المشهد العراقي مابعد الانتفاضة
ادهم ابراهيم
في اليوم الاول من انتفاضة الشعب العراقي . لم نشهد اي تغطية اعلامية امريكية ام اوروبية لهذا الحدث, رغم اهميته في تاريخ العراق والمنطقة العربية. وفي اليوم التالي لم تستغرق اخبار العراق وانتفاضته اكثر من دقيقة واحدة في كثير من المواقع الاعلامية الغربية. الا ان استمرار الانتفاضة لايام اخرى بوجه نظام حكم الاحزاب الدينية في العراق واستخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين، قد اجبر بعض وسائل الاعلام لعرض جزء من الممارسات الدموية لنظام الحكم . كل ذلك لان من صمم هذا النظام وحرص على بقاءه لايريد الاعتراف بفشله، ولان هناك من يستفيد من بقاء النظام على حاله. ولسان حاله يقول مادام الشعب راضي فالكل مستفيد وخصوصا امريكا وايران راعيتا النظام وادامته. الا انهما بهذه الانتفاضة الشعبية قد وقعوا في ورطة. فالامريكان صحوا من غفوتهم فوجدوا دماء وشهداء على ابوابهم فطالبوا بضبط النفس. اما الايرانيين فقد استكبروا ووصموا انتفاضة الشعب في وجه دكتاتورية الاحزاب وعمالتها بالمؤامرة. لانهم استكثروا على العراقيين المطالبة بحقوقهم المشروعة، وهم مازالوا يمتصون دماء الشعب العراقي ويخدروه بالدين والشعارات التي لم تعد تنطلي الا على الجهلة والمستفيدين. ولذلك اوعزوا لخدمهم في العراق لقمع هذه الانتفاضة بالعنف المفرط، وارسلوا قناصيهم لحصد رؤوس الشباب. . شباب العراق الواعي لحجم الغبن الذي لحق به نتيجة استغلاله من قبل حكومته التي اثبتت عمالتها لايران لضمان بقاءها في السلطة فجعلوا العراق محافظة تابعة لايران وقدموا موارده المالية الضخمة لها، كما جعلوا من ارض العراق الممر الاستراتيجي لتحقيق احلام الولي الفقيه المريضة باوهام الامبراطورية الفارسية الجديدة على ارض العراق وبلاد العرب
ان اعمال العنف غير المبررة تجاه المتظاهرين وسقوط العديد من الشباب العزل. وغلق الانترنت لمنع توثيق الاعتداءات الدامية بحقهم ، قد لاقت انتقادات منظمة العفو الدولية ووصفتها بالانتهاكات الوحشية لقوات الامن العراقية تجاه المحتجين السلميين، وطالبت باجراء تحقيق مستقل وحيادي في استخدام قوات الامن للقوة المفرطة
لقد اثبتت احزاب الاسلام السياسي الحاكمة في العراق من خلال سلوكها العنيف هذا، انها لاتختلف عن الدواعش في الامعان في القتل من اجل البقاء في كراسي الحكم تحت شعارات اسلامية مزيفة
لم تكن هذه المرة الاولى التي يخرج بها الشعب ضد الحكومة الفاسدة، ولكن هذه الانتفاضة لاتشبه سابقاتها من الاحتجاجات التي كانت تطالب بتوفير الخدمات للمواطنين، حيث ادركت جموع الشعب ان السياسيين الفاسدين غير قادرين ولاراغبين باي اصلاح، وهم متمسكين بامتيازاتهم وتسلطهم على رقاب الشعب، تحميهم ميليشيات مافيوية مسلحة، ولذلك تم رفع شعار اسقاط النظام في اول يوم ، والطغمة الفاسدة تعرف جيدا انها ذاهبة الى زوال
وبشعار اسقاط النظام هذا تم ترسيخ بيئة سياسية مهمة في تاريخ العراق الحديث تستند على المواطنة العراقية واستقلال القرار الوطني بعيدا عن الاملاءات الخارجية، سيبني عليها الشعب مستقبلا لتحقيق الانتصار الناجز، ولذلك بادرت السلطات الرسمية ومعها ميليشيا الاحزاب الموالية لايران بالهجوم على بعض وسائل الاعلام، وقطع الانترنت في محاولة يائسة لاحتواء هذه الانتفاضة، كما قامت بعمليات اعتقال للناشطين هي الاكبر في تاريخ العراق ومازالت مستمرة بعمليات الاختطاف والتغييب. مما حدا ب 41 شخصية ثقافية وفنية عراقية لتقديم بلاغا الى الامم المتحدة في جنيف حول الاعتقالات والتهديدات التي تواجه مثقفي وفناني العراق من قبل قوات امنية وميليشيلت حزبية. وقد اجابتهم المنظمة انها تراقب هذا الموضوع (المزعج) وستتخذ اجراءاتها فيما يتعلق بحقوق الانسان
