الوحدة في فكر شهيد المحراب .
كل من عاش فترة سبعينات القرن الماضي وما تلاها، يعرف من هو “محمد باقر الحكيم”، هذا المجاهد قاوم وعارض أعتى طاغية عرفه التاريخ، وبقي كذلك حتى إنتهاء حقبة حزب البعث..
جاء للعراق بموكب بسيط إسْتَقبَلًتْهُ كُلْ المحافظات الجنوبية، منتظرةً منه بدأ العيش الكريم على يديه، لكن المتربصين وبعد سماع خطاباته، التي تحض على التعايش وترك ونبذ الطائفية، التي زرعها حزب البعث المقبور، كانت له بالمرصاد منهية حياته بتفجير غادر وضخم، وضعوا فيه كل حقدهم، لانهاء آمال العراقيين .
أحد الخطابات التي تلاها في الروضة العلوية، وهو يؤكد على حفظ دماء العراقيين، وإحترام مرجعية النجف الأشرف، كان له الأثر الكبير في نفس من يعتاش على الفتنة، التي أكلت من شباب العراقيين ما أكلت، ومن كان بالأمس يعتاش عليها، واليوم يتمتعون بالمناصب والأموال والخدم والحشم ويشار لهم بالبنان، ولا بد من التذكير أن اؤلئك القادة المجاهدين، الذين لبوا نداء الوطن بالجهاد الكفائي، هم من نتاج تلك المدرسة، التي انشأها شهيد المحراب الخالد .
المسيرة الجهادية التي طالت مدتها بدأت برعاية والده المرجع الكبير السيد “محسن الحكيم”، ورفقة الشهيد “محمد باقر الصدر” كانت مليئة بالمخاطر، وأجهزة الأمن البعثي تُلاحِقُهُ وتسجل كل شاردةٍ وواردة، ليهاجر ويترك الوطن بعدما وصلت الأمور لنهاية المسير والتضحية بحياته والمشروع، الذي سيندثر بعد إنتهاء حياته، فآثر على الهجرة ليكون تحت رعاية الإمام “الخميني” ومن ثم الإمام الخامنائي لإكمال المسيرة الجهادية.
من خلال المتابعة والتحليل، نجد أن خطب الشهيد الحكيم لا تخلو من ذكر المرجعية، والدعوة الى التمسك بها ” أن من أولى أولوياتنا هي وحدة كلمتنا، وأن نكون يداً واحدة، ومراجعنا متحدون، ونحن في خدمة مراجعنا” وبهذا قد صبّ كل تطلعات المراجع الكرام في بوتقة واحدة، وهذا ما لا يتطابق مع أهداف ونوايا المحتل، الذي لو ترك الأمور تسير وفق ما صُرّحَ به الشهيد، لكان العراق اليوم حُرا،ً يمتلك قراراته دون تدخل أي من يريد السير بالعراق للخراب، الذي لمسناه من خلال ما أنتجته السياسة الأمريكية المدمرة .
في إحدى خطبه ومن خلال متابعته، للذين لا يستطيعون التحمل والصبر يرافقه العوز والفقر لشريحة كبيرة عانت ولا تزال تعاني فيقول “إذا كان هناك من يتمكن أن يتحمل هذه المشكلة، بما قدر الخالق سبحانه وتعالى له من إمكانيات وقدرات وأموال ورجال، فما شأن المحرومين والمستضعفين من أبناء أمتنا، هؤلاء الذين لا يتمكنون أن يتحملوا عبء هذه الفوضى والأضرار البالغة لهم التي تمسّ قضاياهم، وأهم أمور حياتهم، ومن هنا نجد هذا الإضطراب الواسع الذي يشكل معضلة في الحياة المعيشية للناس، إذ ليس هناك إستقرار في حياتهم المعيشية”
كما ويشير في إحدى خطبه للجمعة الثانية الى مفصل مهم جداُ من المفاصل منها: الأمن وفقدان النظام، وتلكؤ المؤسسات العامة، التي يحتاجها الناس في حياتهم الشخصية، والإجتماعية، والإقتصادية، والحقوق المهضومة المنتهكة لكثير من الناس في العراق الجريح، الذي تعرضت أرواحهم للقتل، وممتلكاتهم للتدمير، ورأى (قدس) أنه لابد من السعي لإرجاع هذه الحقوق، وتعويض هذه الممتلكات لهؤلاء المحرومين .
في لطيفة له بإحدى الخطب، أشار الى التلاحم بين أطياف الشعب العراق المتعدد الأديان والطوائف، ودعا سماحته إلى إحترام الأقليات الدينية، كالمسيحيين وغيرهم، ورأى أن التعرض لهم، أو الإعتداء عليهم يُعَدُّ عدواناً لا يتسامح معه، وأن المراجع العظام لم يأذنوا بمثل هذه الأعمال، موصياً بإحترام القانون وتقويته لأنه أساس بناء الدولة، كما للتعليم من منزلة كبيرة في إعداد جيل يتمتع بالعلم والمعرفة، التي توصلنا لبر الأمان من دون الإحتياج للخبرات الخارجية، وهذا يساهم في البناء الصحيح للدولة، والفائدة للمجتمع أولا والفرد ثانياً .