يقولون:أنتِ متحيزة للوطن ،ويسألون لمَ كل هذا الحب والإخلاص والوفاء في عملك ،كوني مثل غيرك وتجاوزي ، ،أنجزي المطلوب ولا تتعبي نفسك! لا احد يهتم لما تقومين به ،أصمت ولا أرد فأنا بحمد الله منذ عملت في الإعلام بالأردن في أواخر التسعينات وكتبت القصائد لفلسطين وما زلت لم أتغير وتابعت الكثير من خلال عملي لخدمة الإمارات هنا ،لم أشْكُ أو أتذمر إلا من عدم الإنصاف وعدم المساواة والعدالة في التعامل في التدرج الوظيفي والحصول على إمتيازات خاصة بمهنة المتاعب ،وأرد بكل فخر نعم أنا متحيزة ،أنا أردنية حتى النخاع ،وفلسطينية الأصل والجذور وإماراتية الانتماء والحب والولاء ،فأنا متحيزة لوطني وبلاد العرب جميعها أوطاني ،فماذا يعني أن تكون أصولي وجذوري فلسطينية وأنا أستذكر المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه والدي الثاني الذي تعلمتُ منه كثيرا حين كان يخاطب الشعب الأردني فيقول أيها الأردنيون من كافة المنابت والأصول ،فحصولي على الجنسية ليس وحده تأكيد انتمائي لهذا الوطن أو ذاك ،ففي أميركا كل من يولد هناك يحصل على جنسية أميركية ،وبالضفة الشرقية من نهر الأردن حين كانت ضفَّتَا نهر الأردن الخالد موحدتَيْن كان الجميع يحملون الجنسية الأردنية ،إلى أن جاء أبناءالعمومةالأشاوس فأفرزوا لنا منظمات متنازعة على الشرعية الفلسطينية ثم حطت رحالنا أخيرا هنا بالإمارات وأصبحنا جزء منها نعيش أنماط حياتها ونتعايش مع طقوس وعادات وتقاليد أهلها ،وأصبحنا جزءاً لا يتجزأ من منظومتها الوطنية الاستثنائية ،باعتبار أن هذه الدولة الحرة الأبية جزء من حياتنا ننتمي لأرضها ونُكِنُّ الولاء لقيادتها والتقدير والاحترام لشعبها ،و الحب الخالص لقيادتها الحكيمة المظفرة.
أحيانا يغمرني الفرح والبهجة حين يظن بعضُ الناس ممن يقابلونني أني مواطنة إماراتية ، كوني أعمل في دائرة حكومية لكن بعض زملائي في العمل يستهجنون ذلك و ينفونه فأشعر بالحزن ويعتصرني الألم ،بالرغم من شهادتهم بإخلاصي ووفائي بالعمل في موقعي إلا أني لا أحظى بترقيات يحصل عليها زملائي الأقل خبرة لا يملكون المهنية في نفس مجال عملي ،ويحصدون نتاجه من الإدارة المسئولة عن ذلك،إلا أنني أكون مستبعدة من حملات التكريم الزيادة في الراتب التي تشمل البعض منهم ،وحين أستفسر يردون بأنك لست مواطنة وأقول فعلا أنا لست كذلك ولكن أؤكد للجميع بأني ابنة هذا البلد ترعرعت به وتعلمت فيه الكثير ، واخترت هذا الوطن بلدا ثانيا وموئلا حططْتُ رحالي فيه ،وأتساءل كيف حصل البعض على الجنسية الإماراتية أو الأردنية وهم قد يتحدثون لغات غير العربية وليس لهم جذور أو أصول فيها ،إذاً هي اعتبارات معينة يمنحها الوطن ويهبها لمن يريد ،أما الانتماء والحب والولاء فليس للبيع أو المزايدة ولا يخضع لقانون المنح والهبات إنه قدر من الله أن نعشق أرضا ما ونحبها وأن نكِنَّ لها الاحترام والتقدير والحب والوفاء والإخلاص من الأعماق دون أية مزايدات أو عروض تسويقية .