المرجعية الرشيدة … والسياسيين الأقزام / 2
بقلم : عبود مزهر الكرخي

ولو تتبعنا تاريخ المرجعية الرشيدة عبر التاريخ نجدها مرجعية ثائرة ووطنية من دون أي شبهات فهي كانت عبر التاريخ الحديث تلك المرجعية مع العراق وشعبه ، فكانت ثورة العشرين هي خير دليل على ما نقول والتي كانت أول ثورة في التاريخ الحديث ، ولذا كان لزاماً أن نستذكر تلك الثورة العظيمة بكل فخر واعتزاز ونستذكر دور المرجعية الرشيدة ، والتي اشعلت شرارتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف عندما أصدرت فتوى الجهاد ضد الاستعمار البريطاني عام 1914 حيث هب أبناء العشائر لتلبية نداء المرجعية الرشيدة لتنطلق ثورة العشرين التي وصلت الى أوج شراراتها في 30 حزيران 1920.
ومن المعلوم أن ثورة العشرين هي أول ثورة ضد الاستكبار العالمي(أي دول محور الشر الحالية)والاستعمار في ذلك الوقت والذي خيم على أجواء العراق وكل الدول العربية ، والتي فيها توحد العراق من شماله إلى جنوبه وبمختلف طوائفه وفئاته وتحت قيادة المرجعية الدينية العليا في النجف. لتظهر المعدن الأصيل للشعب العراقي ومواجهة العدة الحقيقي للبلد والشعب. لتبرهن على ان هذا الشعب يرفض الاحتلال أو السيطرة الأجنبية ، وهي الثورة التي هزت العرش البريطاني حيث حطم المكوار العراقي والأسلحة العراقية البسيطة كل الآت الحرب البريطانية الحديثة , حيث كانت مفتاح اعلان العراق كدولة تحت حكم النظام الملكي، بعد سنوات من سيطرة الاستعمار البريطاني عليه.
ولقد برهنت هذه الثورة المباركة وبفتوى المرجعية الرشيدة المعدن الأصيل لأبناء العراق في مواجهة عدوهم الحقيقي بعد سنوات قليلة من دخول القوات البريطانية للعراق وبعد هزيمة الدولة العثمانية وخسارتها الحرب العالمية الأولى.
لذا كان علينا لزاماً لأن نقف بأجلال واحترام الى الدور العظيم الذي قامت به المرجعية الرشيدة والتي كتبت بخطها المبارك اصدرت فتوى الجهاد المباركة في ثورة العشرين وافشلت بها كل خطط الاستكبار العالمي.
كما ان نقدر ونحني خشوعاً لتلك الدماء الزاكية التي سالت في ثورة العشؤين من أجل تحرير العراق ونيل سيادته.
ومن هنا كان للمرجعية الرشيدة دورها الرسالي الواعي والمهم في وتوضيح الأداء التكليفي للمؤمن وليس على مستوى المجتمع المسلم بل وعلى المجتمع الإنساني فكراً ووعياً ، وارشاد وسلوك ، والالتزام بالقيم الأخلاقية من خلال التوجيه والإرشاد وضمن تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وسيرة أهل البيت الطيبين الأطهار(سلام الله عليهم أجمعين)…ولهذا كانت المرجعية لها مكانتها وجلالها المحترم والمبارك ومن قبل كل أفراد المجتمع العراقي بالخصوص و وباقي الطوائف في مختلف أنحاء العالم ، وكانت الزعامة القيادية لها في التوجيه والإرشاد ولتكون بوصاية حكيمة تعمل على التفادي في الوقوع في الانحراف والزيغ والابتعاد عن التكاليف الشرعية لتضمن استقامة سير الشريعة الإسلامية على الطريق الصحيح ، ومفاهيم وأحكام القرآن.
وكما هو معروف فأن الدين الإسلامي هو رسالة سماوية وهي رسالة توحيد عقائدية ، وبالتالي فهو دولة بما هي قيادة وزعامة ، فيما يخص التشريع والنفيذ والقضاء وبكل مفاصل الحياة ـ ليفصل بين الناس وبين الحق والباطل…ومن هنا كانت حقيقة وجود المرجعيات الدينية الرشيدة والصالحة ، في أنها سلطة تنفيذ وتطبيق وقضاء ما هو في تشريعات الإسلام ، بما ينطوي عليه التشريع من ولادة نظام سياسي اجتماعي أصلح ينبثق منه يقود الحياة ، وبالتالي فولادة المرجعيات تكون خالصة نقية لتعبر عن عقيدة التوحيد الإلهي للرسالة السماوية ، والتي يتم تغذيتها من احكام ومفاهيم القرآن ، ، ولذلك فإن حراكها ( أي المرجعية الرشيدة الصالحة ) هو حراك عقيدي سياسي اجتماعي يقود الحياة بشراً ومؤسسات… وعلى هذا الأساس والمرتكز ، فإن الإسلام دين ودولة.
