الليل والنهار والقلم
سَخِرَ النهار من الليل وحضر القلم رقيب عليهما ليدون ما دار بينهما.
قال النهار: أسود داكن.
فأجابه الليل: أما أنت فلا لون لك.
النهار: لوني أبيض ناصع.
الليل: لا لست بقرة ولا لبنا..
النهار: أنت ظلام دامس.
الليل : لكني سبات, أما أنت فضجيج وإزعاج.
النهار : أنا الشمس ونور يستضاء به من ظلامك (هو الذي جعل الشمس ضياء)
الليل : (والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب).
النهار : لكن (كالعرجون القديم).
الليل : أسرع من شمسك, يقطع دورته في شهر, أما هي فتقطعها في سنة.
النهار : شمسي أعظم من قمرك.
الليل : هو البدر وشمسك ساخنة وحاسمة في الصيف.
النهار: لتذيب الجليد والبرد في ليالي الشتاء.
الليل: أنا من يسهر معي الحالمون والكتاب والشعراء.
النهار: والبومة كذلك, ويضج بك الخدج والرضع بواكي.
الليل: يرهق بك العاملون والمسؤولون وينتظرون ساعة زوالك.
النهار: بزوالي ينتهي ضيائي ونشاطي وينذر ببداية الكسل والخمول بمقدمك.
الليل: بمقدمي يفطر الصائم ويرتوي من جوع وعطش آجالك المديدة. وصلاتي شرف الإنسان المؤمن.
النهار: إذن شمسي هي من تسبق قمرك.
الليل: بل تعقبه. (لا الشَّمْس يَنبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر).
النهار: (ولا الليل سابق النهار), إذن أنا من يسبقك.
الليل: (يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا).
النهار: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار).
الليل: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة).
النهار: أنا البصير وأنت الضرير.
الليل: أنا المسكن وأنت العراء. (وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا).
النهار: أنا النشور وأنت الموت (وهو الذي يتوفاكم بالليل).
ذلكما الحوار والشجار دغدغا حشرية القلم الرقيب.. فقاطعهما قائلا:
كفاكما شجارا.. لقد كممت لساني طويلا. حتى جف الحبر في جوفي. أنتما آيتان ونعمتان من الله, فاسمعا مني ما فاتكما من قوله تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون). صدق الله العلي العظيم.