نحن لم نعد بحاجة الى العقل.. ربما نضعه للزينة، بينما نحتكم الى الغريزة التي تحركنا وتدفعنا الى إتخاذ المواقف وسلوك طرق غير معتادة. الوجدان يتحرك سلبا، والعقل يتوقف عن الحركة ويتراجع في المسيرة.
لماذا يحتكم الناس الى غرائزهم وينفوا عقولهم ويعطلونها على الدوام؟ يبدو إن المجتمع الإنساني لايستطيع إلا أن يتماشى مع السرعة في التحولات المادية التي ترغب بها المجتمعات البشرية. ولاتنفصل نظرة البعض الى المادة بوصفها نقودا أو بوصفها سلوكا او شعورا غرائزيا يحدد سلوك الفرد، فهناك من يستغل منصبه لتحقيق مكاسب مادية له ولعائلته، أو يستخدم نفوذه لإحداث فساد في المجتنع أو لتأكيد حضوره وسطوته على الناس. وهناك من يستغل كل ذلك لإشباع غريزته الى المال والجنس والجاه والسمعة.
العالم لم يعد منساقا الى الطبيعة الساكنة، لم يعد الأفق محدودا كالسابق،لم يعد الناس يفكرون بمديات قصيرة، الأفق إتسع كثيرا. والتحولات المادية والتكنلوجيا وتسارع الخطى الى المستقبل والتفكير بصناعة التقنيات الحديثة سحبت الناس ليكونوا أسارى التطور، وماتفرضه تلك التقنيات على حياتهم وسلوكهم وعلاقاتهم الإجتماعية، فقد تفككت الأسر بسبب الفيس بوك والأنترنت ووسائل الإتصال الحديثة التي جعلت الناس منفصلين عن بعضهم، وحولتهم الى أشخاص رقميين لايتصلون ببعضهم عن طريق المكاشفة والمواجهة والعلاقة المباشرة، ويكتفون بالعيش في عوالم إفتراضية باهتة لاقيمة حقيقية لها تمارس دور الإلهاء والتغييب الفكري والخدر وتعزل الإنسان عن محيطه الواقعي ليعيش حال الإفتراض الكامل.
الشهوة الى المال والجنس عوامل تضعف المجتمع وتلغي المنافسة، وتدفع الى سلوك منحرف رويدا ودون شعور في بعض الأحيان نتيجة تغييب الوعي والتحول الى عالم الإفتراض، وهناك الكثير من الناس من يرغب في تحقيق رغبات بسيطة، ولايعود له القدرة على التحدي فيفشل وينكسر ولايؤثر في مسيرة الحياة، ويكون همه في تحقيق غرائزه ورغباته الدونية المنحطة.
نحن ننتهي الى ضياع وعمى وضبابية في التفكير والشعور. نحن نتغابى لنتحول الى أغبياء فيما بعد.