حميد الموسوي

لمدينة الفلوجة الرمادية اللون والتوجه والامتداد خصائص دينية وعشائرية تم اغتصابها واستغلالها ابشع استغلال من اطراف عدة : استغلها الاقطاعيون لفرض سطوتهم وهيمنتهم وكل يدعي الامارة لنفسه وعشيرته ، استغلها الصداميون من بقايا السلطة البائدة جاعلين منها رأس حربة لاسقاط العملية السياسية تحقبقا لاضغاث حلم زائف بالعودة للتسلط على رقاب العراقيين ،استغلها سياسيو الصدفة تنفيذا لمآربهم الشخصية والفئوية والمناطقية ، استغلها شيوخ المساجد المتسترين بالدين زورا وبهتانا فاثاروا الفتن وغرسو في بسطاء الناس الاحقاد الطائفية ولغة الذبح والتدمير ، واغتصبها الارهابيون بعد ان سهلت لهم الجهات المار ذكرها تخادما مؤقتا للانقضاض على تجربة العراق الجديد .وكل الجهات الموتورة تلك ركبت ظهور الناس البسطاء ووجهتهم الوجهة الخاطئة واوردتهم شر المراعي في ثلاث محاولات بائسة يائسة جرت الخراب والدمار على الفلوجة واهلها البسطاء ولم يتضرر المسببون لهذه الكوارث ولم يتعرضو للعقاب ……
ومن هنا فان عملية تطهيرها واعادة الاستقرار لربوعها لا تتوقف عند العمليات العسكرية، ولا تعتمد على الجهد الحكومي والاوامر الرسمية للدولة. صحيح ان ردع مجاميع الارهاب الضالة من واجبات الحكومة كونها تملك القوة والسلاح والعدة والعدد لتجابه تلك العصابات بالاسلوب الذي تفهمه لكن هذا الرد يبقى اعرجا ما لم يكن مصحوبا بمساندة جماهير الفلوجة الحريصة على وحدة وطنها واستقرار مدينتها .
وحتى لو قضت العمليات العسكرية على تلك القطعان الارهابية ،والمجموعات الانتهازية المغرضة الخارجة عن القانون فما الذي يضمن عدم عودتها وتجدد نشاطها باسماء جديدة وعناوين مختلفة ما دامت الاموال والاسلحة تتدفق عبر الحدود، والقطعان المتشردة التي لفظتها دولها تجد من يؤويها ويسهل لها مهمة التخريب؟!.
فالامل معقود بمرجعيات الفلوجة الدينية الصحيحة والمرتبطة بالوقف السني وبشيوخ العشائر الاصلاء والسياسيين المخلصين للوقوف بحزم بوجه هذا الاعصار المدمر وذلك من خلال تنوير المجتمع الفلوجي وتحذيره من خطورة الانجرار وراء الافكار الهدامة الوافدة او السكوت على جرائم العصابات التكفيرية او التستر عليها فان ذلك يضر بمستقبل المدينة وابنائها ويتركها عرضة للتخلف والتأخر عن باقي مدن العراق التي ستشهد مشاريع عمرانية واستثمارية وفرص عمل واسعة.
ان تعاون جماهير الفلوجة وقياداتهم المختلفة سيعجل بالقضاء التام على آخر معاقل الارهاب واعادة الحياة الطبيعية الى المدينة واهلها والشروع بقيام الانشطة التجارية والصناعية والعمرانية وسير عجلة الاعمال ليعم النشاط الاقتصادي الذي يمثل عصب الحياة الكريمة. بينما يضيف التهاون والتردد والاعتماد على الحكومة مزيدا من المعاناة ومزيدا من الزمن المهدور ومزيدا من خسارة الارواح والاموال مع ان النتيجة الحتمية ستكون القضاء على الارهاب ودخول العراقيين جميعا في العملية الديمقراطية والعهد الجديد.