ويلاحظ بهذا الصدد ان الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ، قد فشلت في وضع حد لمظالم العراقيين ، وفي كل مرة يتم تقديم وعود كاذبة ، او اتخاذ تدابير سطحية لم يستفد منها المواطن العادي، ويعود السبب في ذلك الى بنية النظام السياسي الذي يساعد على إنتاج وإدامة شكل هجين من الكليبتوقراطية (اللصوصية) والسلطوية – حكومة يديرها أسوأ الناس ، أو معظمهم من عديمي الضمير. وقد حافظت الميليشيات المسلحة والعقلية القبلية ورجال الدين على هذا النظام اضافة الى القوى الاجنبية المستفيدة من هذا الوضع
لقد كشف قمع الاحتجاجات الأخيرة بهذه القوة المفرطة أن الديمقراطية في العراق ليست سوى واجهة مزيفة لحكم الاحزاب الفاشية العميلة . فاي نوع من الحكومات الديمقراطية تقتل شعبها ، وتقضي على آمالهم وأحلامهم؟ ورغم ذلك مازال العالم يعتبرها حكومة، رغم فقدانها للشرعية
وفي المشهد الحالي لمابعد الانتفاضة، ربما ستقوم كتلة واحدة او اكثر من الكتل المنضوية لما يسمى بالعمليةالسياسية للانظمام الى المحتجين كما فعلوا سابقا، لتشويه الانتفاضة الشبابية في محاولة لامتصاص نقمة الجماهير ولاجهاض اي حركة جادة لانهاء النظام، مما يتطلب الانتباه الى ذلك جيدا لضمان ديمومة زخم الانتفاضة
كما لاحظنا قيام بعض العناصر والكتاب الذين يدعون انتماءهم للوطنية بتاييد ظاهري للانتفاضة الا انهم يوصموها احيانا بالمندسين او تشبيهها بالفاشية، وهم بذلك يصطفون مع القوى الرجعية الحاكمة لهذا الشعب الحي المحكوم بارهاب الدولة وميليشيات الاحزاب باسم الديموقراطية، ولكن هؤلاء الكتاب لن يستطيعوا وقف عجلة الزمن وسيذهبون مع الذباب الالكتروني الى مزبلة التاريخ، ومعهم كل من لايؤمن بحق الشعب بسيادته على ارضه وطرد المعتدي الغازي
ان هذه الحكومة باستخدامها العنف المفرط تجاه شباب اعزل والعمل قتلا وتنكيلا بهم لا لسبب الا مطالبتهم بوطن مستقل ذو سيادة ، قد فقدت شرعيتها نهائيا امام الشعب . وقريبا سنشهد فقدانها للشرعية امام الاوساط الدولية ومنظمات حقوق الانسان، وحتى من قبل الولايات المتحدة الامريكية الضامنة لها
اننا نعيش في عالم مفتوح، واذا مااستطاعت حكومة الاحزاب العميلة قطع النت وتكميم الافواه في العراق، فانها سوف لن تستطيع الوقوف امام الراي العام العالمي، وسيشاهد العالم كله انتفاضة الشعب القادمة يوميا على كل اجهزة التلفاز. ولذلك يتوجب على هذا الشعب المغلوب على امره مواصلة النضال والاستمرار في دفع زخم انتفاضة تشرين /اكتوبر الى الامام في انتفاضة جديدة مستمرة. لان العالم لايحترم الضعيف واذا مااثبت الشباب في قابل الايام استمرارهم بمقاومة الحكومة الفاسدة فان السلطة الغاشمة سوف لن تستطيع ممارسة نفس الدور القمعي السابق، وهي تقف في مواجهة العالم وهو يشاهد ممارساتها الوحشية. وكذلك في مواجهة المرجعية الدينية التي كان لها موقفا واضحا ازاء هذه الانتفاضة، وهذا الموقف الجديد سيكون داعما للحركة الجماهيرية القادمة. استعدوا منذ الان لتجديد رفضكم لحكومة الاحزاب العميلة من خلال شعار اسقاط النظام . وعلى كل منظمات المجتمع المدني في العراق والنقابات العمالية والمهنية مثل المحامين والاطباء والمهندسين والفنانين والاعلاميين والمنظمات النسوية وغيرها. الوقوف مع الطليعة الشبابية الواعدة في انتفاضتها، ومؤازرتها بالاعتصام والعصيان المدني، فان هذه الحكومة لم تعد تمثل الشعب ويتوجب عليها المغادرة. فالشعب كل الشعب يريد اسقاط النظام الميليشياوي القمعي الفاسد، ولكننا نوصي بسلمية التظاهر دائما
والى امام حتى يعود الينا الوطن
ادهم ابراهيم