عبدالجبارنوري- السويد
المحور/أبحاث يسارية وأشتراكية
كتاب ” المخطوطات ” للعبقري كارل ماركس 1844 وهو دراسة في النقد الأقتصاد السياسي البرجوازي ترجمة ” محمد مستجير مصطفى ، يحتوي على مفاهيم حداثوية في الفلسفة والأقتصاد الرأسمالي البورجوازي ، يفضح بؤس العامل وشقائه وبيعه لقواه وجهده في النظام والأقتصاد البورجوازي الرأسمالي المتسيّد الطفيلي ذو النزعة الريعية والنفعية الجشعة ، والمخطوطات الأكثر شهرة حيث تُعدْ بمثابتة تراث رائع ودقيق في الأرث الفلسفي لتأريخ الأقتصاد السياسي لمن بعدهُ لأكمال المسيرة ، والمؤلف يعرض في مخطوطاته الثلاثة تفاصيل غاية في الدقة في سوسيولوجية الطبقة العاملة ، وثغرات العيوب في الأقتصاد والنظام البورجوازي .
وهو أول بحث ناقص وغير كامل لهذا العالم الأقتصادي العبقري ، فأخذ “معهد الماركسية اللينينية ” ترتيبه بدون المساس بأفكار المؤلف ، فقط وضع اللمسات الأخيرة في تخطيط ” المخطوطات ” حسب الترتيب الزمني على شكل ثلاث مخطوطات : أولها / تشمل ملاحظات ماركس في آراء الأقتصاديين البورجوازيين (والذي سوف أتحدث عن هذا الفصل بالذات بأسهاب لاحقا ) أما الثاني : للأسف لم يبقى منه سوى الصفحات الأربعة الأخيرة وتتناول الملكية الخاصة والعمل والملكية الخاصة والشيوعية ، وقوّة النقود في المجتمع البورجوازي ، والثالث يتناول : صفحات عديدة وواسعة في النقد الفلسفي ( الهيجلي ) والجدل المثارعليه .
وسيتمحوّرْ البحث حول مجمل المخطوطات وخصوصا المخطوطة الأولى التي تبيّن خسارات ومسلوبات الطبقة العاملة وأحتكار النظام الأقتصادي البورجوازي لها .
في كتاب (المخطوطات ) لكارل ماركس صفحاته الأولى ، يتحدث عن الواقع الأقتصادي “للعامل ” في ظل الأقتصاد السياسي البورجوازي
– يؤكد على أنسلاب العامل في المجتمع الرأسمالي ، وتحدث فلاسفة أقتصاديون في نفس الموضوع وبمسارات مغايرة بعض الشيء مثل(هيجل ) : الذي تحدث عن أنسلاب وعي الذات للشغيل العامل في المجتمع في النظام البورجوازي ، غير أن ( فيورباغ ) يتحدث : عن أنسلاب وغربة الأنسان المجرد غير التأريخي وغير الطبيعي — أما ماركس فيتحدث في المخطوطات عن أغتراب العامل أو أنسلابه أي تجريده حقهُ الطبيعي فهو يمزج أواصر كيمياوية وعناصر ديناميكية فلسفية في المضمون المستقبلي للطبقة العاملة كالصراع الطبقي وحتمية التأريخ والجدلية التأريخية ، ولتوضيح هذا المفهوم الماركسي الجديد وهو أن العامل مجبراً يمتلكهُ الرأسمالي جسداً وقوّة بحيث يمتص منهُ ناتج عمله ، ويخرجه من ( وسائل الأنتاج ) لأنها في حوزته أصلاً حسب النظام الذي يبدو كقوة غريبة مستعبدة ، وهنا يعلن ماركس حربهُ بنقدٍ دقيق ولاذع ومخيف للخصائص المميّزة للنظام الرأسمالي .
– أن ماركس ينتقد الأقتصاديين البزرجوازيين من وجهة نظر ( أشتراكية ) مبيناً التناقضات المتبادلة بين العمل ورأس المال ويعلن معادلته الفلسفية في عالم الأقتصاد السياسي { هو أنهُ كلما زاد أنتاج العامل من الثروة أزداد بؤساً وفقراً } .
– حيث يصبح أكثر فقراً كلما زادت الثروة التي ينتجها وكلما زاد أنتاجهُ من حيث القوّة والكم ، عندها يصبح العامل سلعة أرخص مما مضى كلما صنع المزيد من السلع ، وأن العامل لا يكسب بالضرورة حين يكسب الرأسمالي لكنه يخسر بالضرورة حين يخسر الرأسمالي .
