جاكلين سوفاج المرأة الفرنسية التي قتلت زوجها بعد ” ” 47 عاما من العنف الزوجي المتواصل واضطرت في النهاية الى قتله بمسدس حكم عليها بـالسجن ” 10 ” سنوات ، صدر عنها عفو رئاسي وقعه الرئيس الفرنسي هولاند إستجابة لطلب تقدمت به بناتها وطلبات المجتمع السياسي اليساري ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة بمنحها العفو الرئاسي الذي يعتبر حقا استثنائيا يتمتع به الرئيس منذ العهود الملكية الفرنسية.
أثار هذا العفو ضجة في فرنسا كون ان هنالك الكثير من النساء اللواتي كن في نفس موقف جاكلين سوفاج واللواتي يقضين حكمهن في السجن لسنوات عديدة ، لذا ينبغي مراجعة القانون الخاص بالعنف الزوجي، خصوصا وان هناك قضية كان يجب ان يتم الحكم فيها بعد اربعة ايام من صدورالعفو العام والتي كانت مشابهة بشكل كبير لقضية جاكلين سوفاج. وعليه فان هنالك ثلاث نقاط يجب اثارتها والتي من شأنها تغيير القانون الفرنسي .
أولا – التمتع بحق الدفاع عن النفس المتأخر
في فرنسا، اذا تم الاعتداء على شخص ما، فإن له الحق في الدفاع عن نفسه على شريطة ان يتناسب اسلوب الدفاع مع اسلوب الهجوم، بمعنى آخرأن القانون الفرنسي ومهما كانت الاسباب لا يجيز القتل العمد كحق من حقوق الدفاع عن النفس الذي قد يؤخذه القانون بنظر الاعتبار. وفي قضية جاكلين سوفاج لم يتم اعتبار قضيتها دفاعا عن النفس، كون الضحية لم تقم برد الفعل في الوقت نفسه، حيث ان زوجها ايقظها من النوم في وقت سابق من خلال سحبها من شعرها، ولكنها أقدمت على قتله لاحقا بإطلاق عدة رصاصات على ظهره عندما كان جالسا في حديقة البيت يتمتع بإحتساء الخمر .
ثانيا – تشريعات اقل صرامة
يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار القوانين المشرعة في الدول الاخرى في مجال الدفاع عن النفس من خلال القتل اوالعنف الزوجي والتي هي أكثر مرونة ،، ففي كندا لكل شخص الحق في الدفاع عن نفسه عندما تجتمع ثلاثة شروط . أ- عندما يكون هنالك اعتداء غير قانوني او اعتداء غير مشروع . ب – وجود احساس معقول بالخوف من موت محقق أو التعرض لاصابات بدنية خطيرة . ج – هو الشعور بعدم الخروج من حالة العنف الزوجي الا بالقتل. وهذا القانون يأخذ بنظر الاعتبار الحالة النفسية للضحية او المعتدى عليها كون الشعور هنا هو امر مهم جدا.
ثالثا – أعراض المرأة المعنفة
تتعرض سنويا في البلاد اكثر من ” 216 000″ إمرأة تترواح اعمارهن ما بين ” 18 و 75″ سنة الى العنف الجسدي او الجنسي من قبل شركائهن الحاليين او السابقين، 14 بالمائة منهن فقط يقدمن شكوى الى دوائر الشرطة، وهذا الرقم ليس شاهدا على التأثير النفسي المتكرر على ضحايا العنف. لذلك ومن خلال هذا النوع من التصرف الغير سوي، اعتبرت كندا هذه الحالة مرض وسمته ” اعراض المرأة المعنفة ” التي تأخذ بنظر الاعتبار الحالة النفسية والذهنية للمرأة التي تعرضت للاعتداء من قبل شريكها، لانها عندما تتعرض للاعتداءات المتكررة تكون قابليتها النفسية للحكم على الموضوع ضئيلة جدا وبالتالي لا تستطيع تقديم شكوى على هذا الاساس .
وفي النهاية، عند التحدث عن هكذا مواضيع، فهو بدون شك محاولة لإضفاء الشرعية على الدفاع عن النفس من قبل الزوجات او النساء المعنفات وهي في الحقيقة ليس رخصة للقتل. فالحالة يجب ان يتم تشخيصها من قبل خبير، الذي يجب ان يوضح للمحكمة لاحقا لماذا كانت المرأة غير قادرة على ترك العلاقة مع شريكها قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها. وهذا يقتضي دراسة حالة النساء المعنفات وفق معايير محددة مثل فترة العنف، وطبيعتها، وحالتهن السايكولوجية جراء الاعتداء…الخ.” وهي الطريقة الوحيدة التي من اجلها يجب أعادة تشريع قانون جديد يأخذ بنظر الاعتبار قضايا النساء اللاتي هن من ضحايا العنف المنزلي ويعيد اليهن كرامتهن وإنصافهن من الظلم .