ما تزال وسائل الاعلام في فرنسا الى يومنا هذا تتحدث عن الهجوم الذي تعرض له أحد قطارات تاليس القادم من امستردام الى باريس، وما زالت التحليلات والتكهنات عن شخصية منفذها مستمرة، والندوات والطاولات المستديرة قائمة، وآراء السياسيين من الاحزاب ما بين اليميني واليساري واليميني المتتطرف متضاربة في كيفية التعامل مع هكذا حدث ، والاسباب التي دعت اليه، وكيفية تأمين وحماية القطارات بعد هذا اليوم المشؤوم .      

واذا تأمل المرء في كل ما تقوله وسائل الاعلام هنا ، سيجد ان كل ما يقال هو ثرثرة في ثرثرة ، وان كل ما يكتب هو مجرد هراء لاغير، وان فرنسا اضحت عاجزة عن التصدي للهجمات المستمرة التي باتت تخترق قلبها منذ بداية هذا العام، وانها قد لا تعي ما يحصل لها ولم تهتد بعد الى حلول لمنعها، فالهجمات الداخلية العشوائية هي اشد وطأة وتخويفا من الهجمات الخارجية، وفرنسا الآن باتت على لائحة الاهداف او بالاحرى هدف للجهاديين المتطرفين.

لنضع كل هذا جانبا ونمعن النظرفي ردة فعل الشعب الفرنسي تجاه ماحدث، يبدو انه أسف لما جرى ويخاف من المستقبل وهو في حالة غيظ وغضب ولايشعر بالامان ويتوقع ان يقع هجوم آخر في مكان ما في اي لحظة. لذا فالفرنسيون وفي مقدمتهم الرئيس فرانسوا هولاند كانوا من اوائل الذين كرموا الابطال الذين ردعوا مهاجمي القطاروحالوا دون تحقيق مآربهم .. وتم منحهم وسام الشرف ، والكل يفخر ويعتزبدورهم البطولي …

هؤلاء الابطال كما تصفهم وسائل الاعلام هم ثلاثة امريكيين وبريطاني، وأمريكي آخرجرح في الهجوم يبدوأنه استاذ في احدى الجامعات الفرنسية يرقد الآن في المستشفى اثر إصابتة بإطلاقات نارية. الامر الغريب الذي يبعث على التساؤل، لماذا لم يكن هنالك فرنسي من بين هؤلاء الابطال؟! الم يكن هناك فرنسيون على متن القطار ؟! ترى ماذا كان رد فعلهم ؟!

حول هذا الموضوع ، كتب الصحفي توني وانغ الذي يعمل في مجلة The Spectator مقالة بعنوان ” مرة اخرى، يعتمد الفرنسيون على الامريكيين والبريطانيين لحمايتهم من الفاشيين القتلة”، ويتابع في مقاله ” من حسن حظي انني لست فرنسيا، وإلا لكانت رجولتي اصيبت بوصمة عار مما حدث في القطارالذي يربط امستردام بباريس، وما حدث كان اشبه بمعركة أجينكور*، فلدى اكتشاف شخص مسلح، اختبأ الفرنسيون تحت المقاعد دون اي رد فعل، اما موظفوالقطار الفرنسيون، فما ان عرفوا بالموضوع حتى هرعوا الى غرفة سرية آمنة داخل القطار للاختباء، وعلى الرغم من كل هذا، فالشعب الفرنسي لم يكن مرتبكا أو خجلا ابدا خلال مراسيم تكريم الامريكيين والانكليزي، وان غرورهم لم يتزعزع، هؤلاء الفرنسييون ليسو إلا ثلة من الاوغاد…”.

ومن خلال ما رايناه وعشناه، اعتقد ان الامريكان معتادون على هكذا وضع ولكن الفرنسييون لم يعتادواعليه، الفرنسيون مشهورون بحبهم لوطنهم وغرورهم وتعصبهم، ولكن ليس لديهم الحس البطولي الذي لدى الامريكيين، وهذا واضح من خلال افلامهم وربما هي نتاج التربية في امريكا . يقول العالم النفسي بوستن هيرالد بعد احداث قطار تاليس”نحن نعيش اليوم في عصر يجب ان يكون لنا رأي فيما يحدث، وكما نحن معرضون أيضا لهذه المشكلات يجب ان يكون لدينا رد فعل تجاهها ، وعلينا ايقاظ البطل الذي ينام فينا” ..     مجلة / صوت الاخر- اربيل  

*- معركة جرت بين الفرنسيين والانكليز عام 1415 رغم تفوق الفرنسيين عددا وعدة الا انهم خسروا المعركة ..