سنوقف عقارب الساعة ليعود بنا الزمن الى الماضي ومفاجآته التي جعلت حفة الرمل الموجودة في اسفل الفاو ان تصبح دولة ، يروي لنا كتاب التاريخ ان اسرة من البدو ( العتوب ) التي وجدت لنفسها مكانا في صحراء الرمال الصفراء على خارطة الضابط البريطاني ( برسي كوكس ) لتصبح بؤرة التآمر على العراق وشعبه عبر عصور طويلة ، بدو العتوب او اسرة الصباح تقاتل أبنائها على ما يزيد او يقل عن عشرين ليرة عثمانية ، هذه الليرات تحولت فيما بعد الى قصور فارهة واطنان من الذهب لتمتلئ بها الخزائن من سيل البترول المغروس في باطن رمالها ، هذه الأموال والقصور لم تغير في نفوسهم المريضة العقد النفسية التي توارثوها على مر الأجيال ،خاصة بعد ان اطلق المستعمر البريطاني عنان هذه الاسرة التي كانت تابعة لميناء البصرة لتكون فيما بعد ما يعرف بـ ( الامارة ) والتي بقيت مصغره على السنة كل من ينطق بها حتى بعد ان اختارت اسما لها مشتق من اسم المدينة العراقية ( الكوت ) لتعرف فيما بعد . بالكويت ، ولكي تظهر لنا العقد النفسية الموروثة من اسلافهم ، كتبوا اسم ( دولة الكويت ) على لوحات سيارتهم في سابقة تاريخية لم يعتد عليها أي نظام مروري في العالم . لانهم على يقين لا يقبل الشك غير قادرين ان يتعايشوا مع العالم الا بنضرة التصغير التي أصبحت تاج عقدهم ، لذلك هم على استعداد ان يفعلوا أي شيء مقابل ان لا يكون هناك عراق على وجه الأرض ، لان نخيل العراق وذرات رمله ومياه دجلة والفرات تسبب لهؤلاء المرضى الاوجاع وتقض مضاجعهم وتفقه عيونهم وترعبهم ، فما الذي على العراق ان يفعله حتى يهدأ احفاد ال ( العتوب ) هل نطلب من فتيان اهل البصرة ان لا يتسلقوا نخيل بساتينهم وينظروا الى مدن الكويت حتى لا تبدو لهم كأنها ميكانو لعب الأطفال ، ام نقول لساستكم ان قلوب العراقيين لم يعد يتحملوا منكم صراخا اكثر ، وان الذين يشربون كؤوساً من رحيق الورد ويبنون قصوراً من ذهب ، ويتغنون بعذابات العراقيين ومواجعهم وسرطاناتهم ، عليهم أن يعلموا إن العراقيّ ما زال يكظم في صدره صبر أيوب . أمّا إذا نفذ صبره وحان وقت الحساب . فإنه ، بصرف النظر عن موقف حكومته ، سيكسر الكؤوس فوق الرؤوس ! واعلموا جيدا بأنه لم يعد في قوس الصبر من منزع ، وعلى الجميع ان يعلم بانه ، ما من عرب يتمسكون بعروبتهم، ويقدسون انتماءهم القومي مثل اهل العراق ، لكن اذا كانت العروبة تسمح بتطاول الاقزام على القمم ،وترضى بان يقتطع الجار العربي اجزاءا من جسد شقيقه استصغارا واستضعافا وضغينة ، فإن العروبة سيكون لها معنى آخر غير المعنى الذي تعلمناه وتربينا عليه ، لأننا أصبحنا امام معركة حياة أو موت لبلد يئن بالمواجع والفواجع منها المتراكم ومنها المستحدث أو المجلوب إليه ، فمن لصوص نهبوه وفسدة سرقوه واخرون يحاولون الآن ان يحرقوه بنيران الفتنة ، الى ثعابين تخرج من الجحور لتلدغ بغفلة من امرها غير مكترثة من وجود من يستطيع ان يفصل رؤوسها العفنة ويقدمها اطباقا على موائد الخونة والمتآمرين ، واخر تحيتنا .. السلام على من يحملون لنا السلام ، ولا سلام على من يغرز في اجسادنا خنجر الثأر والكراهية .