المخرجات الكارثية للديون تؤدي للأفلاس !!!؟؟؟
*عبدالجبارنوري
توطئة : نبدأ بهذه المعلومة الصادمة { البرلمان العراقي يقرُّقانوناً يتيح للحكومة أقتراض 18 مليار دولار في 24 حزيران 2020} ، حين تفتح شهية الحكومة على الأقتراض لتغطية العجز المالي بالأتجاه إلى الأقتراض الخارجي وبالتأكيد أن الأقتراض يقود العراق إلى الأنهياروذلك لألتزاماته الكثيرة التي أبشعها : دفع رواتب 7 ملايين عراقي .
لقد وصل العراق في ديونه الخارجية إلى أكثر من 100 ترليون دينار عراقي بواقع 66 ترليون ديون داخلية و34 ترليون دينار خارجية ( نبيل المرسومي في محاضرة لأستاذ علم الأقتصاد في جامعة البصرة ) وتتوقع وزارة المالية في حكومة 2021: وصول الحجم العام للديون إلى 144 ترليون حتى نهاية 2021منها 102 ديون داخلية و42 ديون خارجية .
محاور البحث :
-الأزمات الأقتصادية العالمية
– الأسباب
– المعالجة
– الأزمات الأقتصادية Economic Crisis ، هي أحدى السمات الأساسية للنظام الرأسمالي ، وأستمر هذا النظام في تبني نموذج ( كينز) الأقتصادي كوسيلة مهمة في معالجة الأزمات الأقتصادية المتكررة منذُ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي وحتى نهاية عقد التسعينات والتي بدأت بأزمات أنتاج ثُمّ آلتْ إلى أزمات مالية في العقود الأخيرة ، وهي أزمات هيكلية نتيجة الطابع المتناقض والعميق للنمو الأقتصادي للنظام الرأسمالي الراهن ، وظهرت مؤشراتها في أقوى الدول أقتصاداً كالولايات المتحدة الأمريكية ، ثم أنتقلت إلى أوربا وثم إلى بقية العالم ، وبالحقيقة هذه الأزمات ليست بجديدة على النظام الرأسمالي لكنها تعد أصعب الأزمات بعد الحرب العالمية الثانية ، يمكن القول بأنها مركبة وشمولية الـتأثير ، بدأت واضحة في السبعينات الأقتصادي مثل: ( أزمة نظام النقد الدولي وأزمة الطاقة وأزمة التضخم الركودي وأزمة المديونية الخارجية (عن كتاب/الأزمات المالية العالمية- أيمان محمود عبد اللطيف ) انتهى.
وهنا بيت القصيد حيث كانت لهذه الهزات الأقتصادية العالمية أبعاداً وتداعيات خطيرة على النشاط اأقتصادي في جميع بلدان العالم ومنها العراق الذي هو جزء من المنظومة العالمية فأصبح ضمن فلك الدول الدائنة للأستدانة لفك الخناق المالي وتبرئة موقفها ، والذي ظهرعلى الأقتصاد العراقي اليوم بطالة مستشرية وعجز تجاري والعجز المتزايد في الموازنة العامة ، بتداعياتٍ أكثر خطورة وجدية بسبب الحرب االداخلية الشرسة التي خاضها ، لذا دخل الأقتصاد العراقي في ركود عميق أبتداءاً من سنة 2016 خصوصاً في ظل الأنخفاض الحاد في أسعار النفط والتقلبات المستمرّة لتلك الأسعار.
ديون العراق / تصنف ديون العراق إلى أربعة أقسام : الأول- ديون دول نادي باريس والثاني-ديون دول غير الأعضاء في نادي باريس والثالث- ديون الدائنين التجاريين والرابع ديون مجلس التعاون الخليجي ، أضافة إلى عقود المستشارين المحاسبين والقانونيين ، وأن مجموع ديون العراق حتى نهاية 2016 تبلغ 111ملياردولار ، منها الدين الخارجي 68 ملياردولار ومن ضمنه الدين الخليجي السعودي الذي هو 41 مليار دولار، وأن مجموع الدين الداخلي 43 مليار دولار يكون المجموع الأجمالي 111 مليار دولار، وبالحقيقة أن مديونية العراق كانت 140 مليار دولار في أتفاق لنادي باريس وخفضت الديون بنسبة 80% عام 2004 .
