يحكى في قديم الزمان ان فتى لم يفلح في العمل باي حرفة متنقلا بين جميع الحرف ليس لانه لا يستطيع العمل ولكنه كان يميل للراحة وكسب المال بدون عناء وجهد لذا اتفق مع زمرته على تشكيل عصابة للسطو والتسليب والسرقة وبعد فترة من الزمن جنى الكثير من المال واصبح من الاغنياء واصحاب الجاه ويقصده الكثير من الناس للتوسط والجاه لدى الملك وحاشيته ليس لانهم لا يعرفون تاريخه الاسود ولكن كما يقال ان صاحب الحاجة اعمى وهذا ما ولد بداخله حب التعالي والتكبر والطموح الغير المشروع بالسلطة , واعتقد ان هذه القصة وامثالها من القصص قد تكون مشابهة لواقعنا الذي نعيشه الان .
المواطن لا يعرف تاريخ من يلجأ اليه اذا ما اقتضت الضرورة ولكنه يلجأ الى صاحب القرار او من يوصله اليه باي طريقة متناسيا التاريخ المظلم لهذا المسؤول او ذاك وينظر فقط الى فخامة القصر وموكبه الا مهيب الذي يقطع كل الشوارع حتى يصل حيث يشاء , ونسى انه قد يكون في لحظة ما مواطن عادي لاحول ولا قوة له بعد ان تعصف به رياح السياسة خارج منصبه ويبقى يتخبط هنا وهناك وربما تصل الى حد التوسل والتوسط ودفع الرشاوي حتى يعاد الى منصبه وتعود هيبته ويحيط به المتملقون والمنافقين مرة اخرى ليعود لممارسة اعماله من جديد في الابتزاز وسرقة المال العام بطريقة قانونية لاغبار عليها نثير الشك في نفوس المواطن لما لها من هدر كبير بالمال العام .
في كل وزارة مكتب المفتش العام وله مكاتب في كل مؤسسة ودائرة مرتبطة بها ولدى هذه المكاتب صلاحيات كثيرة في التفتيش والتحقيق في كل حالات الفساد التي قد تكون موجودة في الوزارة ودوائرها وهذا قد يقلل نسبة الفساد الى ادنى حد ممكن اذا ماتم العمل بروح وطنية ولم يكون هناك اي تدخل حزبي او بعمل هذه المكاتب , ولكن رغم وجود هذه المكاتب في كل المؤسسات الا انه نسبة الفساد لم بتم السيطرة عليها بالشكل الصحيح ومازال المواطن ضحية الفساد واللاعيب للمفسدين من المسؤولين على اختلاف مناصبهم واعتقد ان سبب الفساد الاداري انه ينبع من اعلى هرم بالسلطة وكذلك المحاصصة وقلة الخبرة بادارة المؤسسات الادارية وغيرها من الاسباب جعلت من الفساد يستشري في كل مفاصل الدولة ويبقى المواطن ضحية الفساد الاداري و الكذب السياسي لمن انتخبهم وراهن على فوزهم و اصيب بخيبة كبيرة بعدما تبخرت الوعود والاهداف والبرامج السياسية في الاصلاح والتغير في كل القطاعات بعد ان تولى مرشحيهم مناصبهم وتناسى من منحه صوته ليحقق طموحاته في البناء والتغير نحو الافضل .
محاربة الفساد لاياتي هكذا جزافا ولكن لابد من تظافر جهود الجميع وخصوصا المواطن بالتبليغ عن اي حالة فساد وان يترك الصمت والمجاملات والخوف جانبا ويتعاون مع الجهات المختصة للقضاء على هذه الافة التي نخرت اقتصاد الوطن وشوهت صورته امام العالم , وعلى الاعلام ايضا ان يأخذ دوره الحقيقي بمحاربة الفساد الاداري بكل اشكاله لما ما للاعلام من دور كبير في تغير صورة الواقع وفضح المفسدين ونقل رسالة الاعلام الحقيقية بعيدا عن المجاملات ونشر كل الوثائق التي تثبت وجود فساد اداري وان لا يعتمد على الاقاويل ومحاولة الاساءة بدون دليل ملموس .