تقطع السعودية علاقاتها بإيران، وتؤيدها في ذلك دول عربية عدة من بينها التي في الخليج، بينما تلزم أخرى الصمت وتدعو غيرها الى الترو والهدوء في التعامل مع الأحداث لتلافي جر المنطقة الى صدام غير محمود العواقب بعد أن أعدمت الرياض الشيخ الشيعي الثائر نمر باقر النمر بدعوى التحريض على العنف مع مجموعة من المتهمين بجرائم مختلفة، ويبدو أن الرياض أرادت أن توصل رسالة قوية ومؤثرة حين جعلت رجل دين يستخدم الخطب العالية الى جانب مجموعة من القتلة والسراق والفوضويين، وأعلنت صراحة أنها لاتتردد في فعل مايؤمن وضعها الدولي والإقليمي وأن تمنع تقويض جهودها في محاربة الإرهاب والتطرف ومواجهة التحديات التي تحيط بها سواء كان ذلك في اليمن أو العراق أو سوريا وحتى البحرين ولبنان في ظل صدام ظاهر مع إيران لايمكن أن ينتهي دون أن يؤثر في مسار الشرق الأوسط برمته طالما إنه مرتبط بحراك القوميات والطوائف والصراعات الدولية التي تغذيها مصالح واشنطن وموسكو، ومايفرضه وجود إسرائيل التي لها أن تعيش وتدوم على حساب العرب والمسلمين وحتى المسيحيين المنافسين لها على المقدسات في فلسطين.

العرس الوحشي الذي تفرضه العلاقة المعقدة بين السعوديين والإيرانيين على العالم الإسلامي ويجب أن يحتفل به العرب والمسلمون بلاأدنى ممانعة يفترض جملة تحديات وقوانين مواجهة مختلفة مع الإنتقال المريع من حال الحرب الباردة بين العرب والمسلمين أنفسهم والغرب واليهود وصراع الحضارات الأشد قسوة الى واقع مختلف لارحمة فيه ويستدعي كل أساليب القوة والرغبة في التنكيل بالآخر وقهره وتركيعه مهما كان الثمن، ولعل حربي اليمن وسوريا تشهدان على نوع التحدي، فالروس والأمريكيون والسعوديون والإيرانيون ومعهما حلفاء على كلا الجانبين لم يوقفوا الحرب، ولم يؤثر كل الدمار والموت والخراب والهجرة والنزوح وعوامل الرعب والصدمة في موقف لهذه الدول لكي توقف الحرب ولو لساعات وتنهي رحلة الفناء البشري التي جمعت شعوب في المنطقة وحولتها الى مجموعات بشرية مهيأة للسحق والنهاية في كل لحظة.

ليس الأمر متصلا بإعدام الشيخ نمر النمر وحسب ليكون مدعاة لتوتر غير مسبوق في العلاقة بين طهران والرياض، لكن ماحصل فجر كل عوامل التصعيد التي إرتبطت بالأحداث في المنطقة، ونوع المنافسة السائدة، والخلاف المذهبي العميق بين السنة والشيعة والذي غذته تطورات الصدام العنيف على المستوى الفكري والعقائدي، وحتى المواجهة المسلحة والحروب بالوكالة في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغيرها من مناطق التوتر الديني في العالم التي تشهد سباقا محموما بين إيران والسعودية، وتطلبت جهدا ووقتا وتضحيات وأموالا أنفقت لتحقيق مكاسب على الأرض ومحاولة ترك الآخر في الخلف والوصول الى الغاية في وقت ملائم.

عرس وحشي سندفع ثمنه وسنكون فاعلين فيه شئنا أم أبينا، ولابد أن نتحمل التبعات فقد إرتضينا أن نكون ضمن معسكرين يستعدان للحرب.