د. حسين احمد السرحان/مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

 

العشائر في العراق عمق النسيج الاجتماعي وتشكل العشائرية أبرز ركيزة اجتماعية تميز المجتمع العراقي عن غيره، لاسيما مع تمحور افراد العشائر حول عشائرهم لقناعتهم بان الاعراف العشائرية وحدها القادر على اخذ حقهم من خصومهم سواء من داخل العشيرة او من خارجها.

 وهذا ما يعجز عنه قانون الدولة بسبب الضعف في التطبيق وضعف سيطرة المؤسسات الامنية على اقليم الدولة بشمولية.

 لذا رأى البعض من برلمانيين وغيرهم ان الاعراف والسنينية العشائرية تطورت الى مستويات خطيرة وتتجه الى انماط لا يحمد عقباها ولابد من ان تتسق تلك الاعراف مع القوانين النافذة. ولأجل ذلك طُرح قانون العشائر في مجلس النواب وجرى قراءته قراءة اولى مما اثار موجة اعتراضات من قبل جهات اجتماعية ومدنية واعلامية، مطالبين رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بسحب القانون من مجلس النواب العراقي لما يمثله من ضرر على سيادة القانون.

طرح القانون بهذا التوقيت من قبل بعض النواب ولجنة شؤون العشائر العراقية جاء للجم الصراعات المسلحة لبعض العشائر في بعض المحافظات الجنوبية لاسيما محافظة البصرة وكذلك محافظة ديالى خلال الاشهر القليلة الماضية بهدف اعلاء كلمة القانون على السنينة او العرف العشائري حسب رأي بعض البرلمانيين. واسندوا تقديم مشروع قانون العشائر الى المادة (45/ثانيا) من الدستور الدائم لعام 2005.

ان مفهوم العشائرية التي طرحها مشروع القانون تشكل تآكل لمدنية الدولة العراقية ذات الاساسات والبنى التحتية الضعيفة اصلا، وان هذا المفهوم يُخرج العشائر من معناها الاجتماعي الديموغرافي الى معنى سياسي وستكون العشائر تركيبات اجتماعية اخرى وأنها لم تُمثل في هذه الكيانات.

وفي حال تمريره ستبرز مشاكل ونزاعات عشائرية بسبب صراع الزعماء على رئاسة العشيرة والقبيلة. وهذا الامر يعد زلزال يهدد ما تبقى من كيان الدولة المدنية في العراق، المخرج لأغلب مشاكل العراق هو تعزيز التعايش والسلم الاهلي؛ لأنها تضم كل مكونات الشعب على اسس المواطنة واحترام القانون والعدالة الاجتماعية.

والتركيز على اهمية تناسق السياسات التشريعية للبرلمان العراقي وفق رؤية واضحة لبناء الدولة العراقية وبما يدعم السياسات العامة للحكومة، وتكامل الاطر التشريعية، وتعزيز مؤسسات انفاذ القانون، والسير قدما بنهج العدالة الاجتماعية، أكثر اهمية لاسيما وان البلاد على ابواب مرحلة جديدة تتطلب ذلك.