وهذا المفهوم للمرجعيات والدين الإسلامي هو عكس ما يدعيه ويتفقه به العلمانيون والمهرطقون من قبلهم ، والذين عبارة عن ابواق وصدى للأفكار الغربية والشرقية المستوردة من الغرب وهي أفكار عابثة وهادمة ومنافقة ومعادية مستوردة ،لأنهم يعتبرون في خزعبلاتهم في أن الإسلام عبارة عن ارتباط بين العبد وربه ضمن ارتباط متقوقع في الوجود والمكان ، وبالتالي فهو حالة موجودة في المساجد والجوامع والحسينيات ، وبالتالي فهو تصرف خاص بالإنسان خاص به كفرد ، ولا علاقة للإسلام كدين أن يكون له تأثير ودور في الحراك السياسي والنشاط الاجتماعي وكنظام حاكم يقود حياة الإنسان…
وقد القى هؤلاء من يدعون العلمانية في ان كل ما في الاحزاب المتأسلمة وما تقوم هو يعني الدين الإسلامي الحنيف ، مع العلم ليس كل من يدعي بالإسلام هو مسلم مؤمن حقيقي ويمثل الرسالة المحمدية النقية ، ومن هنا عملوا أن يتم تجريده من مزاولة أي نظام سياسي اجتماعي يقود حياة الإنسان ، ويدير أمور مؤسسات البلاد ، على ضوء ما يقوم به من سلوك الفرد السياسي الحاكم الذي يدعي الإسلام وينتمي له ، على ضوء ما قد فشل في التجربة السياسية حاكمية قيادة حياة ، لما كان فعل ذلك السياسي من سلوك وانحراف فردي ، لا يمت بأي شيء ووليجة الى الإسلام ؛ ولكن لمجرد أنه مسلم وتسجيل دين في هوية الأحوال المدنية والبطاقة الوطنية في حقل الديانة ، ويقولون (( هذا هو الإسلام …. )) ، وهذا السياسي المسلم المزعوم ديانةٍ هو فقط تسجيل في الهوية فقط ومنذ الولادة ، وهو لا علاقة كتطبيق له بالإسلام ديناً وعقيدةً وتشريعاً ومنهج في قيادة نظام سياسي واجتماعي يقوم على فكر وعقيدة الدين الحنيف ، فهو مجرد شخص شارك في العملية السياسية والحاكمية من أجل تقاسم الغنائم ومحاصصة مع باقي السياسيين والذين هم على نفس الشاكلة أو حتى غير مسلم ، وبلا السير على منهج الإسلام والحاكمية الإسلامية ” من تشريعات إلهية ، ونظام حكم إسلام ، ومفاهيم وأحكام القرآن ….. وكما يقول علماء أصول الفقه أنها《 سالبة بإنتفاء الموضوع 》، بمعنى لا إسلام في البين يحكم ، حتى يصدر بحقه حكم النجاح ، أو الفشل ، لما هو نظام سياسي اجتماعي لقيادة الحياة ومؤسسات الدولة ……. ؟؟؟ !!! ”
وهذا هو مايتلفظ به العابثون وما يقولون عن الإسلام في التمويه والتشويه والقذف بالباطل والغش والخداع والغدر وقلب الحقائق ، وهذا هو كله تمهيد السبيل لتطبيق أجندات العلمانيين ولمن يدعونها في تطبيق اجنداتهم المستعبدة للإنسان ، وتطبيق أيدولوجياتهم الكافرة والملحدة وفي التبشير للسير في طريق الالحاد وصبئنة عن الإسلام …. والصبئنة هي ترك الإسلام دين اعتقاد وإيمان ، وبالتالي التحول عن ديننا الحنيف وإلى دين أخر ، وبالتالي الدخول في الأيدولوجيات الدنيوية الغربية والشرقية الكافرة والمجرمة.
وما يحدث من أمور في وقتنا من البعثات التبشيرية للدين المسيحي وكذلك في التبشير في شعارات واعلام الى المثليين والعلاقات الشاذة وفي بلدنا وبلاد المسالمين باسم حرية التعبير والمساواة هو اكبر دليل مضاف الدعوة الى التعايش والتأخي وبالذات مع الكيان الصهيوني وكل الأمور الشاذة الأخرى والتي يرفضها ديننا الحنيف ولا يقبل لها.
والتي سوف نعرج في جزئنا القادم إن شاء الله عن ما يقوم هؤلاء الأدعياء من تسقيط للمراجع والقدوات وبث الكراهية لها ، وهذا الدور هو المكلف به من العلمانيين وباقي الفئات من قبل جهات خفية وخارجية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.