وأن 60% من أجمالي الديون المتبقية رُصد لها برنامج أمني لتسديدها ، وللعلم هذه الديون تتضمن ديون نادي باريس وخارج نادي باريس والدائنون التجاريون وصندوق النقد العربي واأقراض الجديد والدين الغير معالج وتعويضات الكويت ومتأخرات الشركات النفطية العالمية ومتأخرات أستيراد الطاقة بالأضافة ألى حوالات المزادات وقروض شركات التمويل الذاتي وحوالات تمويل العجز وقروض وزارة الكهرباء ، وهناك الكثير من الخبراء الأقتصاديين يقسمونها إلى (ديون سيادية) وهي الديون الخارجية المترتبة بذمة العراق ، وجميع ديون العراق قبل 2003 سموها ( الديون البغيضة ) لم يستفد منها الأقتصاد العراقي ، والحكمومة تطالب بألغائها ، وللمعلومة : أن التعامل مع صندوق النقد الدولي لهُ عيوبهُ ومحاذيرهُ تجاه الدول الدائنة منها تأثيراتها على طبقة الفقراء دون الأغنياء وتخفيض مواد البطاقة التموينية وزيادة الأنفاق الأستهلاكي .
الأسباب/
1-الهبوط الحاد المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية أذ تشكل الأيرادات النفطية أكثر من90% والعشرة الأخرى هي للرسوم والضرائب والمنافذ الحدودية ، وأن الأيرادات النفطية تسمى ( مالاً سهل الكسب ) والمشكلة المزمنة التأريخية في الأقتصاد العراقي أن الحكومات المتعاقبة فيها لم تتمكن الخروج من أحادية الأقتصاد العراقي بالأعتماد على أيرادات النفط فقط ، ولم تتخذ منهجاً علمياً في تبني تطبيقاً أشتراكياً مجرباً وناجحاً في بث الروح في الشركات المتوقفة عن الأنتاج وتطوير المرافق الأقتصادية الأخرى.
2- مديونيات النظام السابق في حرق مليارات من العملات الصعبة وكذا في زج العامل البشري في أتون هذه الحرب التي أكلت الآخضر فالأخضر ، وربما تعطيل أكثر من مليوني عراقي العمل بين القتل والأعاقة الجسدية والأمراض النفسية وأكثر من خمسة ملايين أنسان عراقي وقع ضحية الطرد المركزي ربما تهجير منافي أو تسفير .3
3- ملف الفساد الأداري والهدرالمالي واللصوصية والعشوائية وضياع أكثر من ترليون دولار منذ 2003 حيث أستلام القرار السياسي بما سموا أنفسهم بالمعارضة ، وللأسف أنهم مصابون بنقص فيتامين ( المواطنة والولاء والأنتماء لهذا الوطن المأكول مذموم ) ، وهذا الفساد أحياناً يحقق أغراضاً سياسية لأن الكثير من الأموال المسروقة وأرقامها الخيالية والمرعبة لا تتمُ فضحها وتمر إلى الصندوق الأسود –المفقود- حيث السكوت والصمت الأبدي ، وللحقيقة أن معايير السيطرة على أموال صندوق التنمية هي عرضة للتلاعب والهدر وسوء الأستخدام ، مثلا أكدت تقارير المفتش العام الأمريكي لشؤون أعادة الأعمار: (مجهولية 6-6 مليار دولار من أموال صندوق التنمية خضعت للشبهات والمجهولية منذ عام 2003 ، أضافة إلى الأنفاق الملياري الغير مبرر وغير مدروس وغير ممنهج من مخصصات الأيفادات والقرطاسية والمكتبية والتأثيث الباذخ لمكاتب صالات الرئاسات الثلاثة والوزارات ما دمنا نعاني العجز في الميزانية والرواتب الملونية الخيالية المرعبة والفضائيون ووووو!!!. .4
4- تكلفة الحرب الشرسة مع ما يسمى بتنظيم الدولة الأسلامية ، لا توجد أحصائية دقيقة لتكاليف الحرب إلى أن تقديرات من جهات رسمية وغير رسمية تتحدث عن 300 مليار دولار أمريكي وحسب أعتقادي أنه رقم غير مبالغ فيه لأن الرقم يشمل التسليح وتتضمن تكاليف الأضرار التي ألحقتها الحرب بالبنية التحتية وتكاليف توقف أنتاج النفط ورواتب قوى الأمن ورواتب المتطوعين في الحشد الشعبي والعشائري لذا أن هذا الرقم قابل للزيادة .
5-وأسباب عدم سداد هذه الديون يرجع إلى : ( عجز الدولة عن النهوض بصادراتها وخصوصا النفطية ، وعجزها عن تطوير أيرادات أخرى عدا النفط ، الحجم الكبير للأنفاق وعدم ترشيده ) ، علماً أن العراق سيقترض خلال 2017 نحو 7-17 مليار دولار حسبما ذُكرهذا القرض في الموازنة العامة للبلاد ، وهنا نتساءل عن قروض الأقليم الكردستاني والبالغة 40 مليار دولار وما أذا كانت ستدخل ضمن الدين العام للعراق !؟.
6- وأن معالجة الأنتاج الزراعي والصناعي (مشلولة ) لتعلقهما المباشر بالأزمة الكهربائية وأزمة الوقود المستديمة في العراق .
