ألفرق بين أهل الحقّ و الباطل!؟
كنت في إيران أيام المعارضة صُحفيّاً و كاتبا و باحثاً و مبلّغاً و ممثلاً لـ و إلى الأسرى العراقيين الذين بلغ عددهم 100 ألف أسير, كنت أقوم بخدمتهم و أكرمهم و أثقفهم و أعلّمهم الدِّين و و العلم و أصول الحياة , لان صدام الجاهل و حزب البعث علّمهم على القتل و القنص و العنف و الغيبة و النفاق و التجسس و كتابة التقارير و هذا حال كل الشعب العراقي تقريبا بمن فيهم المعممين في الحوزة و الاكاديمييون للأسف.
حاولت أن أخلق لهم جوا من الأخوة و الهدوء بتوفير ما أمكن من وسائل الرياضة و الفن و الطب و إحياء المناسبات و المسابقات و الحفلات المختلفة و غيرها .. في إحدى الحفلات بمناسبة مولد الرسول(ص) كما الكثير من الأحتفلات التي كانت تقام في معسكرات الاسر كفرص للترفيه عنهم لبعدهم عن أهلهم و ذويهم و أبنائهم, كنت أشاركهم بكلمة توجيهيّة أو ثقافية عادة .. و صادف في أحدى الأحتفالات أن ألقى شخص لم يكن من التوابين قصيدة – ففي كل معسكر كان هناك توابون و غير توابين – وصادف أن شارك شخص أتذكر كان لقبه الوائلي من البصرة ولا أذكر إسمه الصغير .. فألقى قصيدة رائعة لأني كنت قد أعطيت الحرية للجميع خصوصا في مجال التعبير عن الرأي و البحث و الأدب بل كنت أحب أياً كان لو يناقش أو يناقشني بآلذات بأدب و دليل بعيدا ًعن التكفير و الفوضوية و العنتكيات و للآن ..
أ تذكر كان الشاعر (الوائلي) لعله حيّ الآن من أهل البصرة, و ألقى قصيدة قوية للغاية مسّ بها بعض الشخصيات الأسلامية تلميحاً و إنتقد بشكل مبطن الذين بنظره خانوا الوطن و لم يعرفوا قدره .. على كل حال إغتاظ التوابون و جاؤوا لي متعصبين وقالوا:
يجب أن نقتص من هذا الوائلي لو تسمح لنا يا حاج أبو محمد لأنه أساء الأدب!؟
قلت لهم: و كيف تقتصون منه و هو لم يؤذي أحداً سوى أنه عرض رأيه و موقفه من خلال قصيدة جميلة عجبتني حقاً خصوصا و أنها تحث على الوطنية و عدم نسيان الوطن, فبأي حق تحاسبوه و تقتصوا منه؟
قالوا لا يجوز له أن يتعدى هكذا و هو ضيف و عليه أن يرتقي لمستوى المسلم الملتزم !؟
قلت لهم هو حرٌّ .. ألأسلام لا يأمر بذلك .. ولو كان يأمر .. فمآ آلفرق إذن بيننا و بين البعثيين الذين قتلوا و نهبوا و سلبوا و ظلموا المعارضين لهم لكونهم لم يوافقوهم في الرأي؟
قالوا طيب يا حاج .. ماذا نفعل به؟
قلتُ لهم : أمامكم خياران:
إما أن تُردّوا على قصيدته بقصيدة أقوى تدحضون رأيه .. أو بعبارة أصح تعلوا فيها قيمكم عن قيمه و رأيه فنكون نحن الفائزون و هو و من معه من آلخاسرين!
أو نتركه كما هو فهو حرّ و هذا هو حكم الأسلام !؟
و بآلفعل هيأ له أحد الأخوة التوابين قصيدة و إسمه على ما أذكر كان( أبو تمام البصري) وكان في لجنة التوابين .. حيث أحضر قصيدة قويّة تجاوز فيه الوطن و حدود العشيرة و اللغة إلى الفضاء الأنساني كله و حتى الكوني وألقاها في مناسبة أخرى تالية و إنبهر الجميع منها , و كان سبباً لقبول الكثير من المعاندين اللحوق و الأنضمام للتوابيين حتى جهزنا منهم جيشاً فيما بعد .. أدّبوا البعثيين و جيش صدام الجبان على جبهات الحرب ككربلاء الخامسة و أهوار مجنون و الفاو و غيرها.
و الآن لا أدري بأيّ حقّ و شرع يهجم قوات الشرطة و الأمن ألعراقية و مليشيا بعض الأحزاب على المتظاهرين العزل و يقتلون كل مثقف و شاعر و إعلامي بارز منهم و بدم بارد .. كالشاعر و الأعلامي صفاء ألسّراي الذي إستشهد لكونه ألقى قصيدة و عبّر فيها عن رأيه في المتظاهرين العزل..!!
فهل هذا من الأسلام أم من الوطنية أم من الأنسانية أم من الشهامة !؟
ثم أ لا تنسوا بأن هذه الأعمال سيفسح المجال لمجيئ البعثيين و بقوة هذه المرة بسبب فشل الإئتلافيين المتحاصصين في مواجهة منطق و مطالب المتظاهرين!؟
أين الوعي ؟ أين الثقافة ؟ أين حرية الرأي؟ أين الشيعية التي تنادون بها؟
حكمة كونية: [إذا عجزت على الصمود أمام الرأي الآخر فعليك البحث عن عقيدة أخرى].
ألعارف ألحكيم عزيز الخزرجي