– أنخفاض قيمة العالم الأنساني يزداد في علاقة مباشرة مع زيادة قيمة الأشياء ، نعم أذا تدهورت ثروة المجتمع فأن الذي يدفع فاتورة الغلاء والكساد والبطالة والبؤس هو العامل وعموم طبقته أكثر من الطبقات الأخرى .
– لا يخلق جهد العامل السلع فقط ، ولكنهُ ينتج أيضاً نفسهُ ويُخلقْ العامل كبضاعة وبنفس المعدل ،
– ويعلن في هذه المخطوطة حقيقة علمية دقيقة هي { أن الثورة نتيجة التطور الأقتصادي للرأسمالية } أي أن النظام الرأسمالي هو نفسهُ يقود إلى الثورة من باب أنعدام الرؤية لحقيقة حتمية التأريخ في التغيير ، وبالنهاية يبشر ماركس بأن هذا التناقض والعداء والفروق الطبقية تقود إلى تحرير العامل .
– في المخطوط الأول يتحدث عن الأجور حيث تتحقق من خلال الصراع التأريخي بين الرأسمال والعامل ، والرابح بالتأكيد هو الراسمالي الذي يستطيع أن يعيش بغير العامل ( أطول ) مما يستطيع العامل أن يعيش بغير الرأسمالي ، ولأن أتحاد أرباب العمل لتكوين الكارتلات مسموح ، بينما أتحاد العمال محظور ، يضيف ماركس في نفس المخطوط ، أن في العالم الرأسمالي البورجوازي تكون خيوط اللعبة في تحريك العامل بيد رب العمل الذي يغيير مسار اللعبة – بخبث – حيثما تتسارع الأرقام الريعية والنفعية ألى جيوبه حينها يكون العامل مجبرا على الخضوع ، وأن أرتفاع الأجور وزيادتها تدفع العامل ألى عبودية شهوة المال على حساب وقته وصحته البدنية ، وأحياناً كثيرة يزج بأبنائه وزوجته ألى أطول مدة عمل مضنية ، ولأن العامل لا يستطيع شراء كل شيء بل يجب بيع نفسه وآدميته وشخصيته الأنسانية ولا يبدو أكثر من مسخ مهان في خضم هذا العالم الأناني .
الخلاصة/ أن مخطوطات هذا العبقري في 1844 جاءت مساهمة جادة في نقد فلسفة الحقوق لدى ( هيجل ) وجدل فلسفته ككل ، والنقد الأيجابي الأنساني الطبيعي مع ( فيورباغ الفيلسوف الأقتصادي الألماني ) ومع الفلاسفة الأقتصاديين الآخرين في زمنه أصحاب (فلسفة المستقبل ) و ( قضايا عن أصلاح الفلسفة ) ، وحتى أنه نقد مقالا لأنجلز ( تخطيط لنقد
الأقتصاد السياسي ) ، وأن جميع هذه الآراء تحوي { ثورة نظرية حقيقية } وأكد ماركس في هذا النهج أبتعاده عن التبعية السلبية السفسطائية وبمعنى أوضح الصد عن ( اللاهوتي النقدي ) الذي يؤكد صفاء نقده ، حيث يقول في هذا الصدد : أن اللاهوتي النقدي شكل آخر غير ناضج للنقد لآنه خارج الذات ، وأن ماركس في كتابه المخطوط لموضوع أجتماعي خطير هو مزيج فلسفي وجدلي في العلاقة بين الأقتصاد السياسي والدولة والقانون والأخلاق والحياة المدنية وهذا هو موضوع الأنثروبولوجي الذي حركهُ الصراع الطبقي وأضطهاد العامل وأغتصاب جهدهِ وقوّته وطرده من وسائل الأنتاج التي هي بيد الرأسمالي ، وأثبت الفشل والحماقة للنظرية الرأسمالية البورجوازية ( نظرية مالثوس ) بتطوير القوى الأنتاجية للمجتمع .
المصادر / كتاب مخطوطات كارل ماركس – ترجمة محمد مستجير مصطفى / كتاب ثروة الأمم – لآدم سميث طبعة فريمان – المجلد الأول صفحات 50 ، 51 ، 60، 61 ، 71 ، 72 .
في السابع من آب 2016