي إستعمرنا فيها لخلافته = تفريط .
الخطبة بمنظوري وكما إن هناك تربية أسرية ، يقابلها تربية مدرسية ، فهناك تربية “مناطقية ” اذا جاز التعبير يتولاها المسجد عبر خطب الجمعة ويتحتم على الخطيب الإطلاع الكامل على أبرز ما تعانيه الرقعة الجغرافية التي يخطب فيها من مشاكل إجتماعية ، إقتصادية ، خدمية ،وإحاطته علما بمستواها المعاشي والثقافي وبسمتها المذهبية والعشائرية كذلك ، بمعنى ( الخبرة بأحوال المجتمع اﻷصغر ) فضلا على الإطلاع على مجمل ما تعانيه البلاد ، بمعنى ( الخبرة بأحوال المجتمع اﻷكبر ) ، منطقة تكثر فيها النزاعات القبلية ،الصراعات العرقية ، الدكات العشائرية ، يجب أن ينصب الحديث فيها على إصلاح ذات البين ، اﻷلفة والمحبة ، حسن الجوار ، حقوق الجار ، وحدة الصف والكلمة ، التحذير من المخالفات الشرعية فما يخص العادات القبلية، حرمة الدماء المصانة = ( خطبة المجتمع اﻷصغر ) يعقبها الحديث عن كارثة المخدرات التي تفتك بعموم البلاد فتكا مريعا ، التساهل في الطلاق ، التهجير القسري والجلوة ، النزوح ، الانتحار الذي تحول الى كارثة ، الإغتصاب وإستشراء ظاهرة “البيدوفيليا ” ، السطو المسلح ، تجارة اﻷعضاء ،الفساد المالي والاداري والسياسي في كل مكان ، وكلها ظواهر خطيرة جدا و في تصاعد مطرد لم يعد مسيطرا عليه البتة = ( خطبة المجتمع اﻷكبر ) ، وبتعبير أدق يتوجب على خطبة الجمعة أن تنقسم من ناحية المضمون الى قسمين،يعالج اﻷول منهما معضلات الرقعة الجغرافية والمجتمعية اﻷصغر ( محيط الجامع ) فيما يعالج الثاني مآسي الرقعة والمجتمع اﻷكبر ( مشاكل البلد ) ، فعلى سبيل المثال لم أسمع منذ سنين ” خطبة موجهة الى طلبة المدارس، الى معلميها و مدرسيها برغم كل ما نسمعه ونشاهده يوميا من تعرض معلمين ومعلمات الى الاعتداء والضرب المبرح من قبل أولياء أمور الطلبة من جهة ، وتعرض طلاب وتلاميذ الى الضرب والإهانة من جهة أخرى ، ناهيك عن التسرب المدرسي ، الغش – الورقي والالكتروني-في الامتحانات ، الرسوب الفردي والجماعي ، بيع الاسئلة ، صعوبة المناهج وتغييرها المستمر طمعا بالمال ، التحرش بالبنات ، الوشم ، قصات الشعر والملابس الغريبة ، التخنث و الاسترجال لكلا الجنسين ، فحش الكلام ، علما ان الجامع الذي أصلي فيه محاط بخمس مدارس ابتدائية ومتوسطة واعدادية ، أهلية وحكومية ، ناهيك عن أربع رياض أطفال بكوادرها التعليمية من الذكور والاناث !
لم أسمع من تطرق الى مشاكل المولدات اﻷهلية الشهرية بين أصحابها والمشتركين ،المشاكل المتواصلة بين المؤجرين والمستأجرين ، اﻷزمة بين اﻷطباء والصيادلة والممرضين ، وبين المرضى والمراجعين والراقدين ، خطبة عن العنوسة ، مشاكل رمي اﻷزبال والنفايات في كل مكان بلا ادنى ذوق وﻻ وازع ديني أو أخلاقي أو قانوني ، التجاوز على اﻷرصفة العامة وحفر الشوارع وإقامة المطبات الصناعية من قبل سكان المنطقة انفسهم ، غلق الشوارع الفرعية بأكملها لغرض البناء أو إقامة الفواتح واﻷعراس من قبل أهلها ايضا على طريقة – كلمن ايدو الو – ، إطلاق العيارات النارية في الافراح واﻷتراح وغيرها الكثير .
وخلاصة الحديث فإني ومن حولي لنحزن أشد الحزن حين نجد أن وكالات اﻷنباء والقنوات الفضائية تتطرق الى مشاكل الناس وتلاحق هموم المجتمع يوميا فيما المسجد ذاهل عنها كليا أو جزئيا ، وهنا أنوه وبحكم عملي الصحفي وأقول بملء فمي ، على ” المسجد أن يكون أفضل وأكفأ وأسرع في تغطية اﻷحداث من القنوات الفضائية وبثها على المنابر أسبوعيا ..لماذا ؟ ﻷن مراسليه هم عشرات بل مئات المصلين حسبة لله ، ومن الكبار والصغار ، فيما القنوات الفضائية لا مراسلين لها سوى بعدد رؤوس اﻷصابع وبمقابل مادي ، ومتى ما تحولت خطبة الجمعة وخطيبها الى – راصد – وناقد ومصلح صادق لكل مايدور من حوله في المجتمعين اﻷصغر واﻷكبر وﻻيعمل على إثارة الفتن ما ظهر منها وما بطن ، حينئذ فقط سيعود المسجد الى سابق عهده في التأثير والاصلاح والتغيير نحو الافضل بما يصلح حال البلاد والعباد ! اودعناكم اغاتي