العلاج /
– مشكلة مديونيات العرق وبهذه الأرقام المرعبة ليست سهلة الحل خصوصا أمام الحكومة ملفات سياسية ساخنة مع الأقليم الكردي الذي ضمّ نفط كركوك الذي ربما يشارك في أنتاج الطاقة وتوريدها ، أضافة إلى وضع اليد على سهل نينوى والتي أثارت توجسات أقلياتها القومية والدينية والطائفية ، أضافة إلى تحركات مؤتمرات المناطق الغربية ومطالباتها التعجيزية في الأقلمة والولاء لكتلها وأنتماءاتها الفئوية ، وكذا في أختلافات أخوة كارامازوف (البيت الشيعي) المنقسم على كل هذه المطبات السياسية والأقتصادية والأجتماعية ، ولا أعتقد أن هناك عصاً سحرية تجعل من العراق جنة أحلام .
– المطلوب اليوم في ظل الأزمة النفطية التي يعيشها العالم والذي أنعكس على أنخفاض موازنة العراق لآبد أن يتم العمل على مشروع دولي عالمي على نمط مشروع ( مارشال ) لأعادة أعمار العراق وبناء ما خربهُ داعش ، وتعويض البلاد بالأضرار الكبيرة التي فاقت طاقتهُ .* يجب أن تكون هناك توجهات عراقية في مسك ملفات ديون العراق الخارجية والتفاوض الجدي مع الدول المانحة لأسقاط تلك الديون البغيضة والمتراكمة قبل 2003 لكونها أثقلت كاهل الميزانية المالية العراقية ، وأن أنهاء هذه الملفات الظالمة سينعكس أيجاباً على أقتصاد البلد لأنهُ يشجع الشركات الأجنبية على الأستثمار ، وتطوّرْ الأقتصاد المصرفي . *
– الأتجاه إلى الأستثمار الأجنبي المباشر في تحقيق التنمية الأقتصادية كما هو اليوم في الدول النامية والمتقدمة على حدٍ سواء بسبب أنهُ يدفع البلد إلى رفدهِ بمصادر التمويل والتكنلوجية المتقدمة ، ويعمل على تحفيز الأستثمار المحلي ، وخفض نسبة البطالة ، وتنمية الصناعات الأخرى . * ا
– لأستفادة من القروض وخصوصاً الأعتماد على البنك الدولي لكونه هو أكبر هيئة مالية في العالم . *
– معالجة مشكلة دوافع الهجرة لتنجنب آثارها السلبية بأعتبارها ظاهرة تعاني منها العديد من المجتمعات .*
– معالجة مشكلة غسيل الأموال التي تعدُ من أخطر الظواهر السلبية ذات التحديات التي تواجه الدول بسبب العولمة العصرنة الحضارية . *
– أنعاش مصادر الطاقة البديلة كأستثمار الطاقة الشمسية المتوفرة في العراق . * أ
– عتماد برنامج وخطة عمل للسلطة التنفيذية خلال الفترة المالية في دراسة منهجية علمية لمحاور الأقتصاد بفرعيه ( الجهد الأستثماري والجهد الأنفاقي ) لوضع أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية خطاً أحمراً بأن الوضع الأقتصادي حرج لكونهِ أستهلاكي يحتاج لمعالجة . * و
– الأعتماد على خطة أقتصادية ذات بعد أستراتيجي وبرنامج أقتصادي شامل وفق المؤشرات العالمية .*
– تفعيل القطاعات الأقتصادية الغير نفطية في حقول الصناعة والزراعة والسياحة ) *تفعيل دور القطاع الخاص والتي تعمل به الصين وهي دولة أشتراكية . أعادة النظر في النظام الضريبي والأستفادة من أيراداتها . *
– تحويل المؤسسات الحكومية الخاسرة لمؤسسات القطاع المختلط بدلاً من خيار الخصخصة المتبعة حالياً . * وأخيرا وليس آخراً:
– القضاء على الفساد الأداري والمالي بوضع برامج رقابية صارمة وفعالة تتولاها دولة مؤسسات في تفعيل ( ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة )
– تفعيل الجهد الأستثماري في أستثمار الغاز المحترق تأريخيا وأعطاء التحويل إلى شركات رصينة نموذج المستثمر الصيني .
مصادر البحث وبعض الهوامش
-كتاب الأزمات المالية العالمية-د-أيمان محمود
-مجلة الدراسات النقدية والمالية – البنك المركزي العراقي
– الدائرة الأفتصادية – وزارة المالية – جمهورية العراق
– جون كينز – النموذج الكينزي
– كارل ماركس – رأس المال
– آدم سميث – ثروة الأمم
كاتب وباحث أقتصادي عراقي مغترب
حزيران 2022