عقيل مكي
العملاق الاسيوي في الصين مليار واربعمائة مليون نسمه موزعين على 23 مقاطعه و4 مناطق ربط مركزي و5 مناطق حكم ذاتي و2 منطقة حكم خاص هي هونك كونك ومكاو … لكن هذا البلد بنسمته الكبيره ومساحته الشاسعه لم يحل دون نهضه اقتصاديه بدأت عام 1958 في ظل حكم الأب الروحي للصين (ماو تسي تونغ) عندما اطلق خطة القفزة الكبيرة إلى الأمام وانتهجت الصين في ذلك الوقت نهج التكامل الصناعي اي تصنيع ماتحتاجه الصين داخل البلاد دون استيراد اي شيء من الخارج بل انها فرضت رسوم كمركية وضرائب عالية على الاستيرادات من الخارج وبالتالي فان المستورد لهذه المنتجات سيقوم برفع اسعار البضائع لغرض تحقيق الربح المنشود وتحميل عبء الضريبه على المستهلك العادي … لذا فالمواطن الصيني قد تخير بين المنتوج المحلي رخيص الثمن وبين المنتوج المستورد غالي الثمن وبالطبع كان الاختيار يصب في مصلحة المنتوج المحلي رخيص الثمن كونه منتج بأيدي عامله كثيفة ترضى بالحد الادنى للاجور وحتى ان الصين صدرت للعالم الخارجي وبدات صناعات هذا العملاق الاسيوي الكبير باحتلال الاسواق العالمية بمنتجاته واتباع سياسة اغراق الاسواق العالمية بمنتجاته رخيصة الثمن والتي اكتسحت الأسواق العالمية بسرعه نظرا لرخص ثمنها وملائمتها لمختلف الطبقات الغنية منها والمتوسطة والفقيرة … كما إن الحكومة الصينية لجأت إلى القوانين الصارمة بغية تنظيم العمل الإنتاجي فلجأت إلى الاشتراط على كبريات الشركات العالمية كشركة آبل الامريكية وسامسونج الكورية في مجال صناعة الجوالات وشركة مارسيدس الألمانية شرطت على هذه الشركات ((التي فضلت السوق الصينية لغرض الاستثمار (investment) فيها نظرا لرخص الأيدي العاملة في الصين وكونها سوق واعده بمزيد من الأرباح لهذه الشركات نظراً لضخامة السوق الصينية )) .. نسبة تشغيل كاملة للعمالة الصينية فيها وبالتالي حدت الصين من البطالة بهذه الطريقة … يذكر أن الصين لا تمنح الاقامه لغير الصينيين إلا لطلبة الدراسات وهولاء إقامتهم محدودة فقط خلال مدة الدراسة … وتمنحها أيضا لأصحاب الاختصاصات العلمية النادرة بغية الاستفادة من عقولها في ميادين تخصصها … يذكر إن الصين في عام 1978 أصبحت أسرع اقتصادات العالم نموًا حيث أصبحت أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع. كما يعد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من حيث الناتج المحلي الاجمالي الاسمي فضلاً عن تعادل القوه الشرائية, يذكر أن سبب نجاح الصين (الذين ينتقدهم البعض كونهم غير مسلمين) يعود إلى الاهتمام بأمرين مهمين للغاية وهما 1. العمل 2. النظام …. فالمواطن الصيني هدفه العمل بإخلاص لوطنه وسعياً لنمو اقتصادي إذ تحقق الصين نمو اقتصادي سنوي يصل إلى 6% وأحياناً 12% وهو نمو اقتصادي هائل بالمعايير ألاقتصاديه المعتمدة دوليا .. والنظام يسير عليه المواطن الصيني كما تسير الساعة فمن يتجاوز إشارة المرور يتعرض للاعتقال لمدة 15 دقيقه يعطى خلالها دروس في تعليم إرشادات المرور وهذا إن حدث .. فالمواطن الصيني مثال للنظام ولديه احترام كبير له فحتى إن لم يكن هناك شرطي مرور أو كاميرات للمراقبة فهو أهل للنظام والنظام أهل له … لنتعلم من هؤلاء الذين لايملكون مقدرات كمقدراتنا واقصد بها بلداننا في الشرق الأوسط والذين للأسف فاقونا بأزمنة وعصور فقد كنا ولا زلنا شعوباً استهلاكية بالدرجة الأولى رغم المؤهلات التي نمتلكها من ناحية المادة الاوليه والخبرات والأيدي العاملة .. الخ والتي تؤهلنا لاحتلال مكانة متقدمة في مجال التصنيع (لا ضير إذا استعنا بخبرات أجنبيه) لكن لنضع لاستعانتا بها سقفاً زمنياً يوصلنا في نهاية الطريق إلى الاعتماد على أنفسنا فلا يتفوق علينا الصيني أو غيره بمقومات تجعله يفوقنا ذكاءً وإبداعاً .. بالعكس فقد كان لأجدادنا العلماء العرب قدم السبق في عديد المجالات التي الطبية منها والثقافية والاقتصادية على العديد من دول العالم في الوقت الذي كانت تعيش فيه الصين أوقات حروب بين مقاطعاتها, فضلاً عما شهده هذا البلد قبل وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ونهاية الاستعمار الياباني على أراضيها . إلا أنها استطاعت خلال مدة الخمسين سنه الماضي أن تنهض باقتصادها الى مصاف الاقتصاديات المتقدمة عالمياً ولم تعرقل هذه النهضة تعداد سكانها الذي فاق المليار نسمه بل على العكس فقد جعلت من هذا الأمر مصدر قوه لا ضعف .. لنستفد من هذه التجربة الرائدة عالياً ولنحاول تطبيقها في بلدننا العربية كجزء من رد الجميل الذي في عنقنا لبداننا حفظها الله واعزها دوما وأبداً .