رحيم الخالدي
كل العالم شاهد الفاجعة التي حلت في منطقة الكرادة، داخل محافظة بغداد، ولم يكن هذا الإعتداء الأخير وليس الأول، بل سبقه تفجيرات كثيرة، وإختلفت أعداد الضحايا، بإستثناء سبايكر فلها خصوصية وشرح لا يسع المكان لذكرها، والمستغرب في الأمر أن الدول التي بعث رسائل تعزية للعراق، ليست بعدد الدول التي بعثت لدولة فرنسا! مع العلم أن حادث فرنسا لا يشبه إعتداء الكرادة، ولم يكن سوى حادث مروري تم إجراءه بواسطة سيارة، وحادث الكرادة كان تفجير من نوع خاص، ولم يشبه التفجيرات السابقة، والضحايا التي ذكرتها وسائل الإعلام مع التفاوت بالأعداد، وصل لأكثر من ثلاث مائة شهيد أو أكثر من دون الجرحى .
كثير من المسؤولين العراقيين والسياسيين، بعثوا برسائل لفرنسا يعزونهم! ولم يكلفوا أنفسهم لزيارة المكان الذي جرى فيه إنفجار الكرادة، ولم يذهبوا لزيارة سرادق العزاء المنصوبة، ليست في الكرادة فحسب، بل في كل المحافظات التي إستنكرت الفعل الإرهابي الجبان، وهذا يدل على عدم إنتماء اؤلائك للعراق ولشعبه، الذي صعدوا على أكتافه، فقط من كلفوا أنفسهم بالذهاب لأهل الكرادة العراقيين الشرفاء، مهما كان منصبه أو قدره في المجتمع، وهذا الأمر يدفعنا للتساؤل، هل دماء الفرنسيين غالية جدا في الدساتير، يقابله رخص الدماء العراقية، أو في أي دستور تم إحتساب هذا الفرق ؟.
أجهزة الاستشعار التي يمكنها رصد السيارات أو أي شيء مفخخ، لم يتم تحريكها ووضعها في ألاماكن التي من الممكن أن يحصل فيها خرق، إلا بعد فوات الأوان! بينما كانت أجهزة “الآي دي” السيئة الصيت تستعملها كل السيطرات، مع علم الحكومة بعدم فاعليتها، ونشرت كل وسائل الإعلام وعلى رأسها الدولة المصنعة لذلك الجهاز الفاشل بريطانيا، أنها قد أخلت مسؤوليتها منه، وعاقبت الشخص الذي باعها مع علم الحكومة العراقية بأنه ليس لفحص السيارات المفخخة، بل للإشارة لكرات الغولف الضائعة، وهذا يخلي مسؤوليتها من الملاحقة القانونية في المحاكم الدولية، بينما وقفت الحكومة العراقية موقف لا نحسد عليه، في التغطية على كل الشخوص التي قامت باستيراده، على انه كاشف للمتفجرات! .
المحكمة الاتحادية ولجنة النزاهة، وطوال السنين الفائتة، مع وجود تقارير تثبت فشل الأجهزة المستوردة، والتي فاقت مبالغها بأضعاف مضاعفة أسعارها الأصلية، موقفها محير أزاء كل من تورط بهذه الصفقة المشبوهة ويجري بين الحين والآخر إخراج ملفاتها للعلن، ثم يتم التغطية عليه من دون حكم أو عقوبة! بحجم الدماء التي سالت من مخلفات ذلك الجهاز اللعين، ومن الواضح أنه سيتم تمييع هذا الملف، الذي لو طبق بحقه القانون العراقي، سيطال شخصيات كبيرة وكثيرة، وعليه هنالك خيارات كثيرة كلها تؤدي للإعدام، بحق كل من تورط بشراء هذا الجهاز، فهل سنرى في الأفق قرار يقضي بمحاسبة كل المتورطين ؟.
السعودية غطت على تفجير حادث الكرادة، بإحراق سيارة قرب الحرم، للفت الأنظار على إعتبار أنهم أيضاً مبتلين بالإرهاب! وتريد أن تعطي صورة خلاف ما يجري في الساحة، ونسيت أنها بفتاويها وتدفق المقاتلين منها ومن سائر الدول، وهؤلاء كلهم يتغذون بأموالها، التي عبرت كل التوقعات، ولم تسلم منها أي دولة، باستثناء الدول التي تسير بركبها! .
لو كانت كل الدول التي بعثت برسائل تعزية لفرنسا، قد بعثت للعراق، لكان هنالك رأي آخر، وهذا يثبت أن الدول التي لم تبعث رسائل التعزية للعراق، أمّا مشتركة في الجريمة! أو تمول الجماعات الإرهابية، التي تعبث بالمواطن العراقي والسوري واليماني، أو راضية ومؤيدة لتلك الأعمال، وهذا الأمر يقع على عاتق رئاسة الوزراء، ورئاسة الجمهورية، ووزارة الخارجية على وجه الخصوص، ويكون هنالك موقف من قبل الحكومة العراقية، في كل الأمور المرتبطة في الإستيراد والتصدير، والعلاقات، وكل ما يلزم في التعامل مع تلك الدول، وليكون لنا موقف مشرف في هذا الأمر .