طيب رجب أردوغان يتربع على عرش الأخيار بعد هذا الفوز التاريخي؛ وبات يشكل نموذجا حيا وناجحا لكل الشعوب العربية والإسلامية ، و الشاهد أنه لا بديل عن التداول السلمي للسلطة، بعيدا عن الحروب والقتل، وهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، فصناديق الاقتراع هي الحكم، وهي من تحمي البلاد ومقدراتها وقياداتها؛ وليس القتل والتعذيب في السجون وملؤها بالمعارضين.
وعقب معرفة النتائج النهائية توجه رئيس الوزراء الى مسجد ايوب سلطان في اسطنبول لاداء الصلاة كما كان يفعل السلاطين العثمانيون قبل اعتلائهم عرش السلطنة العثمانية كما عرضت قنوات التلفزيون التركية.
وقال اردوغان امام الآلاف من انصاره الذين تجمعوا امام المسجد “اشكر كل الذين عملوا على تحقيق هذه النتيجة” مضيفا “ليكن الله في عوننا في هذا الطريق”.
و تلقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان رسالة من الجمعية اليهوية الامريكية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، مما ورد في الرسالة، أن اردوغان اصبح من اشد زعماء العالم معاداة لإسرائيل وطلبت إليه إعادة الجائزة التي منحت له عام 2004 على خلفية ما سمته الجمعية حينها الدور الذي يلعبه اردوغان في سبيل صناعة السلام في الشرق الأوسط حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. و ذكرت الرسالة ما قالت أنه بعض ما ورد على لسان اردوغان ضد اسرائيل: كقوله بأنها تجاوزت هتلر بربرية من خلال أفعالها في غزة. في رده إلى جاك روسن رئيس الجمعية قال السفير التركي في واشنطن السيد: سردار كيليش أن من دواعي سرور رئيس الوزراء التركي إعادة الجائزة. وفي رسالة نشرها مكتب رئيس الوزراء التركي ورد أن غياب هذه الجائرزة لن يمنع اردوغان من الوقوف ضد الارهاب والعمل على الوصول إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أسس عادلة، و لن يمنعه من صيانة ومراعاة كامل حقوق المجتمع اليهودي التركي.
في المحصلة والنتيجة النهائية؛ يشكل فوز أردوغان الباهر؛ دعما للثورة السورية المترنحة و لغزة المقاومة؛ حيث أن أردوغان يشكل الآن شوكة وغصة كبيرة في حلق الظلمة؛ على مختلف مشاربهم و انتماءاتهم.
لو خيرت الشعوب العربية المظلومة؛ وأتيح لها أن تختار ممثليها وقياداتها؛ لاختارت دون تردد من هم أمثال أردوغان؛ فمعارضوه ليسوا في السجون؛ ويناصر المظلومين؛ ولذلك هو ينطلق ويتقدم ويزدهر، ولا ينسى المضطهدين حتى يرفع الظلم الواقع عليهم، ومعه كل الأخيار والشرفاء في العالم.
تتبعت ما كتب في الصحف و مواقع التواصل الإجتماعي و المدونات حول فوز اردوقان الساحق برئاسة تركيا و لمست فرحة شعب غزة ؛ بفوزه ؛ ولاحظت أنها فرحة صادقة؛ نابعة من القلب إلى القلب؛ وكانت فرحة الفوز بأردوغان لا تقل بين السوريين الذين اختضنتهم تركيا و بالمقابل هناك من شكك و نشر الشائعات و هاجم ارذوقان و وصفه بكل ما في القاموس من كلمات نابية و خاصة الإعلام المصري و الصهيوني و العربي المتصهين.
و نقول كيف لا تفرح غزة بأردوغان؛ و كيف لا تفرح الجالية السورية في مخيمات الضيافة في تركيا وقد خصهما بخطاب فوزه؛ ولم تنسه فرحة الفوز الإشادة بغزة و القدس و رام الله وحلب و حمص وصمود اهلها؛ كيف لا يفرح المظلوم بأردوغان؛ وهو من شكل حلفا لمناصرة المظلومين في كل مكان.
يرى العديد من قادة الثورة السورية أنه ليس المطلوب من تركيا أن تحارب عن السوريين، ويكفي الاحتفاظ بموقفها المتقدم بخطوات كبيرة على دول عربية، ولو كان مواقف الدول العربية كموقف تركيا؛ لتغيرت معادلة الصراع المسلح لصالح الثورة السورية بدرجات كبيرة، ولما تجرأ ” بشار ” على الإستمرار بهذه الحرب القذرة.
و كذلك لا تريد غزة ومقاومتها من أردوغان أن يسير الجيوش لتحرير فلسطين؛ بل تريد منه مواصلة دعمها سياسيا واقتصاديا و إنسانيا وعلى مختلف المستويات؛ على شاكلة علاج الجرحى ومساكن جاهزة لمن هدمت منازلهم، ومواصلة تسيير القوافل لكسر حصار غزة….
يكفي الفلسطينيين والسوريين أن يجدوا من يساندهم ويقف إلى جانبهم ويشد من عزمهم في مرحلة حرجة من حربهم غير المتكافئة؛ بعدما اكتفى إخوتهم في العروبة بالفرجة، وتركوهم وحيدين في الميدان؛ يقارعون آلة حرب المجرمين و قاتلي الأطفال و النساء و المسنين.
ما الذي يدفع أردوغان لنصرة غزة؛ في الوقت الذي تخلى عنها جيرانها ؟! أنها المعاني الإنسانية الراقية؛ فعندما تتغلب الكرامة والعزة على حسابات الربح المادي، فإن القائد والدولة تحيى بهدوء وطمأنينة، وهي أثمن بدرجات كبيرة من الحسابات المادية، وعندما تتغلب كرامة دولة وعزتها على حسابات الربح والخسارة؛ فعندها حق لها أن تسود ويعلو شأنها ين الأمم والشعوب.
أردوغان احترم شعبه وشعبه احترمه؛ ولذلك عندما يناصر غزة و مدن سوريا الثائرة فان غالبية الشعب التركي معه؛ ووقتها يسير دون الالتفات للخلف بخطى واثقة وثابتة، ويخوض الأهوال ويتخذ القرارات الجريئة على نار هادئة، وبشكل علمي، والتي تتبعها قرارات أكثر جرأة لصالح شعبه و لصالح المظلومين بغزة و سوريا.
كثير هم من يعدون ويسمون أنفسهم زعماء وقيادات؛ ولكن قلة قليلة من القيادات يذكرها التاريخ بخير؛ تشكل أنموذجاً يحتذى به، ويشار لها بالبنان، ومن بينها القائد رجب طيب أردوغان الذي سيسجل التاريخ أنه ناصر المظلومين بكل قوة متاحة له.
كيف فاز أردوغان؟! وكيف لا يفوز أصلا؟! فهو قد حقق مطالب شعبه بالعيش الكريم واحترام الذات، والقوة والانطلاق للأمام؛ وحول دولته من مدانة إلى دائنة، وناصر المظلومين